يتبادل الفائزون والخاسرون في الانتخابات عبارات التهاني والتبريكات وتطيب الخواطر في العالم الا في بلادنا نسمع الشماته والاتهامات المتبادلة ، طبعا هذا لا يعطي صك البراءة للتزوير والتلاعب والانتهاكات وانما نريد ان نلفت الانتباه ان مثل هذه القضايا تعالج من خلال القانون وهي مسألة تتعلق بشرف العراقيين جميعا واحترام اردتهم وهم معنيين بها ويحاول فاسدون ونافذون في السلطة سلبها واغتصابها .
ما نريد ان نثيره في عمودنا هذا تسليط الضوء على مواقف بعض القوى من نتائج الانتخابات التي القت اللوم لخسارتها على التظاهرات في ساحات الاحتجاجات والقوى العلمانية او المدنية المنادية بتوفير الخدمات ومكافحة الفساد وما الى ذلك من المطالب التي هي على كل شفه ولسان ،بما فيها جماهير القوى الخاسرة والغارقة في الاداء السيء التي لاتريد ان تلحظ البيئة التي تعيش فيها.
كنا نتوقع ان تغادرهذه القوى غيها وتعود الى رشدها وتسمع صوت الادانات الواسعة لها في الشارع كي لا تصبح اسما من الماضي من خلال دراسة وتحليل عميقين لاسباب وعوامل خسارتها وهي في السلطة ، وفوز الاخرين الذين منحهم شعبنا ثقته ، فالمراجعة ليست عيبا والاعتراف بالخطا فضيلة وطلب المغفرة من شعبنا الذي اجرمت بحقه بتبديد ثرواته وافقاره ومنعه من الاستفادة والتمتع بخيراته والمساواة بين ابنائه لعل مثل هذا الامر وغيره يساعدها في العودة لدائرة الضوء والتاثير مجددا ويعطي الانطباع للذين عاقبوها انتخابيا بتوبتها عن معاصيها ولو ان ابن آوى لا تقبل توبته.
للاسف لم تنتقل الى حالة التعليل الموضوعي والصادق لخسارتها وبقيت تستعير التبريرات وتتساوق مع تصريحات حملتها رياحا غير وطنية معروفة اغراضها واهدافها وماذا تحمل لنا من داء ، لقد ولى زمن التعمية ومحاولات تزييف الحقيقة للجمهور لتبرير الفشل الذي هو نابع في الاساس من طبيعتها ومواقفها وسياساتها . على ما يبدو انها لاتريد تخطي طائفيتها ومتشبثة بمحاصصة مقيته تضاءلت حظوظها في الحياة ومجها الناس ولم تعد هناك مساحة للمناورة والاتكاء عليها واستخدامها للخداع .
مرة اخرى نقول كان تبرير عقاب الناخبين لها ومحاولات حرف الانتباه عن الاسباب الحقيقة امورا غير منطقية ولامعقولة واصرار على النهج المدمر الذي سلكته ولا يدل على التفكير بالاتعاظ ، ولو عادت عقارب الساعة الى الوراء لما بدلوا ما ساروا عليه ،لذلك ننصح جمهورهم المتبقي البحث عن اطر اخرى لممارسة نشاطهم العام قبل فوات الاوان .
يلحظ ان نتائج قوى الاسلام السياسي الشيعي كله مايزال في المقدمة ومقاعده تفوق النصف ولكن وحدته تصدعت الى درجة كبيرة ولا يمكن جمعه مرة اخرى للتسلط على الراي العام رغم الضغط الاقليمي ، فالتناقضات كبيرة وحادة وهو في حالة من عدم الاستقرار جماهيريا وحركة التصويت وعزوف فئات متنورة من ناخبيه عنه دلالة على ذلك. ولا يختلف الحال كثيرا مع احزاب الاسلام السني والقوائم الاخرى التي تمثله فانه تشظى وتوزعت قواه ، فالناس لم يصوتوا اليه واداروا ظهرهم الى التصويت الطائفي والعشائري وكسر سوره والصراع الخانق بين اطرافه ، بما في ذلك اللجؤ الى التزوير بشكل محسوس مما ينبأ بنمو وانتعاش القوى المدنية والعلمانية .. والميل نحو دولة المواطنة والمؤسسات .
ا ن اي دراسة علمية لاسباب الخسارة ينبغي ان تبحث في العمق بالاداء على الصعد كافة للسنوات السابقة وليس تكرار كلام لايقدم ولايؤخر يرتكزعلى التخرصات ” والروزخونيات ” وخلق الاعداء للتحول والمزاج الجماهيري الذي لن يرضى غير الاصلاح بديلا .
والمقاربة الصحيحة هي في المطالب والاهداف الجاهيرية التي طرحتها الحركة الاحتجاجية في الساحات والتظاهرات وغيرها من الاشكال النضالية التي فرضت نفسها في الحياة اليومية من اجل تحسين الاجور وايجاد فرص العمل للعاطلين من دون تميز او رشاوى ومكافحة الفساد وغيرها الكثير التي اغفلت معالجتها القوى الحاكمة .
الان انا فهمت واجابت الانتخابات عن السؤال الكبير لماذا ترك اخوة ومجاهدو الامس بعضهم بعض والقفز من السفينة المتهرئة ليس بسبب المدنيين والمحتجين في ساحات التحرير ، وانما نتيجة لاساءة التقدير السياسي وسطحية التحليل وارجاعة الى غير اصوله .