تعكس المدن وجها الجمالي و نظافتها من خلال اهتمامها بالشكل الخارجي من خلال عمرانها على أبنيتها و حدائقها و شوارعها و ذلك بوضع أفضل التصاميم و اختيار أجود الشركات المنفذة لتحقيق ذلك , و بغية أن تكون لهذا الأعمار قيمة حقيقية و بغية أن تكون هذه الأحياء السكنية و الشوارع المعبر عن الهوية و الوجه الثقافي لهذه المدن فانه يطلق عليها تسميات لرموز المدينة و الأحداث التاريخية الهامة لها و لشخصيات محلية أو وطنية لها أثرها الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي على المدينة أو البلد شكل عام.
أما في النجف فهناك محاولات من نوع آخر….هل تعرفوا ما هي؟؟
لم يكتفي السياسيون الجدد بالحصول على الدرجة الكاملة في فشل إدارة محافظة النجف , بل تصورا أن ذلك نجاحا ينبغي أن يكافئوا عليه فحاول احد أعضاء مجلس محافظة النجف و هو طلال بلال باستباق الاخرين و قبل أن تنتهي دورتهم الانتخابية ترك شيئا لناخبيهم يستذكر به, فلم يجدوا أفضل من أن يسمي أحد شوارع النجف باسمه.
إذ وضعت لافته و بقياسات كبيرة على احد الشوارع التي تم استحداثها قريبا الرابط بين شارع نجف كوفة و شارع المطار المتجه إلى شارع معمل الاسمنت كتب عليها “شارع طلال بلال” , ثم بعد مدة أضيفت إليها عبارة “هدية أهالي المنطقة” لشرعنة التسمية, و المفرح في الأمر أن أهل المنطقة أو جهة أخرى شعرت بخطورة ذلك فوضعت لافتة أخرى تقابلها تشير إلى تسمية الشارع بأحد أسماء الصحابة.
يبدوا أن السياسيون الجدد عازمون على الاستحواذ على كل شئ, و أن أهوائهم الطافحة و شهواتهم الجامحة ليس لها حدود,و الآن بدأوا على مايبدوا يكتبون التاريخ لأنفسهم, و هي حلقة ضمن مسلسل المخصصات و الدكتوراه بامتياز, و كما يظهر إنهم يتبادلون الأدوار و عضو مجلس المحافظة طلال بلال موكلا إليه سن طريقة جديدة لزيادة امتيازات السياسيون الجدد و هي تسمية الشوارع ثم أحياء المدينة ثم شيئا فشيئا النواحي الاقضية بأسمائهم و فق القسمة السياسي.
و لن يكون عجيبا أن يستيقظ أهل النجف ذات صباح ليجدوا اللافتات تملئ أحيائهم و شوارعهم لعلن اسماءا جديدة لها على اعتبار إنها الأسماء الحالية وضعها النظام السابق و إنها لاتتلائم مع العراق الديمقراطي الجديد , و لن تجد أفضل من أسمائهم و بوصفهم رجال المحافظة و قدموا لها ما لم يقدمه احد لها . أو أهراما تبنى في وادي السلام على طراز أهرامات مصر الشاخصة غرب نهر النيل , لتكون قبورا للفراعنة الجدد تحمل أسمائهم. و لن يحتاج الامر الا تشريعا من مجلس المحافظة لتقنين ذلك, ثم البرلمان بدوره يحذو حذوَ ذلك.
ما لايفهمه الساسة أن هذا العصر ليس عصر العظماء أو العصر الذي يكتب به التاريخ باللون الوردي, لان ما يمر به العراق عموما من قيادة سوف يعكس أسوء صورة عن العراق و عن شعبه . و لهم من الأمثلة العديد ممن خلفهم في المُلك و حاول أن يبني لنفسه اسما يذكر بعد رحيله دون أن ينجحوا في ذلك, فقد بلغ ساسة العراق من السقوط المادي و المعنوي مرتبة اللاعودة , ومن ثم فان محاولتهم تزين أنفسهم بسرقة أسماء الشوارع و الأحياء السكنية لن تفسر إلا بوصفها حملة جديدة من الفساد تستهدف الوجه الثقافي و الحضاري للعراق.و لن تقارن إلا مع سلوكيات النظام السابق….فهل ينسى العراقيون كيف أصبحت مدينة الثورة في بغداد التي يتجاوز عدد سكانها ربع سكان العاصمة باسم مدينة صدام …و كيف أصبح قضاء الدجيل باسم قضاء الفارس .
لن يقبل أهالي نجف أن تمسخ هويتها البالغة من العمر ألف عاما شطبا أو إضافة و تشوه رموزها عبر أسماء لاقيمة لها و لاثمثل وجهها بأي شكل كان, لان النجف لها هوية واضحة للبعيد قبل القريب. النجف هي محمد مهدي الجواهري , النجف هي احمد الوائلي, النجف محمد سعيد الحبوبي, النجف محمد رضا المظفر,,و غيرها من النجوم و الشموس التي مثلت هذه المدينة بأشرف وجه و كانوا سفراء مخلصين لها لم تغب عنهم, و لم يتوانوا عن سقيها بعرقهم و دمائهم بل و حياتهم, و لم يكن ذلك سوى لشئ واحد …حبهم للنجف, فأين انتم من أولئك …..يكفي خرابا فهلا تركتم هوية النجف على نظافتها.