17 نوفمبر، 2024 3:33 م
Search
Close this search box.

للأسف البعضُ يلوّح باستخدام الفيتو ضد البعض

للأسف البعضُ يلوّح باستخدام الفيتو ضد البعض

يبدو أن البعض يريدُ سبق الأحداث قبل وقوعها  متوعداً قائمة من القوائم المتنافسة باستخدام ( الفيتو ) ضدها في حالة فوزها وحصولها على المقاعد البرلمانية التي تمكنها من المشاركة بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة وكأن العراق ( ملكٌ صرفٌ له ) وكأنه هو الآمرُ الناهي في تقرير مصير البلد . فبأي حق يمنحُ لنفسه استخدام الرفض المسبق وهو يعلمُ أن هذا الأمر يعني عدم احترام أصوات العراقيين الذين صوتوا لتلك القائمة المقصودة ؟ أليست الانتخابات هي الفيصل الحاسم بين المرشحين ؟  واذا كانت الانتخابات وفق الدستور العراقي ووفق رأي المرجعيات السياسية والدينية الطريق الأول لتحقيق الديمقراطية الصحيحة ، فلماذا يريدُ البعض من الآن اعلان الحرب المبكرة ضد القائمة المقصودة فيما لو حصدت نسبة عالية من أصوات الناخبين ؟ وثمّ سؤالٌ آخر يطرحُ نفسه من باب الافتراض الجدلي : كيف سيتم استخدام الرفض أو ( الفيتو ) ضد تلك القائمة ؟ الجوابُ المنطقي يقول لا يوجد نص في الدستور العراقي لمثل هذا الفيتو . اذن اللجوء الى استخدامه سيتم بطرق أخرى خارج مجال الدستور والشرعية الانتخابية ، وهذه الطرق ليست غريبة على الذين كانوا وما يزالون يصرّحون هذه التصريحات غير الناضجة . فمنها مثلا عرقلة مسيرة الحكومة المقبلة وافتعال المشاكل والأزمات واختلاق القصص المفبركة ، وتحريك البسطاء من الشعب من أجل ألاّ تنجحَ القائمة المقصودة  في مسارها . وربّما اذا اقتضت الحاجة فلا مانع من استخدام قوة السلاح لتدمير العراق وما فيه اكراماً لعيون فلان أو علان . وان كان هذا البعض يرى أن تلك القائمة بزعيمها فاسدة وأنها المسؤولة عن الكثير من الأحداث المأساوية التي عانى منها البلد ، وأنها وراء الفشل الذريع على مدى السنوات الماضية ، فهذا لا يعطيه الحق باستخدام الفيتو ضدها لأن وصولها الى البرلمان العراقي لن يكون عن فراغ أو عن ( قدرة قادر ) وانما  بحصولها على أصوات مواطنين عراقيين ( وليسوا أجانب ) . كما أن هذا البعض لا يملكُ وظيفة القضاء لينصب نفسه من الآن القاضي الأول في العراق ، ثم ليس من المعقول ولا من المنطقي أن يكون أي شخص مدعيا وقاضيا في نفس الوقت . فالعراق الآن يملك ثلاث سلطات مستقلة ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) ولكل سلطة صلاحياتها وواجباتها وحقوقها . ومن حق أيّ مواطن عراقي مهما كان حجمه ( كبيراً أمْ صغيراً ) أن يقيم دعوى قضائية ضدّ أي شخص مهما كان حجمه ومنصبه أيضا . والقضاء هو الكفيل والمسؤول الأول والأخير من التحقيق واثبات الجريمة عن عدمها ، وليس كلّ من هبّ ودبّ . ولوْ أصبح استخدام الفيتو متاحاً للجميع لضاع الخيط مع العصفور ولغرق العراق في بحر من الدماء ( لا سامح الله ) . وليس من الصحيح ولا من الحكمة أن تطلق الاتهامات جزافاً أوْ وفق الظن ، لأن القاعدة القانونية والفقهية أيضا ترى أن ( المتهم برئ حتى تثبت ادانته ) واثبات التهمة من عدمها من صلاحية ذوي الاختصاص وهم أهل القضاء . واستنادا الى ما تقدم فان الأحداث المؤلمة التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية لا يجوز ( شرعاً وقانونا ) أن نضعَ وزرها على طرف معين دون أن يتم تحقيق عادل فيها من قبل القضاء ومن ثم اصدار الحكم ضدّ المسببين لها ، وهذا هو الطريق الأمثل لمن يعرف معنى الديمقراطية ويفهم  منطق الحق ويخشى الله في أي ادعاء أو قولٍ يتحملُ وزره الى يوم الدين . أمّا اللجوء الى الرفض واستخدام الفيتو المسبق يكشف عن أشياء كثيرة لا مجال لذكرها في هذا المقال الصغير .

أحدث المقالات