قرية الحود كما يسميها أهلها ومسجلة في الدوائر الحكومية بهذا الاسم تقع على ضفاف نهر دجلة في جنوب الموصل وفي جنوبها آبار البترول وناحية القيارة تستحق من حيث عدد سكانها أن تكون ناحية وكلنا يعرف ان الناحية هي الوحدة الإدارية التي تضم مجموعة من القرى .
لو دخلت الى اهل هذه القرية لوجدت اروع العجائب من جيل الشباب المثقف يتشبث بالحياة المدنية وكأنه يقول للعالم اننا أبناء الريف نعرف الشعر والادب والثقافة والسياسة مثلما نعرف الكرم والجود والضيافة.
وهنا يقف القلم عن التعبير احترامًا لكبار السن اوكما يسمونهم ( الختيارية ))فدورهم كبير بما لديهم من الإلمام الثقافي والسياسي ولاتخلو منهم مجالس الشباب وليس ببعيد عنهم الشاعر والأديب المعروف ابويعرب ..
اغلب شباب هذه القرية هم من خريجي الكليات والمعاهد ومن المتواصلين إعلاميا فيما بينهم .مجالسهم وسمرهم هو ثقافة .ولائمهم صلة رحم ورسالة محبة .يعملون في النهار بجد ومثابرة ويلتقون في الليل بجلسة نقاشات عامة يتخللها السياسة والأمور العشائرية يسمون هذه الجلسة الليلية ((بالتعليلة ))..
في هذه القرية متسع من الديمقراطية فالأب يتباهى برأي الابن ويستمع اليه ويتناقشون وكأنهم اصدقاء.
جلساتهم الليلية يديرها أحد الشعراء أوالادباء وعادةً ما يحضرها عدد من الاكاديمين من ذوي الشهادات العليا اضافة إلى عموم الأهالي يتسامرون فيها شعراً ومزحاً للترفيه عن النفس ..
عندما تجلس مع أهالي قرية الحود تشعر وكأنك تعرفهم منذ سنين مضت .يحبون الضيف ويكرمونه .
كان يسكن هذه القرية في عصر الاربعينيات من القرن الماضي شيخاً جليل شجاع يسمونه العم مجبل .أنه الشيخ مجبل الوگاع شيخ قبيلة الجبور فهو أول رجل تقلد منصب في الدولة جنوب الموصل وكان في وقتها عضو في مجلس النواب آنذاك ولعدة دورات وهو صاحب المقولة الشهيرة ((الفلاح عماد حياة الشعب )) انه رجل يحسب له الف حساب من الدولة والعشائر الاخرى واستمر في المشيخة إلى أن وافته المنية في نهاية التسعينات من القرن الماضي.وقد أعقب ذكره ذرية صالحة متمثلة بكل آل الوگاع حاليا ..فهم خير خلف لخير سلف..
إن الملفت سادتي الكرام في مقالتي عن قرية الحود انها تقع على الشارع الرئيسي في جنوب الموصل طريق العاصمة بغداد سابقاً ومع التطور الزمني وازدياد الكثافة السكانية فيها انقسمت الى قريتين الحود التحتاني والفوقاني وبينهما خلق الله جنةً يعرفها الكثيرون انها جنة الشهداء فدماءهم الزكية التي سالت قرابين من اجل وحدة العراق وكرامته ولكثرة هؤلاء الأبطال من الشهداء ولمجهولية مصير أغلبهم فقد أراد الله أن يجمع أرواح هؤلاء المضحين بمكان قريب من أمهاتهم ونسائهم وأطفالهم..وكلنا يعرف أن الشهداء خالدون في الجنة وأنهم احياءً عند ربهم يرزقون فأصبحت قرية الحود مدينة الشهداء .جنة الله في جنوب الموصل..لقد أعطت هذه القرية خيرة شبابها فاستحقت أن نسميها قرية الجود وليس الحود فالجود بالنفس اسمى غاية الجودِ ..
إن الواجب على أهالي المنطقة والمجلس البلدي في ناحية القيارة أن تضع نصباً للشهداء على الشارع العام في قرية الحود يتذكر فيه الأهالي أبناءهم الابرار وهم يحملون سارية العلم العراقي متوجهون لنيل الشهاده.
وسلاماً على اهل الحود وشهدائهم الأبرياء .وصلاةً على شهداء الحود وارواحهم الطاهرة…