الوطنية ليست شعار نطلقه للوصول لغاية خاصة ولا كلمة نود ان نكررها في وسائل الاعلام , إنها قول لفعل تثبت ركائزها للشعور بالانتماء , والحوار اداة من ادوات التواصل وكل اداة لا تطلب الا عند الحاجة لها , المواطن لم يحلم الاحلام الوردية ولا يريد الوصول الى يأساّ ابديا , ولكن هذا الحوار بحاجة الى مقدمات يسبقها الهدوء بالاعصاب وإلزالة الألغام والخطابات المتشددة المتشنجة , المواطن طلباته بسيطة اهمها الخدمات وبوجود الامن والتعايش السلمي والسكن الكريم وعمل يضمن القوت وتربية ومدرسة جيدة ومستشفى يعالج فيه , الحوار لا يقف عند حدود والقراّن اشار الى حوار الباري ومخاطبته الانسان والانبياء والملائكة وحتى الشيطان , وكل ما اوجد في الطبيعة سخر لخدمة ذلك الانسان ولكنها تغضب لغاية معينة ونتاج فعلها انها رحمة وفيض من الرحمة حتى وإن دمرت اقوام فإنه للحفاظ على الأخرين من الخراب والتخلص من الشر او افراز الحالات الانسانية وتصحى فيها العقول , الامطار التي سقطت خلال هذه الايام كشفت الكثير من الحقائق والدروس , والمحافظات اثبتت خلل الخدمات الكبير وفقدان المواطن ابسط مقومات العيش والمواطنة فغرقت مدن بكاملها وأظهرت تكاتف مدن كاملة وتأزر فريد من نوعه بين المجتمع لمواجهة الكارثة وتعاضدت القوى الشعبية والعسكرية والخدمية لتلافي ذلك الخطر المهدد لحياة الكثير من العوائل وقامت بأجلاء العوائل في صلاح الدين وسخرت كل الجهود حتى ان بعض الطيارين خرجوا على مسؤوليتهم وحركتهم غيرتهم ونخوتهم العراقية الاصيلة , اتضح من ذلك ان القلوب تهفو للعمل الجماعي وفتحت ابواب البيوت لأستقبال العوائل النازحة وكشف عن قوة الأواصر الاجتماعية التي حاولت الكثير قطعها ويعتاش عليها لمكاسب شخصية , لقد غسل المطر الوجوه وانكشفت حقائقها بموجبها وسالبها وازاحت الصدأ والعوازل الذي عمقه البعض لتفرقة المجتمع وظهرت التعاون والنفاق السياسي , لقد تطوع الكثير من المواطنين واخرين يتابعون عن كثب اخبارهم ويألمون لألمهم فوقف من وقف واستعد للتضحية بماله وعياله لأعانة المتضررين , غضب الطبيعة اليوم هو رحمة وصعقة لتنبه السياسين بإن العراقيين شعب يصبو للتعايش السلمي وان مطالبه موحدة لا تسمح ان يركب موجها احد للوصول لغاياته وعلى الساسة توحيد الخطاب والافعال مثلما وحدت الامطار قلوب المواطنين , وان المشتركات كبيرة و الاحتياجات واحدة واولها الشعور بالمواطنة وتقديم الخدمة والعدالة والمساواة , وان الخطاب الوطني هو سيد الخطابات بعقلية الروح الوطنية , وعلى الساسة غسل وجوههم بماء المطر ليعرفوا حجم معاناة المواطن ويشموا تلك الروائح التي تنبعث من خلط رحمة الامطار الصافية بقذارة من صنع ايدي البعض ويصحوا لأنفسهم ويعرفون حجم التقصير ..