حاولت كاترين كنسلر في كتابها ما العلمانية تكوين صورة ايجابية توافقية للعلمانية مع الدين وجعلت التسامح الذي تحدث عنه جون لوك ( 1632-1704) حل وسطي بين ما يريده الدين وما تريده العلمانية وبالرغم من ان حديثها عن الدين تقصد به الدين المسيحي ، ولكنها حاولت ان لا تلغي عقيدة الايمان من العلماني ، ولو كان لها اطلاع عن مبادئ الدين الاسلامي لكان لها كلام غير الذي قالته بالرغم من انها استاذة بالفلسفة وهذا يحتم عليها الاطلاع على بقية فلسفة الاديان الاخرى .
الايمان بالله عز وجل ليس رغبة او معتقد فقط ومن غير ضوابط بل ان له ضوابط تجعل عبادة الفرد مقبولة او مرفوضة من قبل المعبود ، العلمانية عجزت عن قيادة المجتمع وفق ضوابط خلقية ترتقي بمفهوم المجتمع المترابط في كل شيء ، العلمانية تعتقد الدين فقط عبادة وهي التي اصطدمت بالكنيسة في اكثر من قانون وتحديدا قانون الاحوال الشخصية ، وخصوصا الطلاق وبسبب الخلاف اسست بريطانيا كنيسة غير مرتبطة بالفاتيكان وتعتبر إحدى أشهر قضايا الطلاق في التاريخ الغربي قضية طلاق هنري الثامن ملك إنجلترا من كاثرين أراغون عام 1534 ما أدى إلى تأسيس الكنيسة الأنجليكانية وذلك بعدما رفض البابا ترخيص طلاقه، وهي الفترة التي ظهرت بها افكار مارتن لوثر (1483-1546)، كما وانه سبق للكنيسة ان اصطدمت بالعلماء الذين اكتشفوا النظريات العلمية واعتبرتهم كفار بل اعدمت البعض منهم وهنا كان الخلاف بين الدين والعلمانية .
يمكن ان نعتبر جوهر القضية المشتركة بين العلمانية والدين هي ان لكل فرد حق وعليه واجب ، والاختلاف هنا بين العلمانية والدين، من هو الذي يحدد الحق والواجب وكيف يحكم اذا تداخلت الواجبات بين اثنين ؟ وفي نفس الوقت العلمانية تسحب يدها من اعمال يتفق عليها اثنان بالتراضي مثلا زواج المثل وتتدخل في قضايا خاصة شخصية لتمنعها مثلا الحجاب .
هنا يتضح ان العلمانية تهدف الى هدم قيم المجتمع وجعل الانسان الة من غير روح او كرامة ، فالدين الاسلامي شرع لحفظ الحقوق وتشريع الواجبات ، وان عبادة الله عز وجل لاتكون حركات وترتيل بل اعمال يلتزم بها المسلم اتجاه المجتمع حتى يرضى الله عز وجل على عبادته ، فاحترام الاخرين وعدم التجاوز على حقوقهم من اهم ما تحث عليه الشريعة الاسلامية ، وبالنسبة للمراة الاسلام يريد لها العفة ومن بين متطلبات العفة الحجاب ، واما الزواج وتشريعاته بين حلاله وحرامه وضع الشارع المقدس ضوابط للحرام والحلال ، فعندما يحرم الاسلام زواج الاب من بنته او بنت اخيه او بنت اخته تجد هذا الامر عادي جدا في الغرب ان رجل يعشق بنته ، واما عدم الغيرة على الزوجة فانه امر شائع وبالرغم من ان هنالك الكثيرين ممن يرفضون التجاوز الجنسي على زواجاتهم .
هنا اصطدمت العلمانية بالدين الاسلامي لكي تحجر عليه وتطلق العنان للرغبات الجنسية بحجة الحرية والحقوق الشخصية ، فتجدها شرعت زواج المثل في اقذر عملية جنسية على الارض ، وهي ايضا شرعت قوانين تسمح به للعاهرات مزاولة رذيلتهم وحتى في المانية وضعوا تسمية لهن عاملة جنس مراعاة لشعورهن بدلا من كلمة عاهرة .
ومن هنا تجد ان المواطن الغربي العلماني ليست لديه الحمية من اجل وطنه واغلب الذين يدافعون عن بلدانهم هم اللقطاء (مجهول النسب) الذين يكونون قوة عسكرية ولائية لرغبات السلطة في صيانة الرقعة الجغرافية التي يحكمون عليها وصيانة سياستهم التامرية على أي بلد او شعب كان .
ومسالة معالجة الالحاد وجعله حرية وفق مبدا العلمانية بالرغم من ان جون لوك يرفض الالحاد جملة وتفصيلا الا ان العلمانية تراه حرية شخصية ، فلماذا لاترون الحجاب حرية شخصية ، ولماذا لاترون الشعائر الاسلامية حرية شخصية ، ومن لايؤمن بالله عز وجل فلماذا يجهر بالحاده متجاوزا على مقدسات الاخرين ؟ فليلحد كما يشاء ولكن ليكتم كفره بقلبه ويتصرف وفق القوانين العلمانية في البلدان العلمانية ولكن في البلدان الاسلامية يلتزم بالقوانين الاسلامية ، والمفارقات موجودة هنالك من يؤمن بالله عز وجل ولكنه يقدم على اخس الاعمال، وهنالك من لايؤمن وليس بالحادي يقدم على اعمال حسنة تخدم المجتمع .
العلمانية ومن خلال قوانينها تظهر ان غايتها هدم قيم المجتمع والغاء أي تشريع ديني مهما كان هذا الدين يحافظ على اواصر المحبة بين المجتمع ، ولهذا روجت لمبدا فصل الدين عن السياسة وجعلت من خلال قوانينها دينا خاصا بها وهو الدين السياسي .