23 ديسمبر، 2024 7:46 م

الاحزاب في المنطقة العربية مصابة بنفس الامراض منذ ظهورها مع مطلع القرن العشرين،ويظهر ذلك جليا بعد وصول أيا ً منها الى سدة الحكم،ونظرة سريعة الى طبيعة الاساليب وردود الافعال التي تصدرعنها إزاء أي حدث يواجه سياساتها،لنكتشف على الفوروكأنها تنطلق من عقلية واحدة،على الرغم من اختلاف الايدلوجيات التي تتحصن وراءها سواء كانت إسلامية أو قومية أو ماركسية. فنبرة التخوين والتشكيك بوطنية الطرف المعارض هي السِّمة المشتركة التي  تجتمع عليها جميع الاحزاب، ومن خلالها يتم اللجوء الى اساليب التسقيط والتزييف الاعلامي ضد الخصوم حتى لو أدى ذلك الى دفع البلاد نحو حرب أهلية يذهب ضحيتها العشرات،ولنا في ذلك أمثلة قريبة جدا، منها ماحدث في مصر قبل سقوط مبارك عندما كان الحزب الوطني الحاكم  يكيل التهم  لكل القوى الثائرة ضده متهما ً إياها بالعمالة للاجنبي وتلقيها أموالا ًمن دول معادية وتنفيذها لأجندات أجنبية. والمفارقة المضحكة أن التهم ذاتها باتت تطلقها جماعة الاخوان المسلمين على كل القوى السياسية المصرية التي اختلفت معها بعد أن تسلمت هي السلطة !.  كذلك الحال في العراق أيام حكم البعث،ونفس الوضع أيضا ً بات ينطبق الآن على من جاء بعده وتسلم عرش السلطة!.
ماذا يعني هذا !؟. . هل يعني أن العقل العربي يعاني في جوهره من أزمة مستفحلة ومستعصية في التفكير تمنعه من انتاج شيء جديد حتى في حدود الصراع على السلطة مع الاخرين ؟ ألا يدعو هذا الشعوب العربية قبل أحزابها الى الدهشة والالم  وبنفس الوقت الرثاء والخجل !؟ ذلك لأنها ارتضت لنفسها أن تبقى أسيرة كيانات واحزاب وايدلوجيات سياسية مِسخ، لاقيمة ولانفع لها على الارض، بل إن وجودهاوحضورها بكل تخريجاتها الفكرية الهجينة هوأكبر خطيئة أرتكبت ومازالت ترتكب بحق شعوبها .
لماذا تبقى الاجيال العربية تخوض في مستنقع  آسن ٍ لِسياسات الاحزاب العربية ومخططاتها المتعفنة !؟ ألم يحن الوقت لكي نرى جيلا جديداً من قادة وساسة شباب تخلوا عقولهم وارواحهم  من عقد وأمراض الساسة الكهول واحزابهم الديناصورية ؟ ألم يحن الوقت لظهور احزاب جديدة لاعلاقة لها بكل الارث الايدولوجي المُحتَقِن والمُحتقَن بكل خرافات الفكرالمتطرف سواء ماكان منه ماركسيا أو قوميا  أو اسلامويا او طائفيا ً ؟. . ألم يحن الوقت لكي توضع هذه الايقونات  في المتاحف أو ترمى في براميل القمامة ؟ ويمكن فقط ملاحظة ملامح لهذا التغيير في مصرعبر تشكيلات سياسية جديدة اعلنت عن نفسها خلال الاعوام القليلة الماضية مثل حركة 6 ابريل التي قادت عملية التغيير السياسي في مصر وكانت رأس الحربة في ثورة 26 يناير كانون الثاني 2011 وجل قادتها  واعضائها من الشباب الذين تتراوح اعمارهم مابين 20 – 26 .    
إن المجتمعات العربية ماعادت تحتاج إلى احزاب لارصيد لديها سوى  مفكرين وفلاسفة ومنظرين لاينتمون الى هذا العصر بكل متغيراته واحتياجاته مثل:  ماركس وجيفارا وميشيل عفلق وحسن نصرالله وحسن البنا . . هي الان أحوج ماتكون الى أحزاب واقعية لاترفع ايّة  شعارات سياسية إنما : برامج ومشاريع وخطط  تنموية تسعى لأستثمار الطاقات العلمية والبشرية لكل الشباب العاطل عن العمل وتقدم افضل الخدمات لعموم الشعب،من تعليم متقدم الى رعاية صحية الى سكن لائق الى عيش كريم يليق وينصف آدمية وكرامة الانسان إضافة الى تكريس الدعوة لتعميق الاخوة الانسانية بين الاديان والقوميات وعموم البشر.   
يكفي ماضاع من عمرالشعوب العربية جرّاء خطابات وشعارات ثورية طنانة تتاجر بالدين والقومية والوطنية وتسوق الشعوب الى حروب خاسرة وانتصارات وهمية ، وفي مقابل هذا تعجزعن تقديم ابسط الخدمات  لشعوبها من شارع مبلط نظيف ، وكسرة خبزلطفل جائع وعلاج لمريض لايملك ثمن الدواء،وبيت لعائلة تسكن القبوروتعتاش على المزابل . .
آن الاوان ليتوقف مسلسل التظاهرات الهزلية المُمِلةِ التي مانفكت تجيّشُها أحزاب السلطة ضد من يعترض على سياساتها ويساق عنوة إليهاموظفون ومدرسون وطلاب مدارس لكي يهتفوا دعما ً وتأييدا ًلكل سياسات ألحاكم وحزبه،وكأنَّ الناس مكتوب عليها الصمت والرضوخ والخنوع ولايحق لها الاحتجاج علنا ً إزاء  مايقع عليها من حيف أو ظلم .