19 ديسمبر، 2024 2:09 ص

موعد مع الذكريات

موعد مع الذكريات

راحت توضب منضدتها الصغيرة على مقربة من النافذة المطلة على شرفتها في مساء شديد العتمة حيث غارت النجوم في السماء حيث الشمس ململة ذوائبها على استحياء بأشعتها الذهبية وراء الغيوم الملبدة والليل أرخى أستاره وبدأت تجمع ذكرياتها وأحلامها الجميلة لتختزلها بشمعتين جميلتين صغيرتين وكأسين بأعناق طويلة من الزجاج وباقات ورد متناثرة هنا وهناك على المنضدة وهي تسترق السمع لدقات الباب المنتظرة لها التي تتزامن دقات القلب المتلهف المترقب للقاء مع دقات بندول الساعة المعلقة على إحدى جدران الغرفة ذهابا وإيابا وعيناها شاخصة ما بين الساعة والباب بدأت قطرات المطر تتراقص أمام وجهها على نافذة الشباك بنغمات رائعة كأنها سمفونية أشبكت أصابع كفيها مع بعضها البعض لتضعها تحت خدها وهي ترمق نور الشمعتين بعين ذابلة لتتقاسم ذوبانها . شعرت ببرودة الغرفة فراحت تدس قطع الخشب في الموقد القريب منها لتزيد من حرارته وتقلل من برودة الكتفين المكشوفتين من فستانها الوردي . ازدادت نغمات العزف المطري على حين غرة بازدياد قطرات المطر المتساقط على النافذة ليجلب انتباهها رفعت طرفي عينها الناعسة التي أضناها السهر والانتظار الحبيب وإذا بعصفور ينقر النافذة بتوسل طالبا منها السماح له بالدخول لكنها أبت أن يشاركها هذه الأمسية أحدا وفي هذه الدوامة والتفكير والترقب مزق هذا السكون صوت رنين هاتفها الخلوي التقطته لتضعه على أذنها بلهفة وبعد صمت مطبق وإذا بالدموع تتناثر على خدها كعقد اللؤلؤ المنفرط هي تردد كلمة لماذا. أغلقت الهاتف وتهاوت بجسمها الممشوق جمالا على الكرسي ودست رأسها تحت ذراعيها على المنضدة ونظراتها نحو الشمعتين وهي تذوبان شيئا فشيئا حتى ساد الظلام وضاعت الأحلام وسكت الموعد عن الكلام بكل هدوء واحترام

أحدث المقالات

أحدث المقالات