خاص – كتابات :
هل قُتل “محمد بن سلمان” ؟.. هل أصيب الرجل في محاولة لاغتياله وهو في قصره بالرياض؛ حسبما تردد مع ظهور فيديوهات إطلاق النيران قرب القصر في الأسبوع الأخير من نيسان/أبريل 2018 ؟.. أم أنها فقط استراحة وتحضير لمرحلة إقتراب التنصيب على عرش حكم “آل سعود” وإختفاء إستراتيجي بناءً على نصيحة أجهزة استخبارات دول في المنطقة فضلت إبتعاده عن مشهد مليء بالأحداث المتغيرة بالشرق الأوسط قد تحرقه وتحرجه سياسيًا إذا ما استمر في الظهور ؟!
تساؤلات كثيرة..
ماذا حدث للأمير الطامح في السلطة ؟.. ولماذا إختفى وأين إختفى ؟.. كلها تساؤلات ظلت تترد بقوة مع نهاية آيار/مايو وبداية حزيران/يونيو 2018، خاصة مع تسريب أنباء عن مقتل الأمير الشاب مصحوبة بلقطات، تبدو مفبركة، له ولجنازة قديمة في المملكة يبدو فيها الملك “سلمان” وهو يمسك بـ”صندوق خشبي”؛ روج لها على أنها تخص “بن سلمان” !
إعادة ترتيب الأوراق !
هي فترة إسترخاء، لكن بتدريب على مقاليد الحكم وإعادة ترتيب البيت السعودي من الداخل وصياغة الدبلوماسية الخارجية؛ المتهمة مؤخرًا بممارسة أدوار لا تتناسب مع الدولة العربية الأبرز في القُطر الإسلامي..
فها هي تسعى لإستقطاب الفرنسيين بتنظيم زيارة لنواب فرنسيين إلى “اليمن” للوقوف على الأوضاع هناك، وبالتالي العودة إلى أوروبا بأخبار وأنباء تُجمل من صورة “آل سلمان” وتسَوق إلى أنهم لا يستهدفون الأطفال ولا العائلات، وإنما جماعة “الحوثي” هي من يتسبب في كل تلك الخسائر البشرية والمادية.. !
“ماكرون” يستغل الفرصة..
لقد تسبب اختفاء “بن سلمان” في خروج الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون” – الذي يعلم جيدًا أنه لن يخرج للرد عليه بنفسه؛ فأراد استغلال الفرصة – والقول علنًا إنه لولا تدخله في إطلاق سراح رئيس الوزراء اللبناني، “سعد الحريري”، من “السعودية” إلى “لبنان”، قبل أشهر قليلة، لأشتعلت حربًا في لبنان، وهو اعتراف علني للمرة الأولى يُثبت ما كان يتردد وقتها من إحتجاز السعودية لـ”الحريري” وإجباره على تشويه “حزب الله” اللبناني..
وهو تصريح رآه متابعون؛ أن “ماكرون” أراد به اختبار “بن سلمان” وإحراجه وإجباره على الظهور والرد والتأكد من إصابته أم لا.. لكن ما حدث هو رد من “الديوان الملكي” فقط !
الإبتعاد عن الأضواء مؤقتًا..
لجأ “بن سلمان” إلى عدم الظهور إعلاميًا فجأة، وهو الذي كان أكثر الأمراء والحكام حرصًا على التواجد أمام الكاميرات، لتطبيق إستراتيجية أشار بها جهاز الاستخبارات بعد مشارورات على أعلى المستويات.
هي إستراتيجية “الاختفاء من أجل كشف الأعداء”.. وهي عبارة عن أساليب للسيطرة طويلة الأجل، تلجأ إليها بعض الدول ذات الأنظمة الشمولية وحكم الرجل الواحد على فترات، لمتابعة ما يدور في أروقة السياسة والمناصب ذات الأهمية.
فضلاً عن إتاحة مساحة لمراقبة تحركات المعارضين للسلطة ومعرفة تكتلاتهم؛ مع بث قليل من الشائعات التي تجذبهم وتكشف عناصرهم داخل أهم الهيئات والجهات السيادية في المملكة ومن يرتبطون بهم أو يجرون اتصالات معهم خارج المملكة، بعدها يعرف “بن سلمان” من كان عدوه ومن لا يصلح في مرحلة التمهيد الأخيرة لتولي عرش المملكة السعودية خلفًا لأبيه.
ليست صدفة..
اختفاء “محمد بن سلمان” عن المشهد في تلك الفترة ليس من قبيل الصدفة، فهناك أيضًا إبتعاد محسوب عن المشهد كي لا يتورط في تصريحات من شأنها أن تغضب أميركا، التي يرغب وبشدة في إرضائها لحين الوصول إلى العرش، حسبما كان الاتفاق مع واشنطن، فقد نُصح الرجل بعدم التعليق على أي شيء يخص “القضية الفلسطينية” إنتظارًا لما سيعلنه الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، من تفاصيل “صفقة القرن”، التي تدور حول فكرة الوطن البديل للفلسطينيين من أجل أن يضمن عرش “آل سعود” !
لا تعليق على نقل السفارة الأميركية..
فكان أن تهرب الأمير الشاب من التعليق على نقل السفارة الأميركية إلى “القدس”، مفضلاً الإبتعاد عن أي حرج سياسي بصفته ولي عهد المملكة؛ المسؤولة الأبرز عن المقدسات الإسلامية.
وعوضًا عن ذلك إكتفى وزير الخارجية السعودي، “عادل الجبير”، بوصف افتتاح السفارة الأميركية في “القدس الشرقية”، الأسبوع الثاني من آيار/مايو 2018، بالأمر المخالف للقرارات الدولية، وقالها وهو بين جدران “الجامعة العربية”؛ وليس خارجها أو أمام أي منصات إعلامية غربية، لينشغل السعوديون من جانبهم بتحليل لقطات إطلاق الرصاص على طائرة “مُسيرة” قرب القصر الرئاسي في “الرياض” ويتناسون أدوار المملكة التي كانت في السابق على رأس أولوياتها !
تجاهل الأحداث العراقية خاصة مع صعود “الصدر”..
اختفاء “بن سلمان” يتزامن مع نصيحة أخرى بعدم الظهور أو التعليق على الأوضاع العراقية والانتخابات الأخيرة، التي جرت في الثاني عشر من آيار/مايو 2018؛ فالرجل يحتفظ بلقطات شهيرة له مع الزعيم الصدري، “مقتدى الصدر”، وقد فسرها معارضو “سائرون”؛ بأنها اتفاق دُبر بالليل بين “الرياض” و”الصدر” من أجل تمويله ودعمه للفوز بالانتخابات العراقية بملايين الدولارات، ومن ثم السيطرة على مقاليد الحكم في “العراق” لصالح العودة إلى الحضن العربي السٌني والإبتعاد عن سيطرة “إيران”، التي تمددت بقوة بعد سقوط نظام الرئيس الراحل، “صدام حسين”، في العام 2003، وأضحت الصداع المزمن في رأس “آل سلمان”.
الإنشغال بتدقيق الخيارات وتنظيم دولاب الحكم..
داخليًا؛ يسارع “بن سلمان” – مستغلاً إنشغال الجميع بشائعة صحته وحياته – إلى تدقيق الاختيارات والقرارات التي سيتخذها ليضمن تشكيل حاشية مؤيدة له على طول الخط.
الأمر الذي يتفق مع ترتيبات متسارعة تجري حاليًا على قدم وساق فى المملكة، كلها تهيء المناخ السياسي والاجتماعي لتيار الشباب للسيطرة على زمام الوزارات ممن يضمن الأمير الشاب ولاءهم لحكمه؛ خاصة مع عدم إستبعاد تنصيبه على العرش قبل نهاية 2018.
للمرة الأولى.. وزير الثقافة صديق ومُتحرر..
وفي سبيل ذلك إستحدث، للمرة الأولى في تاريخ المملكة، منصب “وزير الثقافة” ومنحه لصديقه المقرب الأمير الشاب، “بندر بن عبدالله”، وهو الرجل الذي سيطر على فضائيات (إم. بي. سي) منذ مطلع عام 2018.
فضلاً عن أنه ذات الشخص الذي كشفته صحيفة (ديلي ميل) البريطانية؛ كصاحب أغلى صفقة لشراء لوحة “المسيح” أو المُخلص لـ”ليوناردو دافينشي” من مزاد في نيويورك بقيمة 450 مليون.
أنا حاكم مختلف إدعموني !
وهي تحركات تهدف للتأكيد أمام الدوائر الغربية أن الأمير، المتعطش لحكم السعودية، مُختلف ويُقدر أصحاب الأديان الأخرى ولا مانع في سبيل ذلك من إنفاق مئات الملايين من الدولارات فقط من أجل إرضاء من بيدهم القرار والتأثير في الدوائر الأميركية والغربية !
وهي خطوة تأتي ضمن خطوات تَعجُل الأمير، الطامح للسلطة، تولي مقاليد المملكة في أسرع وقت، لذا يسعى لتلبية طلبات الغرب في رؤية السعودية منفتحة متحررة داعمة لحقوق المرأة، فنجد بلاده قد قررت، في فترة اختفائه عن الأنظار، تطبيق قانون مكافحة التحرش لمنح السعوديات حرية الحركة بسجن المتحرش 5 سنوات وتغريمه غرامات تصل إلى 300 ألف ريال سعودي، بل غالت المملكة في إظهار الطاعة بفرض ذات العقوبة على من يساعد أو يتفق على التحرش حتى وإن لم يرتكب التحرش.
المعارضة لا مكان لها في السعودية..
في المقابل؛ فإن أصوات مكتومة تتحدث عن أن مملكة “آل سلمان” باتت أقرب إلى ما يصطلح عليه “مملكة الخوف”، إذ أصبح الخوف يتَملك مواطنيها للدرجة التي دفعت تقارير غربية إلى الحديث عن تحضير جماعي من النشطاء الرافضين للأوضاع المقيدة للحريات بالمملكة لحقائب سفرهم إستعدادًا لمغادرة البلاد في أي وقت.