17 نوفمبر، 2024 7:24 م
Search
Close this search box.

المفهوم الثلاثي في كوردستان

المفهوم الثلاثي في كوردستان

من خلال متابعة تطورات الأوضاع في كوردستان والعراق، وتفحص وقراءة ما جري فيها على الأرض، بعد 2003، وما حصل من تطورات لها علاقات مباشرة بالتعدديات الدينية والقومية والسياسية، يمكن الخروج بإستنتاجات عديدة مستندة على المعطيات والحقائق، تدل على أن الذي يلوح في الأفق، وبانت ملامحه سيساهم بشكل مباشر في تنامي نجاحات شعب وحكومة إقليم كوردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني، وتوفير مستلزمات وحقائق ستفرض واقعاً جديداً تسهم في تمتين وتكوين علاقات قومية ودينية وتوازنات سياسية جديدة قائمة على أساس التطور والإنفتاح, علاقات تحترم فيها إرادة الكوردستانيين.

المنطقة التي نعيش فيها مليئة بالآثار السلبية للتطرف و التوتر والتعصب الديني والقومي، وإمتدت سلبياتها إلى سيادة أهواء الإستعلاء وتحكيم النزوات والإستجابة لعوامل الفتنة، وإختزان صور الكراهية القومية الشوفينية والدينية وحتى المذهبية والساسية, ولانبالغ عندما نقول أن كل النشاطات الإرهابية التي تقذف بالإنسان في أتون الفوضى والمشكلات والمصائب، تنبثق عن المشاعر والنزعات العصبية الضيقة، وفقدان الرؤية عبر إبطال الحق، وإحقاق الباطل.

في العراق بعد صدام، بسبب ضعف القانون وفقدان الدولة والفهم الخاطىء للديمقراطية والموروث البائد المتخلف، إتسع خطاب الكراهية والحط من الآخر، وساد التعصب والإستهتار والتحريض والإزدراء والتمييز عبر التعلق والإصرار والتمسك بالأفكار والمبادئ التي لاتدع مكاناً للتسامح ولا تمنح مجالاً للتفاهم، ووفق تصورات معينة تم تصنيف العراقيين إلى فئات مختلفة، وتعرضت الأقليات الدينية والقومية في وسط وجنوب العراق، الى ممارسات مروعة بدأت بالإستفزاز والتجريح والتحقير والإقصاء، ووصلت الى التهديد والوعيد والإيذاء الجسدي والعنف والتصفية الجسدية ومصادرة الأملاك على نطاق واسع.

وفي كوردستان تم التصدي لخطاب الكراهية المقيتة، وجرى العمل على ترسيخ منطق التسامح وتقبل الاخر، وتعميق المفاهيم الوطنية والإنسانية الأخلاقية وفق المعايير الإنسانية والدولية السائدة بما يضمن إحترام حقوق الاخرين وبالتالي ضمان الأمن الوطني والنظام العام، وتحقيق السلم الأهلي، مع التشديد على وضع إستراتيجيات بعيدة المدى التي تؤكد على التسامح والتضامن بين المواطنين بغض النظر عن الدين أو القومية.. هذه الأجواء هنا، وتلك الممارسات هناك أدت الى توجه الكثير من أبناء الديانات والأقليات الدينية من وسط وجنوب العراق الى الإقليم. في المقابل قدم اقليم كوردستان حكومةً وشعباً مثالاً رائعاً على التسامح والتضامن من خلال توفير الملاذ الآمن لمئات الآلاف من النازحين المسيحيين والأيزيديين والصابئة المندائيين والمجموعات الدينية الصغيرة، ومن الذين عانوا من التشرد والإضطهاد، وقد قدم قداسة البابا بنديكت السادس عشر، بابا الفاتيكان السابق، وقداسة البابا فرانسيس الأول، خلال لقاءاتهما مع الرئيس مسعود بارزاني، ونيجيرفان بارزاني في الفاتيكان، شكرهما لإقليم كوردستان حكومة وشعباً وأشادا بالتسامح والتآخي والتعايش السلمي بين الأقليات الدينية والقومية والطائفية، والسلم والامان والوئام والاستقرار والتنمية والازدهار في الاقليم، كما قيموا عالياً سعي حكومة الإقليم من أجل ترسيخ أسس التسامح والتعايش. كما أشاد المتوجهون الى كوردستان، ومراجعهم الدينية والسياسية والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بحكومة الإقليم لحمايتها وإيوائها عدداً كبيراً جداً من النازحين واللاجئين، كما قيمت عالياً حالة التعايش والتسامح الديني والقومي في الإقليم.

آخر تلك الشهادات، وحتماً لن تكون الأخيرة، هي ما قاله السفير المتجول الأمريكي للحريات الدينية الدولية سام براون باك، حينما أشاد بالكورد وأكد نجاح (المفهوم الثلاثي) في كوردستان، الذي يتمثل ب(التسامح الديني) و(النجاح الاقتصادي) و(نبذ الإرهاب).

أحدث المقالات