بتشكيله الحكومة الجديدة .. “الحريري” في حيرة من أمره : هل يرضي “حزب الله” أم حلفاءه الخارجيين ؟

بتشكيله الحكومة الجديدة .. “الحريري” في حيرة من أمره : هل يرضي “حزب الله” أم حلفاءه الخارجيين ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

للمرة الثالثة، يتم اختيار “سعد الحريري” لتشكيل الحكومة اللبنانية، بعد الإستشارات النيابية، الخميس الماضي، في قصر “بعبدا”، بموافقة 111 نائبًا من أصل 128. وكان من المتوقع على نطاق واسع تكليف “الحريري” بالمنصب؛ باعتباره أبرز سياسي سُني في لبنان.

وجاء في الإعلان: “عملاً بأحكام البند 2 من المادة ٥٣ من الدستور.. إستدعى فخامة الرئيس، الرئيس سعد الحريري، وكلّفه تشكيل الحكومة”.

وانتخب مجلس النواب، الأربعاء، “نبيه بري”، رئيس “حركة أمل” وحريف “حزب الله”، رئيسًا للبرلمان للمرة السادسة منذ العام 1992.

وعقب تكليفه بتشكيل رئاسة الحكومة المقبلة، قال “الحريري”: “شرفني الرئيس عون بتكليفي تأليف الحكومة، وسأنكب من هذه اللحظة على عملية تشكيل حكومة وفاق وطني”.

الوضع الاقتصادي ملح..

مشددًا على: “ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، لأن الوضع ​الاقتصاد​ي ملح جدًا، والمشاورات في مجلس النواب ستبدأ الإثنين، والحكومة ستكون حكومة وحدة وطنية موسعة”.

وأشار إلى أنه “سيكون أمام الحكومة متابعة أزمة ​النزوح السوري​ ومتابعة الإصلاحات.. الحكومة ​الجديدة​ مدعوة لترسيخ الإلتزام بسياسة ​النأي بالنفس​.. أمد يدي إلى جميع المكونات السياسية في البلد للعمل معًا لتحقيق ما يتطلع إليه اللبنانيون ولن أوفر جهدًا في العمل على تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن”.

مهمة صعبة..

تعتبر مهمة تشكيل الحكومة الجديدة مهمة صعبة؛ أمام “سعد الحريري”، لأنها تختلف كثيرًا عن سابقاتها بعد أن فقد “تيار المستقبل”، الذي يقوده “الحريري”، ثلث مقاعده في الانتخابات التشريعية لصالح، “حزب الله”، الذي زاد نفوذه بقوة.

وإستدعي تقدم “حزب الله” معه تدخلاً خارجيًا؛ كان آخره تصريحات وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، والتي قال فيها إن الانتخابات اللبنانية لم ترضي “واشنطن” ولا طموحات الشعب اللبناني.

توزير “حزب الله” أهم تحدياته..

النائب السابق في البرلمان اللبناني عن تيار المستقبل، “د. مصطفى علوش”، قال إنه أمام “سعد الحريري” تحديات كبيرة في مشوار تشكيل الحكومة بعد تكليفه رسميًا. مشيرًا إلى أن أهم هذه المعضلات هي توزير “حزب الله” في حكومته، إذ إن “لبنان” ستتصادم مع المجتمع الدولي في حال كان بحوزته وزراء موقع عليهم عقوبات دولية؛ كما في حالة “حزب الله”.

وأشار النائب اللبناني إلى أن تشكيل الحكومة سيتأخر كثيرًا، من وجهة نظره، بسبب صعوبة الوصول إلى توافق بين الفرقاء اللبنانيين.

لرفع الحرج السياسي ..

وحول موقف “حزب الله” من الحكومة اللبنانية القادمة، قال “د. حكم أمهز”، الصحافي والباحث السياسي، إن عدم تسمية “حزب الله” عبر كتلته البرلمانية لـ”سعد الحريري” رئيسًا للوزراء، إنما جاء من منطلق رفع الحرج السياسي عن “الحريري”، مشيرًا إلى أن حلفاء إقليميين لـ”الحريري” كانوا سيغضبون إذا وافق على تسميته “حزب الله”، وأشار الصحافي اللبناني إلى أن دليل ذلك هو عدم تسمية “حزب الله” لغير “الحريري” رئيسًا.

سرعة التشكيل وإرضاء المنطقة العربية تحديات أخرى..

من جانبه؛ أكد مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الإستراتيجية، “سامي نادر”، أن مهمة “الحريري” هذه المرة ستكون أصعب، نظرًا لكثرة التحديات وتنوعها.

موضحًا أن التحدي الأول أمام “الحريري” سيكون؛ “سرعة تشكيل الحكومة، إستجابة لمطالب الداخل، وكذلك مطالب المجتمع الدولي الذي يريد تقديم مساعدات للبنان، ولكنه يريد أن يضمن أولاً استقرارًا داخليًا يبعد شبح إنجرار البلاد لأي صراع إقليمي أوسع”.

وأضاف: “لديه أيضًا تحدي إرضاء دول المنطقة العربية، وفي مقدمتها السعودية، الرافضة لشراكته مع حزب الله، فضلاً عن التحديات الداخلية في تيار المستقبل الذي يرى البعض داخله أن حصة التيار قد تقلصت من 33 مقعدًا في انتخابات 2009؛ إلى 21 مقعدًا هذا العام نتيجة للشراكة مع التيار الحر الحليف لحزب الله”.

لحماية “حزب الله” تحت سقف الحكومة اللبنانية..

حول أسباب تسريع “حزب الله” من تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة “سعد الحريري”، أرجعت مصادر مطّلعة بتسريع ولادة الحكومة اللبنانية، إلى مساعي “حزب الله” من أجل حمايته تحت سقف الحكومة اللبنانية قبل إقتراب العاصفة “الأميركيةـالخليجية”.

وأشارت هذه المصادر لصحيفة (الجمهورية اللبنانية) إلى أنّ الحزب، يَدعمه حلفاؤه، يريد حكومةً يكون عنوانها ثلاثية جديدة تضاف إلى ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة”، هي ثلاثية: مواجهة العقوبات الأميركية، والتصدّي للإستراتيجية الأميركية الجديدة، ورفض الإنسحاب من “سوريا”.

وتوقّعت المصادر؛ “أن تبصرَ الحكومة النور قريبًا جدًا في حال عدمِ تصدّي المتمسكين بقوى 14 آذار لهذا المنحى، محاوِلةً منعَ إنزلاقِ لبنان أكثر فأكثر في المحور (السوري-الإيراني)، خصوصًا أنّ وزير الخارجية الأميركي كشَف، أمس، عن إتّجاه إدارته إلى إعادة النظر في برنامج المساعدات الخاص بلبنان، بما فيها تزويد الجيش العتاد”.

نبذة عن حياة “الحريري” السياسية:

– “الحريري”، (48 عامًا)، هو الزعيم السُني الرئيس في لبنان؛ منذ اغتيال والده “رفيق” في عام 2005. عرفت السنوات الأولى، من حياته السياسية، بتحالفه الوثيق مع “المملكة العربية السعودية” والمواجهة مع الحلفاء اللبنانيين لـ”سوريا” و”إيران”؛ وأبرزهم جماعة “حزب الله” الشيعية، التي تمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة.

– محكمة مدعومة من الأمم المتحدة؛ اتهمت خمسة أعضاء من “حزب الله” بقتل “الحريري”. ولكن الجماعة تنفي أي دور لها.

– شكّل “الحريري” أول حكومة ائتلافية، في عام 2009، بعد أن فاز تحالف قوى “14 آذار” المناهض لـ”سوريا”؛ والمعارض لـ”حزب الله”، في ذلك الوقت، بأغلبية برلمانية بدعم من “السعودية”. ومع الوقت تفككت قوى “14 آذار”.

– تمت الإطاحة بحكومته في أوائل عام 2011، عندما استقال وزراء “حزب الله” وحلفاؤه بسبب التوترات المرتبطة بمحكمة “الحريري”. في السنوات التالية بقي “الحريري” خارج لبنان لفترة طويلة لأسباب أمنية.

– مع تصاعد الحرب في “سوريا”؛ أصيبت الحكومة اللبنانية بالشلل بسبب التوترات المرتبطة بالصراع. وصدرت تصريحات عدة لـ”الحريري” ضد دور “حزب الله” في القتال دعمًا للرئيس، “بشار الأسد”. وبسبب الجمود السياسي أصبح موقع الرئاسة شاغرًا بعد إنتهاء ولاية الرئيس، “ميشال سليمان”، في عام 2014.

– وفي عام 2016؛ فاجأ “الحريري” اللبنانيين بإقتراح من شأنه أن يعيده إلى موقع رئاسة الوزراء، وتسليم الرئاسة إلى السياسي الماروني، “سليمان فرنجية”، وهو حليف لـ”حزب الله” وصديق مقرب من “الأسد”. لكن هذه الفكرة فشلت في إكتساب الدعم لأن “حزب الله” تمسك بحليف مسيحي آخر له هو، “ميشال عون”، كمرشح للرئاسة.

– في وقت لاحق من عام 2016؛ أصبح “الحريري” رئيسًا للوزراء، للمرة الثانية، بعد توقيعه صفقة مع “عون” قادت الأخير إلى رئاسة الجمهورية.

– وشكّل “الحريري” حكومته الائتلافية الثانية. وظل معارضًا لـ”حزب الله”، لكن تركيزه كان غالبًا على مشاكل لبنان الاقتصادية والتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين.

– تراجعت علاقات “الحريري” مع “السعودية”، في السنوات الأخيرة، لتصل إلى أدنى مستوى لها في تشرين ثان/نوفمبر 2017، عندما أشيع على نطاق واسع أن “المملكة العربية السعودية” أجبرته على الاستقالة واحتجزته في الرياض. لكن “السعودية” و”الحريري” نفيا علنًا هذه الرواية.

– وبعد التدخل الفرنسي؛ عاد “الحريري” إلى بيروت وسحب استقالته، بعد أن كررت الحكومة اللبنانية إلتزامها بسياسة النأي بالنفس عن النزاعات الإقليمية. ويهدف هذا بشكل أساس إلى معالجة المخاوف السعودية بشأن دعم “حزب الله” لـ”الحوثيين” في اليمن.

– ما زال “الحريري” نقطة محورية للدعم الغربي، ففي نيسان/أبريل 2018، إستضافت “فرنسا” مؤتمرًا دوليًا تعهدت فيه الجهات المانحة بتقديم أكثر من 11 مليار دولار من المساعدات؛ بشرط قيام “لبنان” بتنفيذ إصلاحات اقتصادية طال إنتظارها.

– إنعكس إنهيار شركة “سعودي أوجيه”، التابعة لـ”الحريري”، والتي تتخذ من “المملكة العربية السعودية” مقرًا، لها على تمويل شبكته السياسية في لبنان في السنوات الأخيرة. وكانت “سعودي أوجيه” مصدرًا للثروة الطائلة التي ساعدت في ترسيخ مكانة عائلة “الحريري” باعتبارها العائلة الرئيسة السُنية في “لبنان”؛ بعد الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

– خسر “تيار المستقبل”، بزعامة “الحريري”، أكثر من ثلث مقاعده في الانتخابات البرلمانية لعام 2018، وذهب بعضها إلى حلفاء “حزب الله”. وعزا “الحريري” هذا إلى قانون انتخابات جديد يوزع المقاعد على أساس نسبي. لكن كذلك ألقى باللائمة على تقصير “حزب تيار المستقبل” وأقال بعض كبار مسؤولي الحزب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة