خاص : ترجمة – بوسي محمد :
حذر عدد من الخبراء والأطباء من الاستخدام المفرط لوسائل الإعلام الاجتماعية، خاصة تلك للذين يمكثون ساعات طوال أمام شاشات الكمبيوتر.
وأكد الخبراء، على أن مواقع التواصل الاجتماعي تعمل نفس تأثير “الكوكايين” على وظائف المخ، ففي كانون ثان/يناير هذا العام، أعلنت “منظمة الصحة العالمية”، واحدة من المؤسسات التي تحظى بالاحترام، رسمياً أن إدمان ألعاب الفيديو سيتم تصنيفه كنوع من “الاضطراب العقلي”.
وشبه “مارك غريفيث”، الباحث بجامعة “نوتنغهام ترينت”، وأحد الخبراء الذين يبحثون في هذه المسألة منذ عقود؛ الأشخاص الذين ينهمكون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، مدمنين لا يختلفون شيئًا عن هؤلاء مدمني “القمار” و”الكوكايين”.
وأفاد بأن منصات وسائل الإعلام الاجتماعية تستخدم تقنيات مماثلة تتشابه تلك التي تستخدمها شركات المقامرة لشد جذب المستخدمين إليها وإنهماكهم فيه لدرجة تجعلهم يهملون أي شيء آخر في حياتهم.
ووفقًا لصحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، تعبأ الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي بالعديد من البرامج والألعاب التي تشطح بأدمغة المستخدمين لعام آخر، حيث يشعر المستخدم لها كأنه شرب حتى الثمالة من الهاتف الذكي.
الـ”فيس بوك” و”تويتر”.. تستخدم أساليب مماثلة لصناعة القمار..
أشار الخبراء إلى أن منصتا الـ (فيس بوك) و(تويتر) وغيرها من الشركات؛ تستخدم أساليب مماثلة لصناعة “القمار”، حيثُ قالت “ناتاشا شول”، الباحثة في الإدمان، أن القائمين على مواقع التواصل الاجتماعي صمموا منصاتهم بأسلوب يتطابق مع تصميم “ماكينات القمار”.
سواء تعلق الأمر بشريط “سناب شات”، أو التمرير على الصور من خلال الـ (فيس بوك)، أو ممارسة لعبة “كاندي كراش”. أوضحت “شول”، أن المستخدمين يقطعون ساعات طوال في ممارسة أفعال ليست مفيدة.
وقالت “شول”: “وإذا أغلق المستخدم هاتفه، سُرعان ما يتلقى رسائل صغيرة تجعله ينتبه مرة أخرى لها، ويعيد فتح النوافذ من جديد، ومن ثم تسحبك مرة أخرى، لذا علينا أن نبدأ في التعرف على تكاليف الوقت المستغرق على وسائل التواصل الاجتماعي، فهي ليست مجرد لعبة، فهي تؤثر علينا ماليًا وجسديًا وعاطفيًا”.
إعادة إنشاء آلة القمار..
يقول “تريستان هاريس”، وهو خبير أخلاقي سابق في التصميم لدى “غوغل”؛ أن آلية التمرير والتحديث اللانهائي تشبه إلى حد كبير “آلة القمار”.
وتوصل الدكتور “مارك غريفيث”، أستاذ الإدمان السلوكي ومدير وحدة أبحاث الألعاب الدولية بجامعة “نوتنغهام ترنت”؛ خلال أبحاثه إلى أن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، يحمل جميع المؤشرات السلوكية التي نربطها عادة بأنواع أخرى من الإدمان، مثل إدمان التدخين والكحوليات. وتتضمن هذه المؤشرات التقلب المزاجي، والعزلة الاجتماعية، والتناقض، والإنطواء.
ويضيف “غريفيث” أنه لم تظهر سلبيات أو مشاكل ذهنية معروفة في حياتهم. فإذا كانوا يمارسون ذلك منذ عامين مثلًا، فربما كانت ظهرت عليهم أعراض مثل “السمنة”، أو ربما أصيبوا ببعض المشاكل الصحية بسبب كونهم خاملين ولا يتحركون من مقاعدهم.
وحذر “غريفيث” من الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، لافتًا إلى أنها مثل لعبة “القمار” تؤثر على بنية الدماغ، وتعمل نفس التأثير السلبي على صحة المستخدم العقلية والجسمانية.
ويقول “أندرو بريزبلسكي”، الباحث بجامعة “أكسفورد”، وأحد معدي الدراسة؛ لـ”بي. بي. سي. فيوتشر”؛ إن عدم وجود جهاز إلكتروني حديث يستخدم في الوصول لوسائل التواصل الاجتماعي في بيت ما، سيجعل الحياة أو الطفولة في ذلك البيت مختلفة بشكل جوهري.
وأضاف: “من الممتع أن يستخدم الأطفال الشاشة الرقمية، ولكن حال مكوثه أمامها إلى خمس أو ست ساعات تصبح مزعجة ومدمرة على حياته”.
وقال البروفيسور “دانييل كروغر”، الخبير في السلوك البشري، من جامعة “ميشيغان”: “يمكن لرسائل وسائل التواصل الاجتماعي هذه؛ تفعيل آليات الدماغ نفسها مثل الكوكايين، وهذه ليست سوى واحدة من طرق تحديد تلك الآليات لأن عقولنا هي نتاج فيزيولوجي لدماغنا”.
وأضاف: “هناك أقسام كاملة تحاول تصميم أنظمتها لتكون إدمانية قدر الإمكان، يريدون منكم أن تكونوا متصلين بشكل دائم عبر الإنترنت، ومن خلال قصفكم برسائل ومنبهات تحاول إعادة توجيه إنتباهك مرة أخرى إلى التطبيق أو صفحة الويب الخاصة بهم”.
ومع ذلك؛ بلغ عدد المستخدمين النشطين شهريًا في (فيس بوك)، 2.13 مليار في وقت سابق من هذا العام، بزيادة 14% عن العام الماضي. على الرغم من الضجة حول قضايا خصوصية البيانات الخاصة بها، في الربع الأول من عام 2018، مما يجعل 11.97 مليار دولار، بزيادة 49% عن العام الماضي.
ووضع عالم النفس السلوكي، “نير آيال”، مؤلف كتاب (Hooked: How to Build Habit-Forming Products)، تصوراً لمدى إرتباط الناس بوسائل التواصل الاجتماعي، قائلًا: “إنها تبدأ بمحفز، وحركة، ومكافأة، ثم استثمار، وعبر دورات متعاقبة، تتشكل العادات، نحن نراهم في جميع أنواع المنتجات، وبالتأكيد في وسائل التواصل الاجتماعي والمقامرة”.