من منطلق ” الثواب على قدر المشقة ” آثرت وزارة الكهرباء تقنين تزويد الكهرباء للمواطنين وخصوصاً في المناطق الشعبية المكتظة بالسكان بمناسبة قدوم شهر رمضان الفضيل.
هذا الامر ليس منفصلاً عن النظرة الاستراتيجية لوزير الكهرباء, المتأرجحة بين خصخصة الكهرباء لشركات المتنفذين وحصحصة اصحاب المولدات الأهلية حزبياً, والذي أعيد انتخابه قبل ايام بنجاح… ف ” من يحبه الله يبتليه “, لأكمال رسالة التعذيب الكهربائي لخير الصائمين وآخرتهم.
فبأنقطاع الكهرباء يكون قد قدم لهم خدمة جليلة اخرى غير كرم المشقة… فقد جنبهم مشاهدة برامج الطبخ المملة وحزازير رمضان التافهة والمسلسلات التاريخية المكرورة وبرامج الترفيه الساذجة التي تزخر بها فضائياتنا المختلفة, لكنه قطع الطريق على كل صائم مخادع, يرى بأن الصوم انسداح تحت نسائم السبلت الباردة انتظاراً لموعد الافطار, ليتبجح علينا بورعه ويمّن علينا بصيامه ويجمع حسنات مجانية, بالكوم دون مشقة, تؤهله لحجز مقعد مريح تحت سدرة المنتهى.
فتهانينا للوزير بفوزه المظفر لدورة برلمانية جديدة قد تتوّجه وزيراً للكهرباء لأربع سنوات سمان قادمة من مقبلات السلطة, وسيل الحسنات التي ستنهال عليه لأعلاءه شأن الدين… وتبريكاتنا الحارة للصائمين, وخاصة ممن انتخبوه, الثواب المضاعف الذي سيسجل لهم في حسابهم يوم القيامة عن مكابدة, جموع المؤمنين, الصوم بغياب الكهرباء وشح المياه في هذا القيظ اللاهب.
لا بل آلت وزارة الكهرباء, وهذه حسنة اخرى تضاف الى سجل الوزير لأجل الصائم, على نفسها استمرار تدفق الكهرباء الى المنطقة الخضراء ومقرات احزاب السلطة وجوامع احزابها لتوفر الاجواء المنعشة للتخفيف عن اصحاب السلطة من عناء خدمتهم المضنية المتجردة للمواطن المبتلى والسهرعلى ضمان نيله اكثر ما يمكن من حسنات المشقة, ولكي تكون دعواتهم الخاشعة وصلواتهم القلبية لله من اجله, تحت تبريد الايركوندشنات المركزية مرطبّة بعبق التقوى وندى الخشوع.
الأجواء مكهربة في ارجاء البلاد بسبب انقطاع الكهرباء وغياب الخدمات الاخرى… رمضان يجمعنا, بعد كل فطور, من اجل التغيير !