ما حدث مع متظاهري الفلوجة يوم الجمعة 25/1/2013 من صدام مسلح انتهى بقتل وإصابة عدد من شباب الانبار –بغض النظر عن المسبب- كان متوقعا وقد سمعه المالكي شخصيا حينما نصحته جهات قريبة جدا منه ومن المرجعية الدينية، حيث قالوا له بالحرف الواحد “إياك السماح بان يكون الرصاص هو الفيصل بينك وبين المتظاهرين، وإذا استمر وجود القوات الاتحادية بدلا من المحلية في الفلوجة فسوف يحدث الصدام لا محالة”.
رصاصة الفلوجة هي بداية النهاية التي سوف تنتهي بأحد السيناريوهات التي أعلنها المالكي في لقاءاته الأخيرة (الحرب الأهلية أو التقسيم)، والظاهر أن عناده في عدم حلحلة الأزمة سياسيا والدفع نحو التصعيد عبر عباراته المستفزة.. مخطط لها ضمن مسارات سياسية خاصة.
في مقال سابق هنا.. اشرنا بالتحديد إلى (إستراتيجية خلق الأزمات لدى المالكي)، والتي أفضت إلى ما وصل عليه الحال اليوم من طريق مسدود أمام حكومة المالكي في التحاور سلميا مع المتظاهرين، حتى وصل الأمر أن يكون مبعوث المالكي هو عزت الشابندر الذي جاء خالي الوفاض حينما أراد اللقاء مع الشيخ عبد الملك السعدي في عمان!.
علما بان نتيجة الشابندر هي المقصودة سلفا ضمن الإستراتيجية المشار إليها، وكأنما تضخيم المشكلة وزيادة وتيرتها.. هو الحل الذي يعتقد به المالكي شخصيا ضمن فلسفته السياسية المعنونة بشعار (خلي أيولون)!.
المالكي يعتقد ببساطة إن الأزمة الحالية ستنتهي بالرضوخ لوطأة سلطته العسكرية، وان واقع الحال سيفرض على الانباريين النزول عن إرادتهم في الاستمرار بالتظاهر والدعوة إلى إعلان الانبار إقليما مستقلا، وبالتالي فان شحن الشارع الشيعي (طائفيا) سيخدمه كثيرا بالتزامن مع انتخابات مجالس المحافظات، حيث معظم أعضاء حزب الدعوة يدركون جيدا بأنهم لا يملكون منطقا لإقناع الناس بانتخابهم مرة ثانية.
رصاصة الفلوجة ستحرك مشاعر الشباب المنقسم على نفسه طائفيا، فالشاب الذي يسكن الاعظمية مثلا لن يهدأ حتى يشارك بني عشيرته وطائفته انتصارا لمعتقده وهويته التي يعتقد أنها الأصل، وكذلك الحال مع شباب الكاظمية وكربلاء سينتصرون للمالكي فهو من أبناء جلدتهم والمؤامرة (كما ستُصور لهم) كبيرة وخطيرة!.
الحرب الأهلية والطائفية لا تحتاج أكثر من رصاصة، فالحروب العالمية بدأت من رصاصة، وما حدث في مصر وبقية دول الربيع العربي آخرها سوريا كان مصدرها الرصاصة أيضا.
ماكنة التفاوض يفتقر إليها المالكي، حيث له الدور الكبير في إضعاف هيبة التحالف الوطني وضياع مصداقيته لدى شركاء العمل السياسي، والدليل فشل دعوة السيد الجعفري لأطراف القائمة العراقية مؤخرا، يضاف إلى ذلك الاختلاف الواضح بين وجهات النظر داخل الانبار نفسها، ناهيك عن عدم وجود ممثل حقيقي للمتظاهرين حتى يتم التفاوض معه بصورة مباشرة.. كل هذه المعطيات ستسمح للأجندات الخارجية من استغلالها واللعب على أوتارها كما هو الحال في سوريا.
كل ذلك والسياسة الخارجية الأمريكية الجديدة والمتمثلة بجون كيري، ستنتهز فرصة إضعاف الدعم العراقي لسوريا، وستضيف للجبهة السورية الداخلية جبهة أخرى خارجية من داخل العراق، ليكون إقليم (السنة) هو الفيصل بين إيران والعراق وسوريا الأسد.
وعلى الرغم من ذلك يعتقد المالكي أن إستراتيجية الأزمات ستهيئ له شرعية المقاومة والدفاع عن جنوب العراق بدلا من حكم العراق كله، وهو لا يعلم بان رصاصة الغربية ستخلق رصاصة جنوبية أخرى، فالعراق تحكمه القبيلة قبل الدين والمذهب بآلاف السنين.
قطفوا الزهرة..
قالت:
من ورائي برعم سوف يثور
قطعوا البرعم..
قالت:
غيره ينبض في رحم الجذور
قلعوا الجذر من التربة..
قالت:
إنني من اجل هذا اليوم
خبأت البذور
تبرد الشمس..
ولا تبرد ثارات الزهور!
“احمد مطر”
[email protected]