أن الحماية الامنية للمعلومات الالكترونية لمؤسسات الدولة الحديثة التي ادخلت الحوكمة في عمل مؤسساتها، اصبحت تحتاج الى توسيع نطاق حماية البنى الأساسية الرقمية الخاصة بها، لا سيما في ظل الطفرة الهائلة التي حققتها الشبكة المعلوماتية والانتقال إلى عصر الحوسبة السحابية (Cloud computing))، ولمنح الدول والمؤسسات والأفراد القدرة على الكشف والتصدي للهجمات المتطورة لقراصنة الشبكة العنكبوتية (Internet)، فضلا عن الهجمات الإرهابية، قبل أن تتمكن من إلحاق الضرر بهم. ورغم التطور الشديد في أجهزة الحماية المعلوماتية، فإن قدرتها ما تزال محدودة في الكشف عن الهجمات الإرهابية الإلكترونية، وغير كافية لتحديد الهجمات المتطورة، وذلك لان المتعارف عليه ان خطوات المخترق السيبراني تسبق خطوات الرادع وهذا طبيعي حتى في العالم الغير افتراضي، اذ ان التشريعات والقوانين الجزائية تشرع بعد ظهور جريمة جديدة او فعل غير مقبول.
ماهو الاختراق الالكتروني او الجريمة السيبرانية؟
أن الاختراق او الجريمة السيبرانية هو عمل جرمي مخالف للقانون كأي جريمة أخرى، فأي اختراق لقانون أو معتقد أو ثابت او عرف معين يعتبر جريمة، وهناك دول كثيرة شرعت قوانين تدين هذا النوع من الجرائم, وهناك دول لم تشرع لحد الان او في طريقها للتشريع. ويمكن تعريف هذا النوع من الجرائم ببساطة؛ بأنه عبارة عن هجمات تستهدف شبكات الحاسوب اضافة الى الشبكة الدولية للمعلومات( Internet) بمحتلف انواعها واستخداماتها لتعريض الامن القومي لدولة معينة او دول مجتمعة للخطر. ان ادوات تنفيذ هذا النوع من الجرائم لايحتاج الا الى خبرة في هذا المجال الحيوي اضافة الى جهاز حاسوب واتصال بشبكة الانترنت ومن ثم القيام بأعمال تخريبية وهو آمن في مقره، وذلك بنقرات بسيطة على لوحة المفاتيح مع الحرص على انتهاج اسلوب خاص يستخدمه ذوي الخبرة والاختصاص لايعرفه غيرهم. هناك انواع من الجريمة الالكترونية منها مايسمى الارهاب الالكتروني، وهو فعل معين يهدف إلى تهديد وترويع أعداد كبيرة من المواطنين اما النوع الثاني وهو القرصنة الإلكترونية فهو مهاجمة المواقع الالكترونية ومحاولة السيطرة على المعلومات بنية تدميرها او استخدامها لاغراض مختلفة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تزوير نتائج انتخابات في بلد ما يستخدم التصويت الالكتروني، كما هو جاري التحقيق حوله في الانتخابات الامريكية الاخيرة والتي اشارت الى تدخلاً روسياً في التحكم بنتائجها لصالح الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب. وهناك نوع اخر وهو التنصت فقط دون اجراء اي تدخل (interception) وهذا من اجل معرفة كيفية تفكير دولة معينة بخصوص اتخاذ قرار ما في مشكلة معينة او سياسة متبعة اتجاه دولة اخرى.
لقد اختلف الخبراء في الجريمة الالكترونية وفي طرق الحد منها, منهم من يرى ويشدد على وجوب وضع تشريع خاص ينص على عقوبات لمن يمارس الجريمة الالكترونية تختلف شدتها باختلاف نوعها وآثارها, ومنهم من يؤكد على اضافة تعديلات على قانون العقوبات المشرع اصلا تنص على فرض عقوبات لمن يقوم بالجريمة إلكترونية ويحدد طبيعة تلك الجريمة وتوصيفها، لانه بدون وجود تشريع يصف تلك الجريمة ويحدد عقوبتها وطبيعتها لايمكننا اطلاق لفظ “جريمة إلكترونية التي نراها بانها تبدأ من سرقة البريد الإلكتروني (الإيميل) الخاص بشخص آخر، أو حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيره من مواقع الإنترنت.عليه فان استفحال هذه الجريمة خاصة في عالمنا العربي هو بسبب أن الإجراءات التي تتخذها البلاد العربية غير كافية، فهي تحتاج إلى تشريعات وتعديل المفاهيم وإرادة واضحة تحدد طبيعة الجريمة الإلكترونية للحد منها ومكافحتها وان لا يتم اتخاذ مكافحة الجرائم الإرهابية ذريعة لمنع الحرية المعلوماتية. ونرى في هذا السياق انه من المفيد بمكان ان يكون هناك تعاون عراقي مع الدول العربية في مكافحة الإرهاب الإلكتروني، واتخاذ إجراءات عربية موحدة لمواجهة الفكر المتطرف، وايجاد موقف عربي موحد ضد المواقع الإلكترونية التي تروج للفكر المتطرف, وهذا لن يتم الا باتخاذ تشريعات مشتركة والاتفاق على آليات ومصطلحات وبنود ثابتة, وتوصيف لكل القضايا الخاصة بالفضاء السيبراني (الإنترنت) لمتابعة الحوادث الإلكترونية، حيث أن الاختراقات والتهديدات والجرائم السيبرانية تعد من أعمال الحرب غير التقليدية، وبناء عليه توضع آليات على أساس ثنائي او متعدد في مجال مكافحتها بشكل يراعي حقوق الإنسان والقانون الدولي وأي قوانين وطنية ذات صلة، للمحافظة على الأمن القومي وسلامة المواطن في مجتمعاتنا.
استنتاج واقتراح
عند التطرق الى المعلوماتية وتطورها الانفجاري، فإننا ضمنا نتحدث عن الجانب الامني فيها وعن المعركة الشرسة التي تحدث فيما يطلق عليه الحرب الالكترونية بمفاهيمها ووسائلها وادواتها والمسمى بالامن السيبراني الذي بدأ يقلق العالم المتقدم بصورة جدية, اذ ان الدول التي تقوم مؤسساتها على مبدا الحوكمة والذي يعني ان كل اسرار ومعلومات ووثائق الدولة تكون مخزونه على وحدات الخزن الداخلية للحواسيب، وفي حالة اختراقها يمكن الوصول الى اسرار الدولة بمختلف تصنيفاتها, عليه تحتاج الدولة الحديثة إلى استراتيجية ردع امنية الكترونية في هذه الحرب السيبرانية.
بسبب الظروف الحالية التي تسود ارجاء المعمورة وظهور نوع خطير جدا من الجريمة الالكترونية والذي يطلق عليه بالارهاب عبر الشبكة الدولية للمعلومات( Internet)، عليه نقترح الدعوة الى ورشة عمل دولية تناقش محاور عديدة في هذا الجانب المهم بانواعها المختلفة ومنها (الخصوصية المعلوماتية – ماهية الإرهاب الإلكتروني وأسبابه ومخاطره – أشكال الإرهاب الإلكتروني ووسائله وخصائصه – الأبعاد التقنية والاقتصادية والقانونية للإرهاب الإلكتروني – الإرهاب الإلكتروني والتطرف – الإرهاب الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي – مكافحة الإرهاب الإلكتروني والاتفاقيات الدولية). تكون اهداف مخرجات هذه الورشة الخروج باتفاقيات وتشريعات ملزمة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
ان العراق اليوم مقبل على انتخابات من المفترض ان يكون فيها التصويت بصورة الكترونية عليه يتوجب اتخاذ كافة التحوطات لمنع اية خروقات عبر الحرب السيبرانية لخصوصية الانتخابات القادمة.