23 ديسمبر، 2024 8:36 م

دولة القانون..مؤسسة لحماية المفسدين والتستر على البعثيين

دولة القانون..مؤسسة لحماية المفسدين والتستر على البعثيين

عندما انطلقت شرارة التظاهرات في بعض المناطق العراقية، وتحديدا مناطق غرب وشمال العراق، اعتلت النبرة الحكومية المعهودة، من ان هذه المظاهرات غير دستورية ولم تاخذ اذنا او تصريحا بالخروج، في حين انبرى القسم الاخر من ازلام البلاط ومتزلفي النظام، الى نعتها بالبعثية والطائفية، اضافة الى غيرها من التفاصيل الاخرى المزعجة التي رافقت بداية مشوار هذه الازمة.
وهذه الاصوات النشاز بدات تؤثر بمكرها وخداعها على بعض السذج من الناس، حتى اصبح شغل البعض الشاغل وحديثهم المركزي، هو الخطر الذي سيلحق بالبلد من جراء هذه التظاهرات، بسبب ما روج له اولئك المتزلفون.
وفي ظل هكذا اجواء مشحونة، لا تحتاج الا لعود ثقاب من سياسي متهور، لتشعل نارا اطفاها الله قبل سنوات، كان لزاما من صوت وسط، من كلا الفريقين، ليقف بوجه هكذا مؤامرة، تحاك من الخارج، تريد ان تطيح بالبلد في منزلق الطائفية الخطير، ويقول كلمته ويدلي بدلوه.
فكان سماحة السيد مقتدى الصدر اعزه الله اول المتحدثين، وقال باختصار، من ان اي مطلب مشروع يرفعه المتظاهرون، لن نعترض عليه، بل وسندعمه ونؤيده.
فلوح المتظاهرون بنداءاتهم وخطاباتهم بالقبول بما طرحه سماحة السيد الصدر،بل وعمدوا على الاخذ بتوصياته لهم ونصائحه.
وعلى الخط الاخر من الازمة اعتلى صوت معتدل اخر، تمثل بخطاب الشيخ السعدي وسط حشود الجموع المتظاهرة، والذي كان بمثابة البلسم على الجرح، فاعتدلت الكفة بعض الشيء وتوجهت دفة المسير باتجاهها الحقيقي، وسرت على خط مسارها الصحيح الذي كان لا بد من السير عليه.
وبدلا من دعم هكذا مواقف وطنية وحدوية تريد اذكاء الطائفية، كانت ابواق وطبول الحرب التي يزمر ويدق لها ازلام السلطة، من البعثيين والمنتفعين والمليشياويين والبعض من رؤساء العشائر الذين كانوا يبصمون بالدم لصدام وحزبه الشوفيني، تاخذ حيزها في الشارع، لما لها من سطوة حكومية ونفوذ ودعم مالي واعلامي، فخرجت التظاهرات المؤيدة لرئيس الحزب الحاكم، والتي ذكرتنا بتظاهرات النظام المقبور، حين كان يرغم الموظفين وطلاب المدارس على الخروج قسرا من مؤسساتهم، ورفعت الصور والشعارات والاهازيج، التي تندد بظاهرها بالبعث والارهاب، وفي حقيقتها الدفاع عن كرسي السلطة وزعيمه.
وليت شعري لو التفت البعض من المغرر بهم من الناس الى الكم الهائل من البعثيين الذين ارجعهم رئيس الحزب الحاكم الى السلطة لعرف حقيقة نوايا تظاهراتهم وخطاباتهم، والذي لم يكتف بارجاعهم فقط، بل قربهم اليه وسلمهم مناصب مهمة في الدولة، وحساسة جدا، ابتداءا بمكتب القائد العام للقوات المسلحة، مرورا بقيادات العمليات، الى جهاز المخابرات والامن الوطني، الى مناصب رفيعة في وزارات الداخلية والدفاع وغيرها من المؤسسات الحكومية الاخرى، ولدينا بهذا الخصوص العديد من الملفات والوثائق التي تؤكد صدق ما ادعي، فمن شاء منكم ان يؤمن ومن شاء فليكفر.
الا ان هذه الاصوات النشاز والمروجين والمصدرين لها وكعادتها سرعان ما اختفت، وتلاشت بين ليلة وضحاها، وتحديدا بعد ان خرجت المرجعية من صمتها، وقالت كلمتها في هذا الخصوص، فتحول الخطاب المتشنج من اولئك المتهورين الصبية، الى خطاب معتدل، وكان شيئا لم يكن، فخرجت نفس الوجوه التي كانت تنعت التظاهرات بالبعثية والطائفية لتطالب بحقوق المتظاهرين، وتصفها بالمشروعة، وسارعوا الى ان ينصبوا انفسهم دعاة سلام وشخصيات وطنية معتدلة تريد ان تنصف المحرومين، وترفض التقسيم وتدعو الى وحدة العراق.
وقد يفهم من كلامي هذا انني متحيز الى جهة دون جهة اخرى، فاقول لست متحيزا لاحد على حساب الاخر، بل اتحيز الى الحق، اينما حل ونزل، طبقا للمفهوم الشرعي والعقلي الموضوعي قل الحق ولو على نفسك، فحينما يكون الحق مع الحكومة نقول ان الحق معها، وحينما يكون مع معارضيها، علينا ان ننصفهم ايضا، ونقول ان الحق معم، فحكومة شغلها الشاغل النهب والسلب ودعم المفسدين امثال وزير التجارة الهارب ووزير الدفاع الهارب ووزير الرياضة والشباب الذي يتحدى اعلى سلطة تشريعية لسبب من غير الاخلاق ذكره هنا، لا يمكن ان نمدحها ونقول ان الحق معها في ذلك، حكومة لا تتحدث الا بمنطق القوة والعنجهية والشمخرة، حتى خسرت الجميع ممن هم في الداخل والخارج، وجعلت العراق يعيش عزلة داخلية وخارجية بسبب تصرفاتها الصبيانية، لا يمكن ان نذكرها بخير، والا فنحن منافقون، حكومة تنظر الى شعبها بمنظار العدو حين يعترض على اخطائها، لا يمكن ان نتوافق ونتفق معها، حكومة تقرب البعثيين والقتلة والمليشياويين وتعتقل المقاومين والمجاهدين، لا يمكن ان نثني على تصرفاتها، حكومة يتشرف رئيس وزرائها بوضع اكليل الزهور على قتلى الاحتلال الذين اغتصبوا ونهبوا ودمروا البلاد، لا يمكن ان تكون محمودة في الارض فضلا عن السماء.