خاص: قراءة- سماح عادل
رواية “شغفها حبا” للكاتب السعودي “محمد السالم” تروى حكاية حب مأساوية، وتتشابه في ذلك مع عدة روايات سعودية ترصد قصص الحب المؤلمة والمفجعة، التي تعبر عن مجتمع قاهر وضاغط، وتتميز الرواية بلغة عذبة وحبكة جيدة.
الشخصيات..
مطر: البطل، شاب يعيش في إحدى الحارات في السعودية، اضطر بعد وفاة والده أن يعمل في احد المحال لبيع الخضروات، ولم يكمل تعليمه لكنه وقع في حب إحدى الفتيات، اللاتي يسكن في حارته، وكان ينتظرها كل يوم وهي عائدة من مدرستها.
مها: البطلة، حيببية “مطر”، بادلته الحب وكانا يتقابلان خلسة في الطريق ويتبادلان كلمات قليلة، ثم بعد ذلك أصبحا يتقابلان خلسة على سطح أحد المنازل المهجورة.
حسين: صديق “مطر”، يحب هو أيضا فتاة ويحلم بها لكنه لا يرى منها غير هيئة مغطاة بالكامل.
سين: اسم الفتاة التي تروي الحكاية، وهي بطلة أيضا، وهي ابنة اخو “مها” التي ستكشف حكايتها تدريجيا.
صالح: أخو “مطر”، رجل متشدد دينيا، سوف يكون مصدر أذى لعائلته وسيجبر “مطر” على الرحيل حين تحدث أزمة.
أم مطر: سيدة رقيقة تحب سماع الغناء بصوت “طلال” مغنى سعودي معروف، أنجبت ثلاثة أبناء، وتحملت موت زوجها ومرضه بصبر، وتحملت أذى ابنها المتشدد “صالح”.
الراوي..
تتميز الرواية بتعدد الأصوات، حيث أن هناك عدة رواه، “مطر”، و”مها”، و”سين”، هم الرواة الرئيسيون وينقل الكاتب وجهات نظر لشخصية “حسين” وشخصية “صالح” أثناء الحكي مما يعطي للرواية ثراء وتكامل، لأنها تستعين بعدة وجهات نظر وتكشف أسرار الشخصيات على ألسنهم ومن خلالهم.
السرد..
السرد يتمتع بحرفية، إضافة إلى تقنية تعدد الأصوات سعى الكاتب إلى خلق جو من التشويق حول قصة الحب الرئيسية في الرواية، وبدأ في الكشف عنها بالتدريج، ومن كافة وجهات النظر، الرواية تقع في 185 صفحة من القطع المتوسط، كما أن السرد لم يكتف بقصة الحب، وإنما حكى عن أبطال آخرون مثل، أبو مطر وأمه وأخوه “صالح”، والبطلة “سين” التي كان لها مساحة لا بأس بها في الرواية أيضا.
الحب ومأساته..
أصبح من المعروف لدى القراء أن قصة الحب في الروايات السعودية أو معظمها تنتهي نهاية مأساوية، بسبب قهر المجتمع وعاداته وتقاليده الصارمة والقاسية، حيث شهدت السنوات الأخيرة ظهور العديد من الروائيين السعوديين الذين كتبوا بغزارة روايات رومانسية كاشفة للمجتمع وتفاصيله ولعلاقات الحب المبتسرة فيه، والمميز أن هذه الروايات كتبتها شابات متمردات أردن الخروج عن هذا المجتمع الضاغط والتمرد عليه وإيصال صوتهن للعالم، وكانت رواياتهن ثرية ومهمة ترصد المجتمع السعودي بعين كاشفة ناقدة، كما أنها كانت، وإن دون وعي، معبرة عن حركة نسائية صاعدة تقودها شابات متعلمات وغير راضيات على قهرهن واعتبارهن كائنات درجة ثانية.
لكن أيضا، وهذا يحسب للرواية السعودية، كان هناك بعض الرجال الذين تمتعوا بدرجة عالية من التعليم وعبروا عن انتقادهم للمجتمع وتقاليده وقواعده الصارمة، وكان لهم رأيهم الذي أرادوا توصيله من خلال روايات عن قصص حب رومانسية ومأساوية، ومنهم كاتب هذه الرواية “محمد السالم” حيث أنهم، سواء بوعي أو بدون وعي، كشفوا تناقضات مجتمعهم وتفسخه من خلال حكيهم لقصص الحب المجهضة والمبتسرة في مجتمعاتهم.
وفي هذه الرواية يقدم الكاتب قصة حب “مها” و”مطر” التي انتهت نهاية مأساوية بسبب تعنت الناس، وغبائهم، وجهلهم، وعصبيتهم، حيث وقعت صورة التقطها “مطر” له ول”مها” حين كانا يتقابلان خلسة على سطح أحد المنازل المهجورة، وأدت هذه الصورة إلى حدوث فضيحة كبيرة، وأجبر “صالح” أخيه “مطر” على السفر إلى الكويت عقابا له على انتهك أعراض الناس، كما ثار بعض رجال الحي، وعوملت “مها” بعنف من قبل والدها وتم نبذها، رغم أن علاقتها ب”مطر” كانت علاقة حب بريئة، وكانا يتقابلان ويتبادلان بضع كلمات وبضع لمسات بين عاشقين متلهفين.
ولحظ العاشقين السيء قامت حرب الكويت وقتل “مطر” هناك وهو يدافع عن منزل أحد أصدقاءه الذي أواه، وجنت “مها” وأصبحت تنادي على حبيبها، وفقدت بصرها، وظلت تعيش على أمل عودته رغم علمها بخبر موته، بعد أن قام أبيها بترحيلها من الحارة هي وأخيها ليعشيا في بيت عم لهما في الرياض، وكأن قصة حب “مها” لم تكن وبالا عليها فقط وإنما على أخيها أيضا الذي أجبر على التزوج من ابنه عمه التي تكبره حتى يظل مستقرا في بيت عمه هو وأخته.
رغم أن هذه القصة ترصد حكاية شاب من الفقراء الذين يعيشون في إحدى الحارات في السعودية، إلا أن مسألة العشق شائكة في المجتمع السعودي بشكل عام، سواء بين الفقراء أو الأغنياء، وتتحكم فيها عادات وتقاليد بالية وقديمة، لكن للأغنياء أيضا قواعدهم وعاداتهم والتي عبرت عنها روايات أخرى.
رصدت الرواية أيضا كيف أن فتاة متعلمة وهي “سين” تضطر إلى أن تكتب تحت اسم زائف خوفا من أهلها والناس حولها، تكتب قصص في مجلة نسائية وحين تذهب لشرائها من بائع الصحف تخشى نظارته المتسائلة وكأنه يفتش عن أسرارها، وكأنها تقوم بعمل جريمة، وكأن الكتابة الأدبية جريمة تخشاها الفتيات المتعلمات في السعودية.. تقوم بعمل حساب باسم زائف على “الفيسبوك” وتستقبل رسائل الناس عليه ومنهم من يطلب منها كتابة قصته، وحين يراسلها أحدهم وتعجب بثقافته وعلمه وتحبه رغما عنها- على ما في قصص الحب هذه من سرعة وقوة تتنافى أو بالأحرى تتوافق مع جو الحصار والعزل الذي يعيشه الشباب هناك- لكنه يرفض مقابلتها خوفا من أن يستمر في علاقة حب مستحيلة، ويكمل لها فجوات قصة حب عمتها ويرسل لها يوميات “مطر” الذي عثر عليها بالمصادفة، وتخشى سين أيضا التمادي في حب هذا الرجل لان الحب موجع ومؤلم.
كما ترصد الرواية خيالات “حسين” صديق “مطر” وأحلامه، هو الذي يحب الفتاة “زهراء” والذي لم يرى منها سوى عباءة سوداء تغطى كل جسدها لكنه يعرفها بقلبه، ويحلم بها ويتخيل ملامحها وشكلها، ويكتفى بهذا الحلم كبديل عن معايشة تفاصيلها، لأنه لا سبيل إلى ذلك أبدا، وفي النهاية يسافر مع “مطر” ويفقد حبيبته تماما والتي لم يعرفها من الأساس.
الكاتب..
“محمد السالم” كاتب سعودي شاب، كتب عدة روايات رومانسية حازت على إعجاب الكثير من القراء، ونال شهرته بين أوساط الشباب خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي ” فيسبوك و” تويتر”، صدرت له روايات: (أحبك وكفى- حبيبتي بكماء- شغفها حب- مرحبا يا سكر- كلك الليلة في صدري).