24 ديسمبر، 2024 4:22 م

أخذت فماذا أعطيت أيها المسؤول !؟

أخذت فماذا أعطيت أيها المسؤول !؟

سؤالٌ جماهيري ملّحٌ, يجب ان يُردد هذه الايام . ويقول السؤال : (أخذت .. فماذا أعطيت أيها السياسي المسؤول ؟) .. سؤالٌ موجه من الشعب العراقي الى السياسي المسؤول في أي موقع كان, وعلى السياسي, الإجابة عنه, وعلى الإعلامي والجمهور التحقيق من صدق وصحة الإجابة . لقد اخذ السياسي من الشعب العراقي المالَ والجاهَ والسلطةَ والحصانةَ والامتيازاتِ والضماناتِ, واخذ الكثير غير هذا . اخذه مقرونا بثقة الشعب التي كانت بمثابة توقيع الشعب على العقد المبرم بين الطرفين ( الشعب والسياسي) , فماذا أعطى هذا السياسي للشعب الذي منحه كل تلك الامتيازات !؟ هذا هو السؤال المُلحّ الذي يتوجب على الشعب العراقي طرحه على السياسي هذه الأيام التي سوف تشهد انتخاب أعضاء مجالس المحافظات, وعلى السياسي الإجابة عليه بوضوح .. ! صعب جدا عليَّ الحديث عن كل السياسيين العراقيين , ولكن من السهل, ومن الصواب ايضا, ان اختار السياسيين في محافظة (بابل) ليكونوا أنموذجا للسياسيين العراقيين جميعا, ذلك, لان الحال أكدت للجميع ان سياسي العراق جميعا يأخذون نفس الأشياء من الشعب ويفعلون نفس الأشياء اتجاه الشعب ايضا, يأتي هذا ويكون وفق التصنيف الأفقي لهم . أي ان اعضاء مجالس المحافظات “مثلا” يكادوا ان يكونوا متساوون في الحقوق والصلاحيات والمسؤوليات . وهنا سوف أتحدث عن أعضاء مجالس المحافظات وأعضاء مجلس محافظة بابل حصرا حتى استطيع تحديد بعض الحوادث والظواهر بأكبر قدر من الدقة والموضوعية والمصداقية . منذ فترة تزيد على السنة وانا أحاول الحصول على إجابة لهذا السؤال : ( أخذت فماذا أعطيت) , ولكني اصطدم دائما بحقائق تكفيني إجابة عن السؤال , إذ ليس هناك من منجز حقيقي يستطيع المسؤول إعلانه والافتخار به , وما كنت ارى الا الفساد والتجاوزات , ربما اجد احدا هنا او هناك ” كفّ خيرُه شرَّه ” وان لم يقدم أي شيء للشعب . وحتى لا أجافي الحقيقة اقول : ان احد أعضاء مجلس محافظة بابل رفض الترشح لدورة ثانية – بمحض إرادته –  وقد سرني هذا الرجلُ القولَ , بأنه لم يستطع ولن يستطع العمل من اجل مصلحة المواطن وسط أغلبية تفضل مصالحها الشخصية والحزبية على مصالح المواطن, وكان هذا الرجل يُدعى بشير ناجي , بينما ” بالمقابل” ترك أعضاء مجلس آخرون كتلهم التي لم ترشحهم وذهبوا مستميتين الى كتل اخرى من اجل ترشحهم مرة أخرى , طمعا بالمنصب والجاه والسلطة والامتيازات بل والاستمرار بممارسة الفساد . ولا يفوتني ان انوّه إلى عضو  آخر في مجلس المحافظة رفض إيفادا ذات مرة لأنه لم ير فيه مصلحة للمواطن ورأى فيه هدرا للمال العام , ونفس هذا الشخص أعاد مخصصات إيفاده ذات مرة أيضا لأنه رأى فيها, أنها ليست من استحقاقه , وهذا الرجل هو النائب الأول لرئيس المجلس ويدعى صباح علاوي .
لقد اصدر “مؤخرا” مجلس محافظة بابل قرارا يمنح فيه إجازة إجبارية للمدراء الذين يعملون في دوائر الدولة (داخل المحافظة) والذين قدموا أنفسهم للترشح الى عضوية مجلس المحافظة, وجاء في أسباب منح الإجازة الإجبارية للمدراء المرشحين : ان المجلس يخشى ويحتاط من ان يستغل هؤلاء المدراء مناصبهم بصلاحياتها وامتيازاتها لإغراض انتخابية , ويبدو ان هكذا قرار يصب في صالح نزاهة الانتخابات , وهو كذلك فعلا, مع انه لا يستند الى تشريع قانوني صريح , ولكن, من ينظر بتمعن الى مصدر القرار وبواعثه والواقع الذي يحيط به يدرك ان القرار هو بمثابة “كلمة حق يُراد منها باطل” اذ انه جاء في خضم الصراع الحزبي وحساباته الانتخابية على الساحة السياسية في المحافظة , فالمحافظ “مثلا” واغلب المدراء ينتمون لجهات سياسية تعارض وتنافس تلك الجهات التي سعت الى صدار هذا القرار . ولو افترضنا ان مجلس المحافظة بكامل اعضائه كان مع هذا القرار (أي منح الإجازات الإجبارية للمدراء) خوفا من إشغالهم للمناصب ! ترى من يضمن ان هؤلاء المدراء لم يستغلوا من قبل, مناصبهم – طوال الفترة التي سبقت الانتخابات – !؟ وهل الشهر الذي يُمنح لهم إجازة إجبارية يكفي لمنعهم من استغلال مناصبهم, وهل احتاط او فعل أعضاء مجلس المحافظة شيئا يحول دون التحضير المسبق للمدراء من اجل  ان يكون هذا الشهر مدفوع الثمن مسبقا كرشوة للجمهور من اجل انتخابهم !؟  واذا كان أعضاء مجلس المحافظة حريصين على نزاهة الانتخابات وحريصين على منع استغلال المناصب لإغراض انتخابية , من يا ترى يضمن عدم استغلال أعضاء مجلس المحافظة انفسهم لمواقعهم في المجلس من اجل رشوة الجمهور, خاصة ونحن نرى ونلمس ونسمع ان المجلس برئاسته وأعضائه يقومون بأعمال تنفيذية هي ليست من صلاحياتهم ومخالفة للقانون كالتدخل المباشر في المشاريع والخدمات والتعيينات وغيرها. ومن يراقب أعضاء المجلس يرى كيف وضع وقسّم اعضاءُ المجلس موازنةَ المحافظة للعام 2013 والتي كانت اشبه بالمحاصصة الحزبية والشخصية , وجاءت على حساب أناس ليس لهم ارتباط بعضو مجلس او كتلة , ومن يدقق بالتخصيصات والمشاريع يعرف مقدار تدخل الأعضاء من اجل رشوة الجمهور بمشاريع ومنح ومساعدات ووظائف . لقد مارس المجلس خلال السنوات الأربع الماضية سلطات تنفيذية على كافة المستويات والهدف منها دائما هو الانتفاع الخاص او رشوة الجمهور . ففي المجلس نفسه تُصرف المبالغ الذي يجبيها المجلس – من خلال لجنة الطاقة المُخالفة للقانون –  تصرف من اجل كسب ود الجمهور واستمالته لهذا العضو او ذلك او هذه الكتلة او تلك . وقد شهد المجلس توظيف المئات, وتم دفع رواتبهم من إيراد لجنة الطاقة , ولم يكن من بين الذين وظّفهم المجلس شخص واحد إلا وقد جاء به عضو مجلس او كتلة او وسيط نافذ, حتى ان رئيس المجلس وفي احدى الجلسات التي شهدت انتقادا للتعيينات في لجنة الطاقة قال يومها ان هذه التعيينات, كلها فساد وان من تم توظيفهم جميعا, كان من خلال        ” محسوبية” الأعضاء . واليوم يعمل في لجنة الطاقة اكثر من 700 عامل ولا ينتظم بالعمل اكثر 300 فقط اما الآخرون فيأخذون رواتبهم فقط وهم محسوبون  على هذه الجهة او تلك او هذا العضو او ذاك ولا يستطيع احد ان يفعل شيئا إزائهم . ومن هنا على الجمهور الذي سوف يصوت قريبا لانتخاب اعضاء مجلس المحافظة , عليه ان يسأل هؤلاء الأعضاء ” لماذا وظّفتم أقاربكم ومحسوبيكم ومنسوبيكم على حسابنا وعلى حساب تكافؤ الفرص بين العراقيين التي فرضها الدستور ؟ لماذا مارستم السلطة التنفيذية وخالفتم الدستور والقوانين ؟ لماذا هدرتم المال العام في مشاريع فاشلة كان الفساد سبب فشلها, وسرق من خلالها المقاولون النافذون اموالنا , لماذا قضيتم فترة عملكم في المجلس وانتم تحملون حقائبكم في إيفاد وسفر دائم على حساب المال العام , وكثيرا ما تعطلت جلسات المجلس بسب إيفاد غالبية الأعضاء , حتى قال احد اعضاء المجلس ذات مرة متهكما: (اقترح ان يعقد مجلس محافظة بابل جلساته في اسطنبول او اربيل )؟ لماذا هدرتم اموالنا في شراء السيارات الفاخرة التي يركبها أبناؤكم وبناتكم وأقاربكم ومقربيكم وهي من اموالنا ونحن لا نجد لقمة العيش ؟ لماذا تشترون الهواتف النقالة الثمينة لكم ولذويكم وتتصلون بها على حسابنا ؟ لماذا بذرّتم اموالنا وأهدرتموها وتمتعتم انتم وأهلكم فيها بغير حق ؟ لماذا  صعرتم خدودكم علينا بعد ان منحناكم ثقتنا فجفوتمونا وخنتمونا ؟ لماذا عبثتم بمؤسساتنا وخاصة اشرف مؤسسة ” مجلس المحافظة” فمنحتم المناصب والمنافع والمكافآت لذويكم ومقربيكم ومحسوبيكم بغير حق ؟ فصرنا نرى إخوانكم ومقربيكم يتبوؤن المناصب ويركبون السيارات الفاخرة ويأخذون المكافآت الكبيرة ويذهبون في كل إيفاد تزهدون به او ترغبون انتم لان يكون لهم ….
 على المواطن ان يسأل عضو مجلس المحافظة المرشح لدورة ثانية : لماذا استخدمت وتستخدم سيارات الدولة في حملتك الانتخابية ؟ ولماذا استخدمت موظفي الدولة وخبرتهم واجهزة ومعدات الدولة في الإعداد لحملتك الانتخابية, فصمم لك موظفو الدولة الذين ترأسهم البوستراتَ واللافتات واختاروا لك الشعارات وخطوها بأيديهم, بل وكان استغلالهم في حملتك الانتخابية ضمن وقت عملهم المخصص للدولة أي إثناء الدوام الرسمي , لماذا تستغل صلاحياتك وتوظفها لصالح حملتك الانتخابية ؟ لماذا تضغط على الدوائر التنفيذية من اجل ان تدفع عنك ثمن توظيف أناس تريد انت شراء أصواتهم , أليس هذا فساد ومخالفة للدستور والقانون والأخلاق ؟ لقد أخذت كل شيء منّا مقدما ولم تعطنا غير الندم على انتخابك مؤخرا .
والى المرشح الجديد الذي يريد عضوية المجلس , نقول : على المواطن ان يقول له سوف نمنحك أصواتنا ولكن, عليك ان تنهي كل مظاهر الفساد التي أحدثها أسلافك من قبل في مؤسسات الدولة ودوائرها في المحافظة . فلا نريد ايفادات – سفرات سياحية مقنعة – على حساب المال العام إلا بشروط وأولها تحقيق المصلحة العامة . لا نريد المزيد من الرفاه غير المستحق لأعضاء المجلس وتكفيهم سيارة او سيارتان وهاتف وهاتفين وبضع ايفادات فقط , لا نريد مناصب وظيفية وسيارات وامتيازات ايفادات تُمنح لموظفين على قاعدة المحسوبية الحزبية والشخصية وليس على قاعدة الكفاءة والقدرة على تقديم الأفضل, لا نريد من يمثلنا يستغل منصبه وصلاحياته من اجل الثراء وتحقيق مصالحه الشخصية ومصالح أسرته وأقاربه والمحسوبين عليه , فقد رأينا أعضاء مجلس عينوا أبنائهم وإخوانهم وبعضهم منحوهم المناصب والسيارات والمكافآت وامتيازات أخرى كثيرة لم تكن لهم ولا لأي موظف عاد . لا نريد أعضاء مجلس يثرون على حساب المال فيؤسسون شركات لهم,  تعمل في مشاريع المحافظة من خلال الفساد والمحسوبية فيغطون على فشل شركاتهم في انجاز المشاريع وينهبون معظم الموازنة الاستثمارية . علينا ان نشترط على المرشحين الى مجلس المحافظة ان يقابل ترشيحنا لهم تعهدهم بتحقيق العدالة والتصحيح والإصلاح ومكافحة الفساد والمحسوبية , ابتداءا بمؤسسة مجلس المحافظة والجهات ذات العلاقة بها  وانتهاء بجميع دوائر ومؤسسات الدولة في المحافظة وما يتعلق بها .
اخيرا ليكون شعارنا في الانتخابات القادمة ( صوتُكَ شرفُكَ , فانظر من تأتمنه على شرفك ) لا كما علل احد الظرفاء رشوة المرشحين للمواطنين ” بالبطانيات ” بقوله : لكي ينام المواطنون ويسرق المرشحون اصوات الموطنين أي ثقتهم وبالتالي شرفهم ….