تفسر القانون المخالف للمبدأ الدستوري ،الشعب مصدر السلطات
جاءت دعوى المقاطعين للانتخابات النيابية لسنة 2018 أمام المحكمة الاتحادية العليا بعدم تصديق نتائج الانتخابات لأزمة مارستها السلطة القضائية الأعلى في مؤسسات الدولة الاتحادية ,عندما قامت برد الدعوى بشكل استفزازي وغير مسؤول وبررت ذلك بعدم توجه الخصومة ,حيث نعلم ان تمسك المحكمة بالخصومة وهو من النظام العام يكون في القضاء العادية بين مدعي ومدعى عليه أو طلب دين ولكن عندما يكون هذا الطلب لحق شعبي او حق أمة فأن مبررات رد الدعوى يجب ان تكون خاضعة لجهة تفسير محايدة والتروي والانتظار لتطبيق الدستور، وليس التلاعب بنصوص القانون , حيث جاء دفع وكيل المدعى عليه بعبارة مبتسرة من نص قانون المرافعات المادة (4) الشق الاول فقط ولم يكمل بقية النص الذي هو يدخل ضمن الاختصاص الوظيفي للمحكمة الاتحادية العليا شكلاً ومضموناً .
وشكلت الدعوى المقامة أمام المحكمة الاتحادية العليا بالرقم 86/اتحادية / 2018 والذي صادف موعد نظرها يوم الاحد موعداً للمرافعة بتاريخ 27/5/2018 , بعد أن قدمنا للمحكمة ادلة واثباتات وكتب تبين أن الانتخابات النيابية الاخيرة كانت غير قانونية ومخالفة لمواد الدستور ,بسبب حجم التزوير الواضح والدليل الغاء نتائج الانتخابات في 1022 محطة أي يعني 12% من حجم الانتخابات والتي أذا صدقنا رواية المفوضية المستقلة للانتخابات بــ (44.52)% واذا اطلعنا على تقارير المنظمات غير الحكومية وتقارير الكيانات السياسية المشاركة كانت النسبة لا تتعدى 19،32% من المحدثة بياناتهم ووفق تقرير مسرب من جهاز المراقبة الملكية البريطانية للانتخابات العراقية , أذا المشكلة كانت سياسية وحزبية ومحاصصة اثارها حجم التزوير في التصويت الخارجي والتصويت الخاص وتصويت محافظة كركوك والنسبة المعلنة من قبل مفوضية الانتخابات وهي 44.52%من مجموع المشاركين وهي نسبة غير دقيقة أو حقيقية، أذ كانت النسبة لا تتعدى 16% حتى قبل ساعتين من موعد غلق صناديق الاقتراع في عموم محافظات العراق . وقد فاجئت النسبة المعلنة من قبل المفوضية خيبة أمل كبيرة للمقاطعين من الشعب العراقي .
تم تأسيس دعوى المقاطعين على ما تملكه المحكمة من حق في التصديق على نتائج الانتخابات بموجب احكام الدستور ولوجود شكاوى بحدود 1436 شكوى وأكثر من 33 شكوى حمراء ، وكثير من الطعون التي فاقت النسبة المقبولة في الانتخابات وكذلك الغاء أكثر من 1021 محطة انتخابية ، جاء قرار المفوضية المستقلة للانتخابات بالعدد (3374) في 18/5/2018 ,بعدم الموافقة على اجراء عد وفرز يدوي لأوراق الاقتراع لمجموع (5%) من المحطات والمراكز للتصويت العام والخاص في المحافظات . وهذا القرار من قبل المفوضية جاء على ضوء صدور أمر أداري بالعدد 3488بتاريخ 22/5/2018 اتلاف لمواد الاقتراع الخاصة بالانتخابات الاخيرة لمجلس النواب العراقي , بعد ذلك جاء قرار رئيس مجلس الوزراء من المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء بتشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس ديوان الرقابة المالية وعضوية كل من رئيس هيئة النزاهة ورئيس جهاز الأمن الوطني ومستشارية الأمن الوطني ورئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي ورئيس اللجنة الأمنية العليا للانتخابات . على أن تقدم اللجنة توصياتها الى مجلس الوزراء ومجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية العليا والهيئة القضائية للانتخابات واتخاذ الاجراءات المناسبة كل حسب اختصاصه . والذي فاجئ الجميع تصريح رئيس المفوضين بان الغاء نتائج الانتخابات سوف تشعل حرب اهلية ،وكأن المفوضية ناطق سياسي باسم الاحزاب التي جاءت النتائج بصالحهم ورغبتهم دون رغبة الشعب العراقي المقاطع لهذه الانتخابات ، الذي يهمنا هو قرار المحكمة الاتحادية العليا أنها امام دعوى خاصة ، بعد اطلاعها على كثير من الادلة التي هي دفوع في الدعوى يمكن التحقيق بها بعد أن شابها تزوير واضح وتغير كامل بنتائجها ،وجاءت ضد رغبة الشعب العراقي ,وكيف تتعامل مع هذه الحقائق والارقام والالية .
مثلت الطلبات التي جاءت في الدعوى والتي تتضمن أدخال رئيس الجمهورية /أضافة لوظيفته كشخص ثالث في الدعوى باعتباره حامي وراعي الدستور العراقي، وكان المدعين يأملون بأنصافهم وأخذ المحكمة بعدم التصديق على هذه النتائج الاخيرة والتي هي تزوير لإرادة الشعب العراقي والانتخابات لم تمثل أرادة حرة مستقلة وانما تسيس لحرية وحقوق الشعب الذي اختار طريق الديمقراطية وطريق الاقتراع السري العام المباشرة عبر مؤسساته الدستورية المادة ( 5 ) من الدستور . قدم وكيل المدعين لائحة جوابية تفصيلية على لائحة وكيل المدعى عليه /أضافة لوظيفته بخصوص الاختصاص ولكن وكيل المدعى عليه لم يقدم أي شيء غير التمسك بالمادة (4)من قانون المرافعات المفسرة من قبل الدعي عليه بالذات وكذلك تقديم لائحة توضيحية بالخروقات وحالات التزوير والشهادات وتقديم الطلبات التكميلية التي هي أساس وجوهر الدعوى باعتبار المحكمة هي اعلى محكمة تنظر بأهم واخطر دعوى و تصديق أو عدم تصديق لنتائج الانتخابات التي لم تنظرها وتحججت بالشكلية .
المحكمة تمسكت بدفعها عن طريق وكيل المدعى عليه وهو رئيس المحكمة الاتحادية العليا السيد مدحت المحمود الذي يمتلك الصفة المادية والمعنوية بحكم القانون المنظم وبموجب أحكام الدستور، وقد جاء تعليل رفض الخصومة بعد التمسك وكيل المدعى عليه بالمادة (4) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل ، والمدعى عليه هو احد شراح هذه المادة القانونية ,وطلبنا من المحكمة انتداب خبراء في الفقه الدستوري لتفسير مواد الدستور التي تخص حق امتلاك التصديق من عدمه والذي يخص المادة 93 /الفقرة (السابعة ) من الدستور ولكن المحكمة رفضت ذلك بدون أن تعطي مبرر او سبب مقنع ،كذلك طلبنا من المحكمة انتظار الشكوى المقدمة من 100 نائب في البرلمان العراقي المقدمة الى الأمم المتحدة ولم تستجب المحكمة وكذلك رد الأمم المتحدة على الرسالة التي ارسلها مجموعة (المقاطعون) للانتخابات وهم جزء من هذه الدعوى ,ولكن المحكمة كذلك ردت الطلب وجاء ردها لقطع الطريق على اي اليات او احتجاجات غرضها وقف او ابطال او الغاء لنتائج الانتخابات وهي حتى لم تنتظر نتيجة التوصيات التي اوجبتها اللجنة العليا من قبل رئيس الوزراء ،فكانت ردود الافعال التي نعتقد أنها كانت المحكمة غير موفقة فيها وهذا تضيق على الحقوق العامة لان الانتخابات هي ممارسة ديمقراطية يمارسها المواطن ويستعمل حقه بها وفق الدستور بالسلب او الايجاب وعلى المؤسسات الاتحادية ان تأخذ بنظر الاعتبار الحقوق العامة ومن ضمنها حق الانتخاب وهو حق مقدسة وغير قابل للمصادرة او الاستلاب الشخصي او المؤسسي ،فاصبح قرار المحكمة ملزم وبات لكافة السلطات الاتحادية المادة (94)من الدستور ،ولكنها أغفلت حقوق الشعب العراقي الذي هو مصدر هذه السلطة ومصدر السلطات .
جاء رد المتحدث باسم المحكمة الاتحادية العليا اياس الساموك, بتاريخ 27/5/2018, رد دعوى الزام المحكمة العليا بعدم المصادقة على نتائج الانتخابات بحجة وجود خروق . وقال المتحدث الرسمي للمحكمة اياس الساموك أن (( المحكمة الاتحادية العليا عقدت جلستها اليوم بتاريخ (27/5/2018 ) ونظرت دعوى أنصبت على الخروقات الانتخابية التي رافقت عملية انتخابات عضوية مجلس النواب التي جرت يوم 125/2018 ،حيث طلب المدعى عليه رئيس المحكمة الاتحادية العليا/اضافة لوظيفته ،بعدم التصديق على نتائج تلك الانتخابات وفق نص المادة (93/ سابعاً)من الدستور .
أخيراً ان هذه الدعوى التي اقيمت من قبل المدعين وهم المقاطعين للعملية الانتخابية ولم يحتجوا بقانون الانتخابات رقم 45 لسنة 2013 أو قانون رقم 11 لسنة 2007 المعدل بخصوص الطعون لان المقاطعين كانوا ولا يزالون هم مواطنون لا ينتمون لفئة حزبية او كتلوية غير انهم مصدر السلطة وأن المفوضية غير دستورية بشكلها الحالي وقامت وبشكل غير سليم بتطبيق القانون المخالف للدستور ، والدعوى التي ردت هي اول دعوى وطنية سياسية بمفهوم الحقوق العامة ومثلت حقوق كل الشعب العراقي بعدم التصديق على نتائج الانتخابات ، ولكن حقوق الشعب العراقي اصطدمت بشخصنة المنصب في تفسر القانون المخالف للمبدأ الدستوري، الشعب مصدر السلطات . باعتراف الجميع كانت عملية الانتخابات مشبوهة ومشوهة مثلت فيها ارادة الناخب المصوت والناخب المقاطع أكبر عملية تزوير واحتيال على أرادة الشعب وسرقة أصواته وحقه وهي اباحة لفلسفة الديمقراطية المرهوبة بنظام الحكم الجدد .