24 سبتمبر، 2024 11:27 م
Search
Close this search box.

لميعة توفيق.. صوت ساحر يشعل الحنين السومري والذكريات الحلوة

لميعة توفيق.. صوت ساحر يشعل الحنين السومري والذكريات الحلوة

خاص: إعداد- سماح عادل

“لميعة توفيق” مطربة ومغنية عراقية، ولدت في بغداد عام 1937، وهي واحدة من مطربات بغداد المعروفات والتي كانت تغني باللهجة البغدادية، نشأت في وسط فني يحب الغناء الريفي. أكملت دراستها الثانوية في مدرسة الكرخ ثم دخلت مدرسة الموسيقى عام 1950، وتخرجت من معهد الفنون الجميلة في عام 1959، وقدمت إلى الإذاعة عام 1953 وغنت عدد كبير من الأغاني، وعندما بدأ بث تلفزيون بغداد عام 1956 قدمت العديد من الحفلات، التي جعلت صوتها ولونها الغنائي معروفاً، سافرت إلى العديد من الأقطار العربية والأوربية آنذاك لتحيي حفلاتها.

غنت “لميعة توفيق” أطواراً من مقامات “الأبوذية” و”السويحلي” و”الهجع” و”النايل” وهو فن عراقي القديم يتصف بالحنين والعواطف الجياشة، ومن أشهر أغانيها التالي: (شفته وبالعجل حبيته والله- نيشان الخطوبة- هذا الحلو كاتلني ياعمة- يالماشية بليل إلهلج- يمة إهنا يمة- جينا نشوفكم- العايل ما إله حوبه- يا يمه انطيني الدربيل”.

صوت ريفي النكهة..

يقول “كمال لطيف سالم” في مقالة له بعنوان “لميعة توفيق، بين الريف والمدينة” عنها: “صوتٌ قوي  النبرات ريفي النكهة مدني الصدى.. حالفها الحظ فاحتفظ لها التلفزيون العراقي بأغنيات مصورة تعد على عدد أصابع اليد، اهتمت بالغناء على خشبة المسارح الليلية أكثر من اهتمامها بالغناء الإذاعي، طبقتها الصوتية عالية  جداً وخزينها من الأغاني الإذاعية لا يتجاوز الخمس والثلاثين أغنية بالرغم  من رحلتها الطويلة مع الغناء، وهي تجيد الغناء لأطوار الأبوذية والسويحلي  والنايل بشكل جيد وجميل، لكنها ظلت حبيسة المسارح، وقد برعت في غناء (الهجع) منذ عام 1953 عندما سمعته في منطقة المشخاب.  وهذا النوع من الغناء تشتهر به مناطق الفرات الأوسط من العراق، وهو غناء راقص يعتمد في أغلب الأحيان على آلة موسيقية واحدة هي الطبلة.. من أغانيها المشهورة، “هذا الحلو كاتلني يعمه” و “شفته وبالعجل حبيته والله” والأغنيتان من ألحان الملحن محمد نوشي، ولها أغنية”يا الولد يا ابني” التي ذاع صيتها بسرعة مذهلة في البيوتات العراقية لخصوصيتها المحلية البحتة”.

ويواصل عن حياتها: “ابتعدت المطربة “لميعة توفيق” عن الغناء في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم بعد أن مرت بمرحلة نفسية صعبة. يعود أصل “لميعة توفيق” إلى مدينة العمارة وقد تركت عائلتها مدينة العمارة إلى بغداد في  أواخر الثلاثينات ومطلع  الأربعينات وسكنت في منطقة الكرخ (الصالحية).. كانت “لميعة توفيق” هي الأخت الكبرى لثلاث بنات منهم “غادة سالم” المطربة أيضا، وأخرى راقصة لم تشتهر كثيرا، واقتصر عملها في الملاهي ومن الأخوة اثنان هما سلمان توفيق وغازي توفيق. والدها قد توفي بوقت مبكر قبل رحليها إلى بغداد.. كان أخوها سلمان يقلد محمد سلمان، الفنان اللبناني المعروف زوج المطربة نجاح سلام، وكان يظهر في أماكن بغداد الراقية ببدلته البيضاء وثوبه الأحمر، وهو يضع ورده على ياقة الجاكيت، ولكن أخوه غازي كان يعمل مساعدا لمشغل ماكنة سينما النجوم في بداية الخمسينات ومن ثم انخرط مع أخته في إدارة الملاهي وهو زوج المطربة اللبنانية دلال شمالي وله منها بنت.. لقد عاشت “لميعة توفيق” قصة حب مع شاب وهو من جيرانها في منطقة الصالحية (دور السكك) واسمه (سليم) ولكن قصة الحب هذه أخفقت بسبب معارضة الحاجة أم سليم من زواج ابنها من مطربة، وأصاب “لميعة” المرض بسبب ذلك ورقدت في مستشفى الراهبات، ولقد زارها الحبيب وفي تلك المناسبة قالت من الشعر الشعبي (دم دمعي على خدودي يا جاري – وعلينا كلشي مقدر يا جاري – ظنين ولا تعذبني يا جاري – غريب ولو هجرتني شبيدي يا جاري)”.

وحول الملاهي التي عملت بها يضيف: “وكانت أشهر الملاهي التي تؤدي فيها “لميعة توفيق” وصلاتها الغنائية وهي تعود ملكيتها إليها هي: ملهى (كروان) و(سميراميس) و(ملهى الطاحونة الحمراء) على طريق شارع معسكر الرشيد، وقد تم فتحه في عام 1963 وكانت “لميعة توفيق” تؤدي فيه الوصلات الغنائية وكذلك المطربة هيفاء حسين ومن المقيمين في الملهى الفنان سبتي طاهر الملحن المعروف (رحمه الله).. دخلت لميعة عالم الغناء عام  1946 وأول ما غنت في ملهى (كروان) ولحن لها ملحنون معروفون مثل (محمد نوشي) و(رضا علي) ودخلت الإذاعة عام 1953 وأدت فيها أغانيها التي اشتهرت وهي بالطابع الريفي من طور العمارتلي، ودخلت التلفزيون عام 1956، وتعتبر من أوائل المطربات في العراق وقد دعاها المطرب والفنان المصري المعروف “محمد فوزي” وقد زارت مصر وأدت أغاني باللهجة البغدادية الأصيلة وأعجبت الحضور لعذابة صوتها وأدائها.. ومن أجمل أغانيها التي أهدتها إلى أم حبيبها هي أغنية (هذا الحلو كاتلني يا عمة) من خلال الإذاعة ولها أرشيف عامر من الأغاني العراقية الجميلة.. ومن الأبيات الجميلة التي كانت ترددها في مطلع أغنياتها كما جرت العادة هذا البيت (اسمر سمارك حلو نكراس بخدودك – سيد صحيح النسب داخل على جدودك)”.

وفي مقالة بعنوان ” أغنية (لا خبر) وحكاية لميعة توفيق” يقول “جميل المشاري”: “ابتعدت المطربة لميعة توفيق عن الغناء في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم بعد أن مرت بمرحلة قاسية صعبة عرفت بأغاني الهجع، وهو وزن ريفي راقص اشتهرن به مطربات الغجر وسجل التلفزيون لها أغانيها.. وبقيت واقفة أمام المايكرفون تغني حتى انطفأت شمعتها في تسعينيات القرن العشرين تاركة العشرات الأغنيات”..

 الحنين وصوت لميعة توفيق..

ويقول “نعيم عبد مهلهل” في مقالة بعنوان “عمتي لميعة توفيق”: “ليل الأهوار لن يؤرقهُ سوى غناء النساء الساحرات، إنها مهنة الحلم الأكثر شيوعا في حياة الليل، المطارق فيها دموع حنيننا والمناجل بحة الكاهنات المنشدات في أروقة الروح وهي تبحث عن ملاذ آمن تودُ فيه الاستراحة من تعب النهار.. تلك الأيام البعيدة جدا، أستذكرها الآن مع صوت الهاتف البعيد للشاعرة الرائعة لميعة عباس عمارة، فهي بين حين وحين تتذاكر معي أحلامها ومشاريعها، يقظة ممتلئة بالجمال والحيوية بالرغم من أنها اجتازت الخامسة والثمانين، وفي آخر صوت هاتفي لها من أمريكا كانت قربي في صوت الحاسوب تغني كاهنة أخرى تدعى لميعة توفيق، حيث تربكني خمائل صوتها وهي تغني (هذا الحلو كاتلني ياعمه).. صوت لميعة توفيق الغائب في أزقة الإذاعات وصوت (لمعية عباس عمارة ) القادم في أثير أسلاك الهواتف الأرضية يجتمعان عند حدود الشوق للمكان البعيد، الرقة المتناهية في المشاعر والحنين السومري للمكان البعيد عند الأديم الأخضر الذي كنا نصنع عليه أرائك الغرام والكتابة وأمنيات السفر.. أحسب المسافة بأميال الحنين الممتدة في الأحبال الصوتية في حنجرة لميعة توفيق فأحصل على كم هائل من الذكريات.. وعليه تبقى هذه الأغنية وغيرها فيتامين يرمم كل ما يتهدم ونمتلك في سلطنتها شيئا من ذوق نحتاجه حتى في رسائل الغرام ومكالمات الموبايل ونصوص المقالات والرواية والشعر، لأن هكذا هاجس صُنعَ من بحة لميعة توفيق كفيل بخلق لحظة الحسم لنتحول ولو لربع ساعة إلى بشر غطتهم الأحلام الحقيقية ببردتها وأغرقتهم أمطار الشوق للمكان الأسطوري.. مكان السنونو وشجر النخيل والعصافير وبائعات القيمر وغجريات أغاني داخل حسن”.

وفاتها..

ماتت “لميعة توفيق” عام 1992 بسبب مرض عضال ودفنت في مقبرة الكرخ في بغداد،‏ وتركت أرثاً كبيراً من أغانيها المسجلة في إذاعة بغداد.

 

https://www.youtube.com/watch?v=V1-HlYvdpvU

https://www.youtube.com/watch?v=8h5uhZ27Qdg

https://www.youtube.com/watch?v=2tFCmc8Na8k

https://www.youtube.com/watch?v=zO8kRs51XPk

https://www.youtube.com/watch?v=Hg36uhdCkqA

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة