عادة ما تستعين الجامعات بالشهادات العلمية في التدريس والقاء المحاضرات بشقيها النظري والعملي . ومن هنا نجد الجامعات على مختلف مستوياتها ، تعنى بمفاصلها من قاعات ، ومختبرات ، ومسارح ، وملاعب وغيرها من أوجه التدريس . ومع التطور التكنولوجي والمعلوماتي الذي باتسمة العصر الحديث ، تطور معه شكل ومضمون التدريب في مراحلهالمتعددة . فلا تخلو جامعة من هذا الفيض التكنومعلوماتي . فأنشأت مختبرات حديثة ، وورش صناعية ، وعيادات ، وملاعب حديثة ، وقاعات دراسية تدار الكترونيا ، وذلك من اجل رفع مستوى الفهم و الوعي لديالطلبة وزيادة خبرتهم و مهاراتهم و الارتقاء بمستوياتهم بالشكل الذييعينهم فيما بعد على النجاح في تحقيق أهدافهم . ونجد عددا من الجامعاتتضع شرطا أساسيا من شروط التخرج منها أن يقوم الطالب بقضاء فترةمن الوقت بالتدريب الميداني بمجاله أو تخصصه و تختلف هذه الفترة باختلاف التخصصات الجامعية .
ولكن مع التطور في الجامعات أفقيا وعموديا ، وفي بناها التحتية ، تواجه بعض الجامعات قصورا ، واشكالية في مفهوم التدريب ، وخاصة الكليات التي تعتمد على التدريب العملي بشكل كبير ، مثل كليات الفنون الجميلة ، وكليات التربية الرياضية ، وكليات الإعلام ( وهن مصدر الحديث ) . تواجه تلك الكليات بالذات معضلة خفية ، لا تظهر ملامحها ، ولكنها تنعكس على نتائجها ، ومخرجاتها ، وبقياس مقدرة الطالب في استيعاب تخصصه الذي يجعله أكثر قدرة على الإبداع والابتكار .
ففي كليات الفنون الجميلة ، التي من المفروض ان تستقطب مواهب طلابيةفي التشكيل ، والتمثيل ، ولا يحتاجون سوى الى صقل مواهبهم ، ورفع مستواهم العلمي ، والثقافي في مجال تخصصهم . نجد أن معظم اساتذة تلك الكليات يلقنون طلبتهم المعارف النظرية لكن في الجانب العملي نلاحظ ان بعض هؤلاء الاساتذة غير بارعين في التوجه العملي وليس لديهم القدرة في تقديم انموذجا عمليا صحيحا ذي جودة ونوعية في الأداء لطلبتهم ويؤكد كلامي ماقاله عميد إحدى تلك الكليات ” ان كلية الفنون الجميلة ، بحاجة الى أناس لهم خبرة عملية كبيرة في التشكيل ، والتمثيل ، ولسنا بحاجة الى تكديس شهادات واطاريح دون خبرة حقيقية ، لانها لا تنتج طلابا مبدعين في مجال تخصصهم ” . وكذلك الحال ينطبق على كليات التربية الرياضية والاعلام وتلك الاخيرة لم تفتح بابا واحدا لاصحاب الخبرة المتمرسين ميدانيا في المجال الإعلامي أن يعلموا أسس الدرس العملي وضخ تجاربهم وخبراتهم الصحفية وتعليمهم الطرق الخاصة في العمل الصحفي . ويكتفون بالمناهج والملازم وعلى الاختبار التحريري لتحديد درجة النجاح . وان معظم مشاريع التخرج من أبحاث وتطبيقات عملية تندرج تحت مسمى ( copy- paste ) . وخير مثال ما يقوم به بعض طلبة كلية الفنون الجميلة باستعارة نماذج فنية من زملاء داخل الكلية وخارجها لتكون مشروع تخرج . وبالنتيجة تخريج طاقات غير كفؤة وغير قادرة على اشغال مساحتها في العمل ولا تستطيع من ممارسة اختصاصها بالصورة المطلوبة وتبقى عائلا على مؤسسات العمل . وهؤلاء هم السواد الاعظم في قطاع العمل . لذا علينا ان ندرك هذه الحقيقة لتصحيح مسار خريجينا كما تفعل الجامعات في الدول المتقدمة .