خاص : ترجمة – محمد بناية :
تسببت زيارة السيد، “عمار الحكيم”، رئيس “تيار الحكمة” العراقي، إلى دولة “الكويت” في الكثير من المناقشات والحوارات، وربطها الكثيرون بنتائج الانتخابات العراقية وتشكيل حكومة جديدة، وأن الهدف من الزيارة هو التشاور مع الدول العربية؛ وربما لقاء عدد من المسؤولين العرب من أصحاب النفوذ في العراق.
بل إن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك ووصف الزيارة ببداية انفصال “الحكيم” عن “إيران” والتقارب مع الدول العربية.
وهي تحليلات تفتقر إلى الواقعية وتقوم في الأساس على الأهواء الشخصية دون بيان الحقيقة، وتقدم في الظاهر أهدافاً مغرضة.
زيارة رمضان للكويت.. ذات تاريخ..
في المقابل؛ يقول “علي موسوي خلخالي”، الكاتب الصحافي في وكالة أنباء (مهر) الإيرانية شبه الرسمية: “الزيارة تمت في شهر رمضان، والمٌلم بالشأن الكويتي يعرف أن اللقاءات في شهر رمضان تحوز أهمية مضاعفة، جرياً على العادات والتقاليد الكويتية. وعلى هذا الأساس يمكن تفسير زيارة، السيد عمار الحكيم، الأخيرة إلى الكويت. والأصل أن أسرة الحكيم إعتادت زيارة الكويت سنوياً خلال شهر رمضان المبارك. والمؤسس لتلكم العادة هو المرحوم، السيد محمد باقر الحكيم، (شهيد المحراب)، الذي كان يستفيد من هذه الزيارة في النضال ضد نظام البعث العراقي. إذ بدأ الشهيد، محمد باقر الحكيم، في توطيد العلاقات مع الكويت عام 1992، باعتباره زعيم المعارضين للرئيس العراقي صدام حسين، وكم كان هذا التوجه ذكياً ومهماً ومؤثراً، لأنه واكب هجوم صدام على الكويت”.
فاستغل “الحكيم” الوضع القائم، وخلافات “صدام” مع الدول العربية، في توطيد العلاقات بين الشيعة في الدول العربية. فكان يقيم عادةً مدة عشرة أيام بالكويت خلال شهر رمضان، وكان يلتقي طوال هذه المدة أمير الكويت وعدد من المسؤولين الآخرين؛ ويناقش معهم المشكلات والأفكار بشأن تطوير العلاقات “العراقية-الكويتية”، كما كان يعقد لقاءات مع عدد من أبناء الشعب الكويتي.
وقد شرع “الحكيم” في تحسين صورة “العراق” في أذهان الكويتيين من خلال التواجد في الحسينيات ومجالسة الشعب والأسر الكويتية، وإبتدأ فصلاً جديداً من العلاقات بين الشعبين الكويتي والعراقي.
في العام 2003، وبعد رحيل السيد، “محمد باقر الحكيم”، داوم السيد، “عبدالعزيز”، على تلكم الزيارة السنوية إلى الكويت؛ باعبتاره رئيس المجلس الأعلى وشقيق “الحكيم”، سعياً إلى تقوية وتوطيد العلاقات والتواصل الفكري مع الكويتيين قيادةً وشعباً.
لكن طرأ تغيير طفيف على مدة الزيارة، إذ إقتصرت على ثلاثة أيام بدلاً من عشرة، لكن الهدف لم يتغير، وداوم السيد، “عبدالعزيز”، على هذه العادة تأكيداً على مزيد من التواصل بين الشيعة في البلدين.
وبعد رحيل السيد “عبدالعزيز”، حافظ السيد، “عمار الحكيم”، على هذه السُنة الحسنة؛ وإن تقلصت مدة الزيارة إلى يومين، يعقد خلالها كالعادة عدداً من اللقاءات الرسمية مع أبناء الشعب الكويتي.
لا علاقة بين زيارة “عمار الحكيم” بالانتخابات العراقية..
ومن ثم تندرج زيارة السيد “عمار الحكيم” الأخيرة إلى الكويت؛ تحت بند هذه العادة القديمة ليس أكثر. ومن يسعون، بحسب “علي موسوي خلخالي”، إلى ربط الزيارة بالانتخابات العراقية ويتساءلون عن أسباب تزامن الزيارة مع توقيت إعلان نتائج الانتخابات، هم يغفلون مسألة أن الانتخابات البرلمانية صادفت شهر رمضان المبارك.
صحيح ان السيد “عمار الحكيم” التقى عدداً من المسؤولين البارزين في الكويت، من بينهم أمير الكويت، وناقش خلال هذه اللقاءات مسألة الانتخابات العراقية، لكن المحور الأساس للمحادثات كان يركز بشكل كبير على القضايا الإقليمية وتطوير العلاقات “الكويتية-العراقية”.
وقد أكد “الحكيم”، خلال لقاء أمير الكويت، على وجود عراق قوي ومستقل، وكذلك ثبات واستقرار الشرق الأوسط، وأن اضطراب الأوضاع في المنطقة لا يخدم مصالح أي طرف.
وكذلك تطرق “الحكيم”، خلال لقاء الشيخ، “نواف الأحمد الجابر الصباح”، ولي العهد الكويتي، إلى مسألة الانتخابات العراقية ونتائجها، لكنه أكد على نقطة في غاية الأهمية؛ وهي أن العراق بصدد الدخول في مرحلة جديدة.
أخيراً من حق أي زعيم سياسي في بلد عربي زيارة بلد عربي آخر شقيق وصاحب سيادة، ولا يجب التعامل مع هكذا زيارة من منظور سياسي ضيق، لأن الرؤية الضيقة والمغرضة لن يهدد فقط هدوء واستقرار بلد مليء بالتحديات كالعراق، وإنما سوف يزيد من الأزمات والتحديات.