يتعاقب الحكام في الأمم، ولابد للناس من أمير بر أوفاجر، وما قدمه الإمام علي عليه السلام، نموذج عملي فريد في الحكم الإسلامي، بعد عصر الرسول صلى الله عليه واله وسلم، وقد قرن ذلك بنظرية كاملة منسجمة الأبعاد والجوانب، تمثلت في كتابه وعهده المعروف لمالك الأشتر، حين ولاه مصر، وقد اهتم الاجتماعيون بهذا العهد شرحآ وتبينآ ومقارنة بأنظمة الحكم الاخرى، وقول علي عليه واله السلام، أعقل الملوك من ساس نفسه للرعية بما يسقط عنه حجتها، وساس الرعية بما تثبت حجته عليها ،لهذا يعتبر كتابه لمالك الأشتر نظاما إداريآ جامعآ، كان يستفيد منه حتى أعداؤه، فكانت دولته تتصف بالمعاني والبنود الأساسية في إقامة الدولة العادلة منها:-
١. إقامة الحدود ، وقوله عليه السلام: إقامة الحدود على مستحقيها .
٢. توفير الفئ : قال : أحسن الملوك حالا من حسن عيش الناس في عيشه ، فأما حقكم علي فالنصحية لكم وتوفير فيئكم عليكم .
٣. تربية المجتمع : قوله ، وتعليمكم كي لاتجهلوا ، وتأديبكم كيما تعلموا .
٤.الدفاع عن استقلال وكرامة الأمة: قال : واعاده ثغورهم وأطراف بلادهم .
٥.توفير الأمن الداخلي : قال عليه السلام: لابد للناس من أمير بر أوفاجر ، يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ، ويبلغ الله فيها الاجل ،ويجمع به الفئ ،ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل .
٦. نصرة المستضعفين: قال : ويؤخذ للضعيف من القوي حتى يستريح بر ويستراح من فاجر
٧. إغاثة الملهوفين : قال : زكاة السلطان إغاثة الملهوف .
٨. الاهتمام بالعمران : قال : فضيلة السلطان عمارة البلدان .
كل هذه وغيرها من قواعد بناء الدولة العادلة في أي زمان ومكان ، أين نحن منها اليوم في ظل حكومات تعاقبت علينا؟ كل ما نشاهده خلاف كل البنود أعلاه، حيث لانجد واحدة من هذه الامتيازات، بل نرى العكس، هل هذه حكومة العدل الذي يتبجحون بها من هم يحسبون على الملوك والأمراء في بلادي ؟ الذي أصبح يفتقد لكل مقومات البناء والتطور ، وفي ظل ميزانية خارقة من النفط والأموال، ولكن ؟ لا تجد ابسط وسائل الراحة والخدمات.
أصبحت المستشفيات تفتقد إلى ابسط شئ وهو ( ماء مقطر ) الذي يستعمل بمزج بعض العلاجات، يرسل المريض لشراء هذه المادة البسيطة، رغم ما تجبى الأموال من المراجع دون جدوى من توفير العلاجات له، اذا أين نحن من علي عليه السلام!
لذا على كل من يتصارع على تسلم الحكم عليه أن يراجع بنود وقواعد حكومة علي عليه واله السلام اولا، حتى يتعلم منها كيفية التعامل بين الحاكم والمحكوم، وكيفية تقديم مايمكن تقديمه للشعب، وأن يحكم بالحق الذي قال فيه علي عليه واله السلام: من اتخذ الحق لجامآ اتخذه الناس أمامآ.