لو كُنتِ تَدرينَ ما أَلقاهُ من شَجَنٍ ** لكُنتِ أَرفَقَ مَنْ آسى ومَن صَفَحَا*1
الديمقراطية الحالية المستحدثة في العراق وشكلها الحالي المتعامل به سياسياً ظمن الاطر والمفاهيم والنظريات السياسية فيما يخالف الديمقراطية الحقيقية بمقصودها العام المتداول في العالم الغربي الاوربي والاميركي .والتي تم فرضها وتعميمها على العراق والعراقيين بعد الاحتلال الاميركي سنة 2003 .
البلدان التي خضعت للإستعمار في كل العالم , كانت تتمارى في هذا الموضوع ” الدمقراطية ” بأعتباره النهج المعمول به ظمن السلوك السياسي لهذه الدول مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة من هذا نأتي على ثيمة موضوعنا العراق . تاريخها وتطورها السياسي المنهجي المتذبذب في خطها البياني .
في العراق بعد انشاء الدولة العراقية وأقرارها سنة 1920 واعلان دستورها وشكل نظامها وطبيعتها السياسية والادارية عام 1921. اقر النظام الملكي الوراثي ونهجه العلماني الديمقراطي نسخة من الصورة البريطانية كمظهر وكشكل متداول وليس كمظمون معمول به مثل بريطانيا . المستعمر الخارجي يرتكز على هذه المضامين ومفهومها ” كظاهرة ” حضارية متقدمة في ادارة الدولة وكمفهوم وسلوك ومنهج وثقافة سياسية حديثة متطورة . لكن المستعمر لا يتمعن بجوهرها بقدر تعامله بمظاهرها المبتورة الخالية من معانيها الحقيقية , والسبب في ذلك هو ضمان مصالح الدول المستعمرة والاستفادة من حالة التناقض والاختلاف بين مراكز القرار الفاعلة في الوسط الجاهل الغير مدرك لمصالحه العامة والخاصة . فأخذت هذه الدول ؛ الاستعمارية ؛ ترقص على انغام هذه السمفونية بطريقتها الخاصة .
الديمقراطة في العراق في العهد الملكي كانت محكومة بسياج لايمكن الخروج او النفاذ منه , فضلت الديمقراطية محكومة بالسيطرة الاستعمارية البريطانية . والمهم عندهم ” صناديق الاقتراع ” والتي في حقيقتها صناديق ” قمامة ” فلم تستطع ادارات العراق السياسية ان تتصرف بثروات الوطن بأرادتها وتوضفها لصالح شعبها . والحق يذكر ان سياسي العراق كملك وكرموز كان الكثير منهم يتصفون بالوطنية والعمل لصالح شعبهم داخلين في حالة تناقض واحيانا حروب مع من يستعمرهم ” بريطانيا ” ومنهم من فقدوا ارواحهم نتيجة غدر مستعمريهم مثل الملك المغفور له ” غازي ” ورئيس الوزراء المرحوم ” عبد المحسن السعدون ” والملك المغفور له ” فيصل الثاني ” والمرحوم الباشا نوري السعيد . واعلان الحرب على المرحوم رئيس الوزراء ” رشيد عالي الگيلاني ” واقرانه . لنا رأي خاص في موضوع استشهاد الملك فيصل الثاني ‘ وانقلاب عبد الكريم قاسم وغض النظر عنه من الجانب البريطاني لأسباب ودوافع سياسة لا تصب في مصلحة بريطانيا واسرائيل ‘ ابرزها اقرار ” الاتحاد الهاشمي ” بين العراق والاردن والتقارب العراقي الاميركي والجنوح نحو علاقة شاملة معها والانسحاب التدريجي من السيطرة الاستعمارية البريطانية وانحسارها لصالح الولايات النتحدة الاميركية .
سنة 1958 أستولى عبد الكريم قاسم على السلطة عالناً نفسه كرئيس للوزراء ورئيس للجمهورية واستبدال الحالة السياسية من ملكية الى جمهورية لاغياً كل مظاهر الديمقراطية ” كتشكيلات وممارسات ” أجتهد في بعض الامور اخطئ واصاب في بعض منها كان جانحاً للنهج الاشتراكي الشيوعي مناقضا للنهج السياسي البريطاني ‘‘ داخلا في حالة التناقض بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي ‘‘ بعدذلك استولى البعثيون على السلطة عام 1963 خلّفهم انقلاب عبد السلام عارف وشقيقه عبد الرحمن عارف حتى عام 1968 وصول حزب البعث العربي الاشتراكي و استمكانه من حكم العراق كنهج علماني لا ديني وكأمتداد للتيار القومي . منادياً بالديمقراطية شكلا لا مضموناً وبحسب مفاهيمه واجتهاده ” كان مقتنع بالديمقراطية مختلفا معها ” الشعارات التي يرفعها ويجاهربها مثل ” الديمقراطية مصدر قوة للفرد والمجتمع ” رأي صحيح لكن غير معمول به بشكله الشعبي السياسي العام ” محاولا استحداث وانشاء احزاب تشاركه العمل السياسي . ولم يتحقق ما توجه اليه وضل ضمن الجبهة الوطنية المبتورة بشكلها ومعناها الهامشي مع جناح يمثل جزء من الحزب الشيوعي وحزب كردي مطاوع للسلطة يدعي التمثيل للحركة الكردية . عموم الحال تمكن حزب البعث العراقي من احداث طفرة نوعية في الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية والبنية التحتية والحالة العلمية والتعليمية والصناعية . طرح المرحوم صدام حسين في احدى المؤتمرات الحزبية الواسعة موضوع ” التعددية الحزبية ” ونشرها وتفعيلها ظمن الدائرة السياسية للعراق . واجهَ معارضة من بعض كوادر الحزب ابرزهم في ذلك ” عبد الغني عبد الغف44ور ” وتبددت هذه المحاولات في حينها . بعد احتلال العراق من قبل اميركا العدوانية تساندها 33 دولة بنشوزها عن الحق والقانون . تبجحت وتتبجح الولايات المتحدة بالديمقراطية ومحاولات تعميمها على الواقع السياسي العراقي مطبلة لها على اساس انها ” الحل الامثل ” لصلاح العراق وكبديل للدكتاتورية ‘ يفضي الى حال افضل لصالح العراق وشعبه ‘ ولكن الطامة الكبرى اتضحت غير ذلك . مأساة مريرة من الكذب والفوضى والنفاق والفساد وكل عوامل الشر والسوء . والكل نادمة وتتحصر على الدكتاتورية الفردية ” النزيهة ” ألا طائفية المستقلة للنظام قبل الاحتلال بحالاته الايجابية مقارنة بالوضع المزري ” الخربان ” في كل جوانبه وتم استبدال دكتاتورية ” حميدة “بدكتاتورية سرطانية خبيثة هي ” الدكتاتورية المذهبية “, التي تتحكم ايران بأدارتها وتشريعاتها ومساراتها . وهذا الحال مقصود من قِبَل الولايات المتحدة الاميركية لديمومة سيطرتها واستمرار نفوذها ونهجها وسلبها لخيرات العراق وعوامل حياته الاقتصادية والاستراتيجية ” اسواق وثروات طبيعية وموقع جغرافي ” لصالحها ومثيلاتها من دول الاستعمار المعروفة مثل بريطانيا وفرنسا واسرائيل وروسيا وايران . الانتخابات الحالية في العراق ونتائجها التي بنيت على ديمقراطية مستحدثة استعمارية فوضوية ومزورة , نتائجها تصب في حالة التخريب والتدمير المفرطة للعراق كوطن وشعب , المشابهة للديمقراطية الايرانية المضحكة لأنتخاب رئيس الجمهورية الذي ” لايحل ولايربط ” والدليل ” ابو الحسن بني صدر ” رئيس جمهورية ايران مثبت رسمياً وطلب اللجوء السياسي متنحيا عن السلطة . شيء اشيه بفلم ” كارتون ” صور متحركة منتجة خصيصاً للأطفال وتسليتهم . من بداية الاحتلال الاميركي للعراق وهذا المسلسل الدامي وهذه الصناعة المعمول بها والتي زينت المشهد السياسي العراقي الاستعماري الكاذب المفروض منذ اقرار الدستور المشوه الناقص المليئ بالالغام والانتخابات المتعاقبة التي نتج عنها اشكال سياسية ملوثة بكل الامراض الاستعمارية , واليوم في هذه الانتخابات التي قامت في 12 مايس عام 2018 مثل سابقاتها لم تتمخض عن شيء جديد , سوى العودة للمربع الاول والاقرار بهيمنة المذهبية والطائفية والفساد وكما يقول المثل ” هذا الكعك من ذاك العجين ” واميركا وايران واسرائيل يعملون على هذا النحو المشوش لإستغلال بقية دول المنطقة ” المضحوك عليها ” مثل السعودية ودول الخليج وسوريا ومصر ولبنان وغيرها من الدول . ديمقراطية العراق فوضوية طائفية مزورة بتراء ضائعة أشبه ” بضياع الابتر بين البتران ” . …
*1 ـ شعر الاخطل الصغير ..قصيدة أرق الحسن .