19 ديسمبر، 2024 10:15 ص

بعد الدين والفن … الرياضة في  خدمة السياسة

بعد الدين والفن … الرياضة في  خدمة السياسة

بعد الدين والفن تدخل الرياضة بكافة اصنافها بيت الطاعة السياسي, حيث تُجير لتحقيق غايات سياسية, وقبل ذلك اصبحت الرياضة جزءا من اقتصاديات بعض الدول التي تجدها حريصة على اقامة الدورات الرياضة على اراضيها لتحقيق منافع اقتصادية, وكلنا يتذكر الصراع الذي  خاضه رئيس  الوزراء  البريطاني الاسبق من اجل  ان يحظى بلده بشرف استضافة الاولمبياد, وقد رمى توني بلير بكل ثقل  بلاده السياسي في سبيل ذلك فكان له ما اراد وفي نهاية الاولمبياد كانت عشرات المليارات من الدولارات قد دخلت خزينة الدولة البريطانية كأرباح من الاولمبياد لتحرك الاقتصاد البريطاني  الذي  دخل  مرحلة الركود ككثير  من الاقتصاديات الاوربية,سقت ذلك مثلا لاهمية الرياضة بالنسبة لاقتصاديات الدول, والحال  ذاته يذكر بالنسبة لعالم السياسة حيث  باتت الرياضة من الادوات لتحقيق الاجندة السياسية وخير مثال على ذلك ما قامت به (إمبراطورية موزة العظمى) اعني  قطر لأستضافة بطولة كأس العالم على اراضيها في  إطار استخدامها لديبلوماسية إقامة البطولات بعد ان نجحت في  استخدام ديبلوماسية  عقد المؤتمرات والندوات.
تاريخيا الدين والفن سبقا الرياضة في هذا المجال, ويحدثنا التاريخ كيف اُستخدِمَ الدين في العهد العثماني ومن قبله العهدين العباسي والأموي  حيث كانت الفتوى الدينية في خدمة (الخليفة) او السلطان, والامر ذاته عرفته اوربا في القرون الوسطى يوم كانت الكنيسة تحكم, اذ يذكر لنا التاريخ مأسي محاكم التفتيش سيئة الصيت والتي استخدمت الدين لقمع اي صوت معارض لسياسات البلاط .
اما الفن ومعه الادب فهو الاخر استخدمته السياسة ابشع استخدام حينما زج بهما في الصراع الايديولوجي, فأعتبر القائد الشيوعي لينين ان الادب والفن الحقيقي هو كل ما يدخل  في  خدمة الثورة البلشيفية ونضال  طبقة البروليتاريا, وكل  ما لايتماشى واهداف الثورة البلشيفية ومصلحة البروليتاريا هو ليس  بفن او ادب من وجهة نظره , ومن هنا كتب ميكسم غوركي رائعته الشهيرة (الام), بينما خط جاك لندن رواية (العِقب الحديدية) التي عدها البعض انجيل الاشتراكيين في اطار الصراع الايديولوجي مع الرأسماليين.
 اما في  زمن الحرب الباردة فقد لعبت السينما دورا عظيما في خدمة السياسة فدخلت هوليوود بكل  ثقلها المعركة السياسية ومن اوسع ابوابها فأنتجت (رامبو) ومن بعد ذلك (ريكي) باجزائهما المتعددة, وذلك في  اطار الصراع السياسي الدائر في تلك المدة الزمنية بين امريكا بوصفها قائدة المعسكر الرأسمالي والاتحاد السوفياتي السابق بوصفه قائد المعسكر الاشتراكي .
بعد نهاية الحرب  الباردة وانتصارالمعسكر الغربي  بقيادة امريكا ونهاية عصر القطبين ودخول العلاقات الدولية عصر القطب الواحد جندت السياسة الفن وتحديدا صناعة السينما لمحاربة جماعات (الاسلام السياسي) وتشويه سمعة الاسلام مستفيدة من اخطاء  بعض  المجاميع الاسلامية التي  تمارس  العنف  المسلح  حتى وصلنا الى حرب  الرسوم الكاريكاتورية التي  استهدفت نبي الانسانية وردود الافعال التي نشأت عن ذلك والتي لازلنا نعيش ارهاصاتها.
اما الرياضة فباتت اليوم اهم ادوات الحروب السياسية والتي يمكن وصفها بالناعمة. نتذكر جميعا الاجواء  التي  صاحبت كأس العالم بعيد حرب جزر فوكلاند, وما مثله انتصار  المنتخب الارجنتيني على نظيره الانكليزي بقيادة الاسطورة مارادونا. كذلك محاولة المنظمات الدولية كالامم المتحدة استخدام المحافل والمناسبات الرياضية للقضاء على العنصرية والتعصب الديني لتحقيق اجندة سياسية تهدف الى التقريب  بين شعوب العالم .
ما حصل مع المنتخب  العراقي  في  بطولة خليجي 21 يدخل هو الاخر في  اطار  استخدام الرياضة لتحقيق اهداف سياسية سواء على مستوى الداخل العراقي او على مستوى الدول المنظمة لهذه البطولة. وبكلمة اخرى مبارايات المنتخب العراقي التي خاضها امام نظيره البحريني ومن قبله السعودي والكويتي واخيرا الاماراتي كانت مباريات سياسية بإمتياز في  اطار  الصراع السياسي  الدائر  بالمنطقة.
وحينما نزعم ذلك فأننا لانهول الامور ولانبالغ بها, فالرياضة اليوم دخلت رغما عنها عالم الصراعات السياسية. فالانظمة الرجعية التي  ناكفت العراق الجديد وسعت وتسعى الى افشال تجربته السياسية الواعدة لن تتوانى عن استخدام الرياضة كسلاح سياسي في اطار اجندتها السياسية المناوءة للنظام السياسي الجديد, ومن هنا من غير المسموح للمنتخب  العراقي  تحقيق اي انجاز كروي في ظل الظروف التي  يمر بها العراق حتى لاتعتبر منقبة للنظام السياسي العراقي.
عراقيا سعى بعض السياسيين جاهدا لاقتناص  الفرصة  من اجل تسويق نفسه سياسيا من خلال ركبه الموجة , بالطرف المقابل هناك سياسيون كانوا يمنون النفس بخسارة المنتخب العراقي حتى لايحتسب ذلك لمصلحة غرمائهم السياسيين.
اخيرا مباراتنا مع الامارات لم تكن لعبة كرة قدم وحسب, بل  كانت لعبة سياسية بإمتياز تنافست بها اطراف عراقية محلية واخرى خليجية وكل ينطلق من غاياته السياسية, ورغم كل  ذلك كان الفائز الحقيقي الوحيد في  هذه المباريات هو الشعب العراقي الذي قطف ثمار إنجازات منتخبه  الواعد بتعزيز لحمته الوطنية مما احزن الكثير من المتربصين به الدوائر.
الم اقل لكم انها منافسة سياسية وليست لعبة كرة قدم. وحدهم حسني النوايا وطيبي القلب من يعتقدونها لعبة كرة قدم يجب عدم اخراجها عن سياقها الطبيعي ولكن وللأسف الشديد عالم السياسة لايقوده حسني النوايا مثلما لايدار بالنوايا الحسنة . 
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات