هذا المصطلح ” العنوان ” المتشكّل اصلاً من كلمتين جرى دمجهما في كلمة واحدة , كان قد دخلَ عنوةً الى اللهجة العراقية في عام الف وتسعمائة وواحد
وستين عندما بدأ المقاتلون الكرد” بقيادة المرحوم ملّا مصطفى البرزاني ” تمرّدهم على الدولة ومقاتلة الجيش العراقي في عهد الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم , واستمرّت وتوسّعت المعارك في زمن انظمة الحكم المتعاقبة على العراق وكذلك الأمر حين وصل حزب البعث الى سدّة الحكم عام ثمانية وستّين , لكنّ الثورة الكردية أُرغمت على وقفِ عملياتها المسلحة في سنة الف وتسعمائة وخمسة وسبعين إثر توقيع صدّام حسين للأتفاقية المعروفة مع شاه ايران والتي تخلّت ايران بموجبها عن الدعم اللوجستي والعسكري للمقاتلين الكرد بزعامة البرزاني الأب , لكنّه مع تغيّر نظام الحكم في ايران عام تسعةٍ وسبعين + إندلاع الحرب العراقية الأيرانية عام ثمانين عادت بوادر القتال تدريجياً مرّةً اخرى بين الحركة الكردية من جهة ” والمتمثلة بقيادتي السيد مسعود البرزاني والسيد جلال الطالباني ” وبين الحكومة العراقية آنذاك من جهةٍ اخرى , وتنتهي هنا هذه المقدمة التمهيدية لتأريخ انبثاق تسمية او ماجرى الإصطلاح عليه ب : – البيشمركه – والذي كانت التسمية المقابله له في ازمنة انظمة الحكم المتعاقبة على العراق ب : ” العُصاة ” , لكي ننتقل الى توضيح وتعريف المعنى اللغوي لهذه ” المفرده – العنوان ” والمتكوّنة اصلاً من كلمتين , حيث لاشكّ انّ هنالك نوعين من الترجمة في عموم اللغات وتتعلّق الأولى بالمعنى الحرفي للعبارات والجُمل والمفردات بينما تعطي الترجمة الأخرى المعنى العام والشمولي والتعبيري لها , ولاريب انّ الثانية هي المعتمدة لغوّيا وعلمياً , وبموجب ذلك فإنّ ” بيش مركه ” المتشكّلة من كلمتين فتعني في اللغة الكردية :- أَمامَ الموت – , أمّا حينَ دمجهما ومزجهما فإنّ المعنى الكامل لها يكون : ” فدائيون ” وهذا
ما إرتأتهُ وتبنّته الحركة الكردية كتسميةٍ لمقاتليها في معاركهم مع الجيش العراقي لنحو نصف قرن , وبعد التعرّف على المعنى اللغوي لأصطلاح البشمركة الى اللغة العربية ” كفدائيين ” والتي تسمّى في بعض اللغات الأوربية ب : ” كوماندوز ” فهنالك بعض التحفّظات العسكرية والسياسية على هذه التسمية الكردية , حيث ومن خلال المعارك العديدة التي خاضتها البيشمركة مع الجيش العراقي منذ بزوغ العهد الجمهوري ولغاية الإحتلال الامريكي فلَمْ يجرِ ملاحظة او تسجيل اي عملية فدائية للبيشمركة ضد القوات العراقية وفق هذا المفهوم الفدائي والذي يعني فيما يعني القيام بعملية استشهادية ! أو انتحارية ضد قوات الخصم , اوعمليات الإنزال والتسلل خلفَ خطوط العدو ” وفق المفهوم العسكري ” , لكنه ربما كان وراء تبنّي القادة الكرد لهذا المصطلح آنذاك اسبابٌ وطنية وعاطفية تتمثّل بأنّهم يفتدون ارواحهم مقابل اهدافهم السياسية ” دونما تقليلٍ للكفاءة العسكرية المجرّدة لمقاتلي البيشمركة ” , لكنّه من الملفت للأنظار وبزاويةٍ حادّه ومُحاطه بعلائم الأستفهام من كلِّ جانب أنّه ومنذ حرب عام واحد وتسعين وما افرزته من وضعٍ سياسيٍ خاص للأخوة الكرد في شمال العراق وثمّ ما افرزه ايضا الأحتلال الأمريكي في تكوين كيانٍ سياسيٍ بارز وذو وزنٍ دوليٍ متميّز يمتلك ما يمتلك من مقوّمات الدولة وتشكيلاتها الوزارية والأدارية والبروتوكولية , وثمّ افتتاح عدد من قنصليات الدول في كردستان , فأنّه من المستغرب ومن غير المفهوم ” وفق المنطقين الدبلوماسي والسياسي ” كيف تكون إحدى وزارات اقليم كردستان بأسم ” وزارة الفدائيين !! ” او وزارة الكوماندوز !! او البيشمركه , ففي كافة القارّات والدول والحكومات لاتوجد مثل هذه التسمية الغريبة ! وحريٌّ بالقيادات الكردية ابتكار وايجاد تسمية بديلة عن ” وزارة البشمركة ” , وبصراحةٍ فأنّ الشعب العراقي وبمختلف
اتجاهاته السياسية لا تضيره ايّ تسمية للقوات الكردية لكنّ ما نطرحه هو اكثر ملاءمه للساده القادة الكرد . . وحيث انّ موضوعنا هذا هو لغويٌّ بحت , فمن المؤسف قيام وزير التعليم العالي مؤخرا بإلغاء قسم اللغة الكردية في جامعة بغداد مبرّراً او مسوّغاً فعلته هذه بقوله : ” إنّ من يريد تعلّم اللغة الكردية فعليه الذهاب الى كردستان !! ” ولاشكّ انّ خطوة الوزير هذه هي رد فعل سياسي يفتقد الموضوعية وجرى اتخاذه وسط اجواء التصعيد السياسي والأعلامي بين بغداد واربيل , فالثقافة والدراسة واللغة شيء , والسياسة شيء آخر, بل ينبغي توسيع اقسام دراسة اللغة الكردية في كافة الجامعات والمحافظات , ولو تمّ ذلك فستكون فائدة كبيرة للطلبة من ذوي المعدلات الضعيفه الذين لم يجرِ قبولهم في الكليات فيتم ادراجهم في اقسام اللغه الكردية , وذلك لزيادة التفاعل الايجابي بين الشعبين الكردي والعربي في العراق .