23 نوفمبر، 2024 12:35 ص
Search
Close this search box.

سد إليسو التركي.. فلا تلوموا تركيا وايران ولوموا أنفسكم

سد إليسو التركي.. فلا تلوموا تركيا وايران ولوموا أنفسكم

الكثيرون منا يلقي اللوم على تركيا وإيران في أزمة شحة المياه في الرافدين، دجلة والفرات، والتي كان آخرها سد إليسو في تركيا الذي بدأ العمل بتخزين المياه في بحيرته هذه الأيام مما تسبب بشحة جريان الماء في دجلة الخير. وقد عملت إيران كذلك بتحويل الكثير من الأنهار التي تصب في شطوط العراق وإعادة مجاريها الى داخل ايران للإستفادة منها في التنمية الاقتصادية. فهذا هو ديدن الأمم التي تفكر في تنميتها الاقتصادية وتخطط وتعمل وتنفذ وتقوم بما تتطلبه استراتيجياتها الوطنية والقومية. أما نحن فنتباكى كالأطفال بطريقة بائسة مثيرة للشفقة بأن الآخرين هم من قطعوا المياه عن الرافدين على حين غرة، وكأننا لا نعلم بما يجري ما وراء الحدود وقد فِـقنا تواً من نومنا كأصحاب أهل الكهف من بعد حين.
فشحة المياه هي مسألة قائمة في منطقة الشرق الأوسط منذ عقود، وكثير ما كتب عنها وقامت دراسات علمية كثيرة حولها ووضعت حولها استراتيجيات مصيرية لتجاوز أزماتها وتقليل آثارها والسيطرة على نتائجها. حتى أنه قيل بأن الحروب القادمة ستكون حروب حول توزيع المياه وليس حول السيطرة على مصادر الطاقة. ولكننا كالنعامة وضعنا رؤوسنا في التراب حتى نتجاوز الأزمة، وكأننا مصداق الآية : لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون. فسد إليسو قد أجريت دراسة إقامته في عام 1954 وأضيف إلى الخطة الوطنية لإقامته في عام 1997 ، ووضع الحجر الأساس لهذا السد في 5 آب 2006 وبدأت أعمال الإنشاء الأولى منذ ذلك الحين وقد تم إنجازه بالكامل هذا العام، وعليه لا يمكننا أن نتوقع أن تركيا بعد أن وضعت تلك الخطط وأنجزت التصاميم وقامت بالجهود وإتخذت القرارات وصرفت المليارات أن تكف عن تخزين المياه في بحيرته لأنه يضر بمصلحة العراق. فهدف الحكومة التركية، أياً كانت علمانية أم إسلامية، عسكرية أو مدنية، هي العمل لصيانة وحماية وتعظيم مصالح تركيا والشعب التركي والدفع بإتجاه التنمية الاقتصادية في تركيا، وليس في العراق. ونفس الشيء ينطبق على إيران، فهي تعمل لمصالح ايران وشعبها. فسؤال (المليون دولار) الكبير هو ماذا عملنا نحن من أجل مصالح العراق؟
كم هي الزيارات والايفادات واللقاءات والدعوات والمفاوضات التي جرت مع تركيا وايران منذ عام 2003 ولحد الآن، وهل كان موضوعها الرئيس والأساس هو حفظ حقوق العراق المائية ونسبة المياه وجودتها في رافديه؟ أم كان هذا الموضوع لم يناله الحظ في كل هذا التواصل (الحميم) مع الجارتين! اللوم يقع علينا في عدم التخطيط والعمل بما يجب لهذا الحدث الهام والمصيري والمهم لحياة الشعب العراقي وتنميته الاقتصادية (الزراعية والصناعية) بل ولأصل الحياة واستمراريتها على ربوع وادي الرافدين. إن أول ما يتحمل هذه المأساة هم جميع من تولوا المسؤولية في وزارة المواراد المائية منذ عام 2003، فهذا يدخل ضمن خانة “القيام بالخيانة العظمى” ضد الشعب والوطن وعدم تأدية الواجب والقيام بالمسؤولية. لا أن يخرج علينا وزير الموارد المائية ليصرح بأنه قد “حذر” سابقاً من خطر هذا الأمر على العراق. الوزير منصب تنفيذي، والوزارة هي جهاز تنفيذي ضمن السلطة التنفيذية، وعليها أن تقوم بواجبها ومهامها ومسؤولياتها. فجميع من تولوا تلك المناصب في الوزارة منذ 2003 يتحملون المسؤولية المباشرة من شحة المياه في الرافدين وليستا تركيا وإيران. فالتحذير هو واجب الإعلام، أما الوزارة فمهمتها إعداد الخطط وتنفيذها لتجاوز الأخطار والأزمات بما يخدم الوطن والشعب. فليس من واجب الوزير التحذير، وليس من مهام الوزارة التنبيه، ولكن التنفيذ التنفيذ التنفيذ.!!! أو كما تقول الآية: فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون.

أحدث المقالات

أحدث المقالات