15 نوفمبر، 2024 6:46 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. علاء زريفة: الألم و فقدان الشرط الإنساني طاقة إبداعية لابد أن تنضج

مع كتابات.. علاء زريفة: الألم و فقدان الشرط الإنساني طاقة إبداعية لابد أن تنضج

 

خاص:حاورته- سماح عادل

“علاء محمد زريفة ” شاعر سوري، من مواليد مدينة حمص عام 1985، خريج قسم التاريخ كلية الآداب جامعة البعث، وهو كاتب قصة قصيرة وعضو في مؤسسة المثقف والمؤسسة العربية للثقافة والآداب، ولديه مشاركة في كتاب (انطولوجيا السرد التعبيري) الصادر عام 2018 عن مؤسسة تجديد الثقافية العراقية واتحاد الأدباء، وله العديد من المشاركات والمنشورات في الصحف والمجلات الأدبية داخل سوريا وخارجها، وصدرت له مجموعة شعرية بعنوان”المسيح الصغير” .

إلى الحوار:

(كتابات) بدأت بكتابة القصة القصيرة ثم اتجهت إلى الشعر.. لما؟

• لم أبدأ تماماً بكتابة القصة القصيرة، كانت محاولات أولى للتعبير واستنطاق الواقع، دينامية القصة القصيرة جداً وحداثتها وأسلوبها المكثف مساعد جداً ويصقل أدوات الكاتب، ولكني لا زلت مقتنعاً أكثر بجدوى القصيدة، ومقدرتها على تكون الصوت الجمعي للناس والمنبر الرسمي لهمومهم وأحلامهم على حد سواء، والكتابة الشعرية هي أصعب أنواع الكتابة على الإطلاق، لخاصية الحالة والمجهود الذاتي الذي يبذله الشاعر في تقويل وخلق الحياة شعرياً، ومجدداً، كل قصيدة تمثل حياة مضافة و حافز يومي لإنتاج الأمل والرغبة الدائمة في الدفاع عن الشكل الذي نراه نسبياً ملائماً و منسجماً معنا.

(كتابات) كيف بدأ شغفك بالكتابة.. وهل حلمت أن تصبح كاتبا؟

• بدأ شغفي بالكتابة في سن مبكرة، كنت نهماً للبحث عن المعلومات والقراءة أياً كان نوعها، وكنت متأثراً بنماذج شعرية ومدارس تقليدية وتشكل وعيي من الشعر العربي قديمه وحديثه، رغم أني كنت ميالاً ل “نزار قباني” الشاعر السوري الكبير، الذي كان يمثل ولا يزال ثورية مختلفة نحتاجها في يومنا هذا، وأيضا كوني كنت مراهقاً فالعلاقة مع المرأة كانت عاملاً حاسماً في تأثري به، أكثر من غيره من الشعراء، كانت الكتابة مخرجاً وحلاً وطريقة لتغيير العالم وإعادة تشكيله، الشاعر الذي يفقد الرغبة بهذا الشأن يبدأ بالتشكيك بجدوى وجوده، وبالتالي شعريته، نعم أنا أحلم أن أكون كاتباً، وموثقاً للزمن وللمرحلة التي أعيشها، والتي أمثل فيها أبناء جيلي من الشباب العربي في سورية.

(كتابات) في ديوان “المسيح الصغير” حزن على ما يحدث في الوطن من صراعات.. حدثنا عن ذلك؟

• “المسيح الصغير” وهو باكورة أعمالي الشعرية يمثل تجربتي الأولى الجدية في هذا المجال، و تم اختيار العنوان ل تمجيد فكرة الشهادة في سبيل الوطن، والهم الوطني ينسحب على كل نصوص الديوان في إشكالية دقيقة ألا وهي الحرب.

محاولة لسبر أغوار الوعي الديني والموروث الثقافي لمجتمع وجد نفسه أمام مرآة واقعه، والحزن والفجيعة والهزيمة الجماعية تمكث في خطوط تاريخه العريض، محاولة للمناقشة والتعليل من خلالي، أنا الرجل الذي يؤدي خدمته الإلزامية في الجيش العربي السوري، والذي يرى الحرب تمر أمام عينيه وتدخل تحت جلده، القسوة بأشد صورها والموت لأسباب مختلفة للعقل الواعي الناضج، “المسيح الصغير” صوت الصدمة والدهشة من فعل التخريب وإعادة إنتاجه يومياً في ظل غياب أية صفة خارج القوقعة

.

(كتابات) في ديوان “المسيح الصغير” تستعين بالتراث ورموزه وكأن الحاضر مرتبط دوما بما مضى.. هل هذا صحيح؟

• يقول نيتشه: ” المجنون من  فقد كل شيء إلا عقله” من هنا يمكنني أن أفسر حالة الاستعادة المكثفة للموروث التاريخي والأسطوري الديني والفكري الفلسفي في “المسيح الصغير”. هو محاولة لإعادة كتابة القصيدة من منطلق تاريخي فلسفي تتميز بالسردية الشعرية الرمزية التي قد تبدو نخبوية إلى حدٍ ما، و لكن أرى أننا أحوج ما نكون لإعادة اكتشاف تراثنا بمجموعه، ولابد من وجود الحرية الإبداعية في هذه القراءة المعمقة، وهي عملية ستأخذ وقتاً طويلاً بسبب سيطرة المنطق البطرياركي والأبوي لتفسير هذا  الموروث.

“المسيح الصغير” لا يكتفي بالحزن والندب واللطم إنما يعالج الدموية بطريقة فلسفية ويقدم شرحاً له، أو هذا ما أراه على الأقل.

(كتابات) في رأيك ما هي وظيفة الشعر في عصرنا الحالي مع التطور التكنولوجي الهائل واقتراب المسافات بين الناس؟

• الشعر هو مخلص في كل عصر، قد يبدو أنه خبّا أو خف بريقه بسبب انتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، التي اختلف معك في أنها جمعت الناس بقدر ما فرقتهم و قزمت وعيهم.

الشعر حالة عليا من الوعي والإدراك، كما هو الأدب والفن والذي مهمته تثوير الواقع، وفضح المشكلات، وتوسيع فضاء الحرية، وليس الاستسهال والعبثية وتقديم الشعر والأدب ك “بريستيج” ثقافي خاو المحتوى والمضمون، المسألة في تعاملنا مع هذه التكنولوجيا وكيف نستخدمها ؟؟

(كتابات) هل واجهتك صعوبات في النشر والكتابة؟

• أستاذتي الفاضلة أنتِ تعلمين مدى القبح في المشهد الثقافي العربي، الذي هو جزء من حالة قبح على كافة المستويات ولن استطرد كثيراً في هذا الجانب، ولكن الصعوبات دائماً موجودة، والعمل الإبداعي والكتابة في بلاد تفكر بمنطق القرن السابع وتخاصم العقل والفكر والفن بكل أشكاله.

تجربتي على حداثتها مليئة بصنوف الصعوبات، ولكني واثق أن الكاتب يجب أن يعيش كفاحه الخاص، ويشق طريقه عبر كل شيء. أنا أحلم بالكتابة على الصخر، و أن أكون أحد الأحياء الذين لم يموتوا تماماً كما يقول ” محمود درويش” العظيم.

(كتابات) هل اختلفت حال الثقافة في سوريا في السنوات الأخيرة؟

• الثقافة في سورية لا تختلف عنها في أي بلد عربي، الخراب يراكم خراباً، ومن ثم ما معنى حركة ثقافية، هناك إبداع، وهناك فضاء يسمح له بالتنفس والوجود، في البلاد العربية يجب على الكاتب أن يكون مستعداً للشهادة، وأن يكتب والمسدس في رأسه كما يقول الروائي المصري “محمد بركة”.

الحرب قزمت أفكارنا كما أسلفت، والحرب ضد الفكر السلفي الوهابي أنتجت تعصباً مضاداً يعود بنا المربع الأول، وما ظهور حركات التنظيم الشبابي الإسلامي و القبيسيات، وممارسات الأوقاف إلا خير دليل على سوداوية المشهد القادم.

(كتابات) كيف تؤثر عليك الأحوال في سوريا ككاتب شاب يبدأ حياته؟

• عزيزتي أنا شاعر وكاتب ببداياته، واعتقد أن حالة الصراع والمعاناة التي أعيشها هي محفز ومصدر إلهام، وجودي على خطوط النار مع أصدقائي الجنود يعطيني دفعاً أن الأمل موجود، وأن الحرمان والألم و فقدان الشرط الإنساني بحده الأدنى، هو طاقة إبداعية لابد من أن تنضج نحو واقع أفضل رغم كل شيء.

(كتابات) هل وسائل التواصل الاجتماعي سهلت لك التواصل والوصول للقراء؟

• الإجابة نعم و لا في آن، لا اعتقد أن النص الأدبي يمكن أن يوضع في ميزان “اللايك” و “الكومنت” وليس هذا المجال الممكن للتعريف بالنص الأدبي، أنا حريص أن أكون كاتباً ورقياً، وأنشر في صحف ومواقع محترمة، لا أغفل دور التكنولوجيا وانتشارها الواسع جدا، وحيويتها ولكني أحاول أن أحلق خارج السرب دائماً.

(كتابات) ما هي أحلامك وطموحاتك ككاتب؟

• أسعى نحو التاريخ، كل كتابة لا تسعى وراء مجد الخلود هي عبثية لا طائل منها، كتابة تمانع كل شيء، وتكسر كل شيء وتحطم نفسها حين لا تجد مخرجاً، أنا انظر إلى النماذج العظيمة عربيا وغربياً “محمود درويش”، “أمل دنقل”، “نيرودا”، “كافكا” وسواهم. هذا ما أريده ككاتب، التاريخ دون سواه.

قصيدة هنا في القيامة.. كما في الحرب

يجد الغريب ممرا إلى الآخرة..

من حجرة للضوء، تشع بحيرة للملح

على صحراء أحلامنا

القيامة.. حرب عظمى

ونحن ضحايا الماء المتدفق من فم السراب

نقرأ مجهول غدنا في كف الرؤيا

ونمضي الربع الخالي..

شظايا الذهب اللانهائي

لأسفار الداخل جزيرة آبائه

هكذا ينفخ عزازيل في أذن المحموم

تلك صنعة الفاتحين..

أيها الهارب بنفسه.. سكون البيد

لا عبد يركب ناصية حلمك

ليمنحك عصاك

إصبع للغيب،عين تغرز مسلتها

أنا أخت الشمس

مقطعا للشدو خارج سرب الوقت

هنا في القيامة..

كما في الحرب

لا وقت للوقت…

أقرأ في كتاب الرمل، حديث الجمجمة

مر صهيل من هنا

ومضت خيل الطارئين، طريق الحرير

حملات المغول

أصنام البدو المتأخرين

  1. مرت قوافل الذات إلى الذات

وصنهاجة تدفن ميراث بداوتها

طريقا إلى الفتح

صك الدم..

بين ملوك الصفر

يتوج مجد الرب

هنا.. في القيامة

كما في الحرب

لا موت لنموت،لا حياة

نشهد عرضا ساخرا عن غراميات الله

وجدوى الزمن

لا منادي ينادي

لاصدى يرجع

بين سافانا الرمل

كائنات من قصب الهبوب

تشيد قلعة يحملها مقص عقرب

زمزم أخرى

تنفجر في ضلع الوهاد

والغارقة في عسل التجلي

أنا نبي هذه الصحراء

وزوبعة الصبار تغطي وجهي بالشوك

لا آذان يرفع فوق فوهة حجر

نعد أصابعنا في الضوء

ونحصي خرابنا

هنا، نتساوى في الصغر والخطيئة

الأنبياء المتوجون

يسترقون النظر لضلالنا

ويحنون إلى آدميتهم

والملائكة التي لم تقترف

شهوة الخلاص من الجسد

قالت: نعم

ووضعت إبريق حيرتها جانبا

في القيامة كما في الحرب

لا ننظر وجوه بعضنا

لا نتبادل كلمات الوداع

نقف وحيدين أمام أزل النهايات

لا أبواب نغلقها

لا مفاتيح نترك فوق معدنها رائحة الكلس

لاكؤوس نفرك عنبها، أنخاب وجود

لا طين نعلق بصماته عتبات البيوت

لتومي لساكنيها، ساعة الرحيل

لا ناقة تمنحنا ذريعة الاستمرار

في القتال

لا شجر نلقحه أسمائنا

لتأويا لحرب إلى سماواتها

أشلاء تكدس أحقادها، زمن الحرب

لا هواء نرفعه سلاحاً

لتكتب القيامة وصاياها

مدائح تمضغُ شعوبها

قيامة بعد القيامة

أطلنطا العائمة على سطح النفس

دخل أهلها في البياض..

حين لم ينقطع مدد الشيطان

***

قصيدة أدرينالين

ورقة على حافة النسيان

رصاصة داخل قبعة..

تجار السلاح.. حمام سلام

جرعة زائدة من الأدرينالين

نصاب مجددا بعمى الألوان

فقيه يستدعي مهرجي التاريخ

يكرس خرافة واحدة

الأبد حرفة الله..

يتقنها الملوك ويصدقها العبيد

الرمد فقدان الحاسة هاجسها

البصيرة نفاذ الضوء قلب الحجر

نمعن في التلصص على الحقيقة

وننتهي إلى جرح..

نشارك طيور اللقلق عاداتها السرية..

في خدش الذاكرة..

عصي على العين المدربة..

تفتيت الحصى بماء الدمع..

الحياة بكلسها المبعثر على لوح مدرسي

لاتعي بلاغة الحياة ولو ارتجالا

قبائل تدفن سيفها خصومات الرمل

تلد نبيها في الكتاب

يتدحرج الزمن كرة ثلج، فوهة بركان

ناصية رمح في خاصرة ناقة

رجل يستر زوجته بعباءة كسرى

ويعود إلى بلاده بحامية فارسية

كأن المنزل هناك..

المرآة وجه أخرس

لمن يمشون معصوبي القلب

والدم يغسل عار البعير

ثنائي الحور راقصان بلا قوائم

يتخاصمان..

ويعلنان الصلح تارة

السلام آفة السماء

وهم صبياني

سلعة ندفعها في السوق السوداء

لمخمورين على أرصفة الموت

الدخول خلف الشاشة رهان خاسر

صفارة الإنذار تطلق صراخها

للمشغولين في لملمة بقاياهم إلى الملاجئ

الجراد يلتهم نخاع الذرة

ولا يأبه بفزاعة لا تُخيف إلا نفسها

المدينة الصامتة.. تتمنع

لا تهب جسدها عنوة

لابد من جنس ثالث

ليزهر التفاح فوق لؤلؤ النهد

هي الحرب

طبولها جلودنا

فلا تجتهد في المديح

ومص على مهل زناد عودك

سنموت جميعا لينتصر الرب

بوليصة الدفن مؤمنة

بطاقة المؤنة جاهزة

وأبناء سيكبرون

سيعلمون أن آبائهم ماتوا شهداء

برتبة شرف

أعلى البناء أكياس مضادة للرصاص

يمتحن محارب ٌجلده

يلتقط أنفاسه

بإبرة من هواء الليل

دالة القناص..

لفافة مسحوبة من رئة الضجر

لا أقنعة على الجدران..

والثقوب تحفر عميقا في الجسد

تحرس عسس الغفلة

الفرجة طازجة

القتال أمام القتال

قنال مفتوح للركام..

الثلاجة الفارغة تطفأ نهم العاشقين

ليناموا على لحم بطونهم.. أقل يأسا

طلقة خطاطة تشكل إحداثيات الفراغ

نتبادل الشتائم مع من لا نراهم إلا أمواتا

كلبية مفرضة..

الهدوء في حضرة العاصفة

يتوج الغيم المتساقط رفوف المسرح

دهشة الحاضرين عشاء سخطهم

الزمن الافتراضي

الممثلون المنكبون على الحوار المعد

يغسلون أيديهم..

قبل التقاط اللحظة

أفواه الأهداب وجريمة السكون

يستعصي الكلام على الشاعر المتمرس

يشد أوتار كمانه

موسيقا تُمس..

فانتازيا خائبة

وكهف ضيق في العبارة، بريق ملهاة

تحضر الصورة.. لاستشراف الحدس

وخلف مظلة من حنين

أفق يغيب

أشرب قدحين من الشمبانيا الفاسدة

نخب الحب

ألقي الوسادة جانبا

لا نوم في عسل اللبيدو”

إلا ما قص اللسان شريط الشبق

تهوي نجمة حول الهاوية

كان السقوط ممكنا قبل الآن

سيارة الإسعاف المسرعة

أتلفت النشوة

وعدت بلا ساق

 

 

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة