السعودية والانتخابات العراقية .. ومسار العودة للقومية العربية !

السعودية والانتخابات العراقية .. ومسار العودة للقومية العربية !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

أتضح بعد الإعلان عن نتايج الانتخابات البرلمانية العراقية بشكل رسمي، أن حزب “مقتدى الصدر”، رجل الدين القومي الشعبوي الشيعي، تمكن من الحصول على النسبة الأكبر من مقاعد البرلمان العراقي.

ويعتقد البعض أن السياسات الخاطئة للحكومة العراقية الحالية كانت سبباً في إزدياد ميول معظم العراقيين لـ”تيار الصدر”، بينما يعتقد آخرون أن المشكلات الاقتصادية كانت سبباً في تنامي مشاعر الإستياء والغضب من الحزب الحاكم. لكن يبدو، بحسب صحيفة (المبادرة) الإيرانية الإصلاحية، أن الشعب العراقي يحمل نوعاً من العصبية العرقية وهو بصدد العودة للقومية العربية.

وتحوز دراسة أسباب ميول شيعة العراق للتيارات القومية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة أهمية بالغة، لذا حاولت (المبادرة) الإيرانية مناقشة هذا الموضوع.. 

سعت الجمهورية الإيرانية، منذ عام 2003، وعقب سقوط “صدام حسين”، إلى تقوية نفوذها في العراق، عبر التأكيد على الهوية الشيعية، (نظراً لأن الشيعة العرب يمثلون الغالبية السكانية في العراق)، والتفريق بين القضايا الوطنية والعرقية.

لكن خلال السنوات الماضية؛ ظهرت مؤشرات على إحياء الهوية العربية مجدداً في العراق، لا سيما المناطق ذات الأغلبية الشيعية، بينما خفتت القومية العربية في العام 2003، وبعد حظر نشاط “حزب البعث”. ويظهر بوضوح وبخلاف الأسباب المتعددة أثر المساعي السعودية في هذا المسار.

انتخابات خاصة في مرحلة ما بعد “داعش”..

تحوز انتخابات 2018 أهمية بالغة؛ من حيث هزيمة (داعش). وقد شارك في الانتخابات 44,52% من المستحقين للتصويت، وبحسب عمليات الفرز حل “تحالف اتحاد الثوار لأجل الإصلاح”، (المعروف بـ”سائرون”)، بقيادة “مقتدى الصدر”، صاحب المواقف القومية والمستقل نسبياً عن “إيران” وأميركا، في الصدارة.

وحلت قائمة “الفتح”؛ بقيادة “هادي العامري”، القائد بـ”الحشد الشعبي” الحليف لإيران، في الرتبة الثانية، وبينما احتلت قائمة “النصر”؛ برئاسة “حيدر العبادي”، رئيس الوزراء الحالي، صاحب العلاقات الإيجابية مع “إيران” و”أميركا”، المرتبة الثالثة.

لكن لم ينجح أي من هذه الأحزاب في الحصول على الأغلبية.

أسباب فوز “مقتدى الصدر”..

أحد الأسباب المهمة في فوز “تيار الصدر” بالانتخابات الأخيرة؛ هو قيادته، خلال السنوات الماضية، حركات التظاهر والاعتراض في العراق. والحقيقة أنه يمثل بتوجهاته الشعبوية فئات الشعب العراقي المحرومة، حيث شرع في بيان مطالب واحتياجات العراقيين.

وكان “مقتدى الصدر” يتضامن مع التيارات العلمانية واليسارية، التي نظمت عدداً من المظاهرات ضد الفساد والفشل الحكومي في إدارة الملف الاقتصادي والخدمات، ومن ثم حاز مكانة خاصة بين جماهير الشعب.

والشيعة الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة؛ كانوا ساخطين على أداء حكومة “العبادي” على مدى السنوات الأربع الماضية. في الوقت الذي حققت فيه حكومة “العبادي” إنجازات كبيرة؛ أبرزها هزيمة تنظيم (داعش) الإرهابي، لكن يبدو أن أولويات العراقيين كانت تهتم بالقضايا الاقتصادية والمعيشية.

لكن الملاحظة، التي يتجاهلها الكثيرون، هي مساعي “السعودية” على مدى السنوات الماضية لإحياء روح القومية العربية، لا سيما في المناطق الجنوبية من العراق وبين الشيعة.

لقد سعى ولى العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، عبر ضخ الاستثمارات الاقتصادية الكبيرة في العراق، إلى زيادة شعبيته في هذا البلد، وكان قد فضل ضخ المساعدات المالية للشخصيات الشيعية النافذة بدلاً من السياسيين السُنة. حتى أنه استضاف في الرياض، “مقتدى الصدر”، رجل الدين الشيعي، و”قاسم الأعراجي”، وزير الداخلية المقرب من إيران.

وقد بذل “بن سلمان”، منذ العام 2015، المساعي الكثيرة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، وفتح العام الماضي الحدود “السعودية” مع العراق. وبلغت المساعدات السعودية للعراق حداً دعا الدبلوماسيون العراقيون إلى الإعلان بصراحة، على هامش “مؤتمر إعمار عراق ما بعد داعش”، أنه لا يمكن مقارنة المساعدات السعودية إلى العراق بنظيراتها الإيرانية.

وقال مسؤول عراقي: “بعد هزيمة إيران في مكافحة الإرهاب، فقد حان وقت لتضي السعودية عليهم”..

في النهاية؛ تيار “مقتدى الصدر” ليس حزباً مناوئاً لـ”إيران”، أو حليفاً للولايات المتحدة الأميركية. لقد سعى “مقتدى الصدر”، (من خلال التأكيد على المكونات العرقية للشعب العراقي)، إلى لفت إنتباه الرأى العام العراقي إلى الأزمات الداخلية، وبخاصة الاقتصادية.

في الوقت نفسه تمنح رؤية تيار “سائرون”، الممكلة العربية السعودية، فرصة جيدة للحد من النفوذ الإيراني في العراق عبر تقديم الدعم للأحزاب الشيعية القومية. ويبدو أن السعودية لا تمانع وجود عراق شيعي وتسعى للحصول على قبول الشيعة العراقيون من خلال التأكيد على المناقشات القومية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة