19 ديسمبر، 2024 10:55 ص

قراءة في المستقبل السياسي العراقي

قراءة في المستقبل السياسي العراقي

المعروف عن العملية السياسية في العراق بأنها تزداد تلكؤا وتعقيدا يوما بعد يوم , وقد انتقلت من التصريحات والمماحكات الى انقسامات حتى داخل الحكومة وان الخلافات والأزمات لن تنتهي ليس بعدم  وجود رجال سياسية بل بطبيعة النزعة العدوانية وتراكمات الماضي ومؤثرات ابعاد اجنداتهم الخارجية جعلت من العراق مسخرة وضيعة للنفوذ والتدخلات الدولية والإقليمية وأي مراقب او متابع للشأن العراقي يرى العجب العجاب سوى بقادة العملية السياسية او النواب او الوزراء او الخط الثاني منهم كلهم في سلة واحدة قاسمهم المشترك هو سرقة العراق وترصين مصالحهم الشخصية وليس لديهم أي مشاريع وطنية ، تصريح اليوم هو مناقض لما سبقه ولذلك لا عهد ولا وفاء عندهم، ولذلك ائتلافاتهم السياسية معقودة على نوع ” العروض والصفقات”،  وإذا اخذنا قصة سحب الثقة عن المالكي كمثال وهي ليست بعيدة فقد أثيرت قبل حوالي أكثر من سبعة أشهر وتم جمع التواقيع لهذا الغرض إلا ان المالكي مجرد هدد بفتح ملفات فساد لبعض أعضاء الكتل السياسية وعلى رأسهم العراقية توقفت كل الاجراءات اللازمة بهذا الصدد اضافة الى موقف طالباني المؤيد للمالكي في حينها(الخط الايراني)،الصراعات وصنع الازمات المستمرة تكاد تكون الفواصل بينها معدومة من قبل ائتلاف دولة القانون عمقت فجوة الخلاف وعدم الثقة بين قادة الكتل السياسية إلى أن انفجرت الإحداث ألأخيرة بإعلان العصيان المدني في ألأنبار وصلاح الدين ونينوى وقد قوبلت المطالب بحزمة من التصريحات المتناقضة والنارية من قبل ” صقور” دولة القانون بل السعي الى اقامة تظاهرات مدعومة من قبل حزب الدعوة الحاكم لصالح رئيس الوزراء في حين الكتلة العراقية والكوردستانية  تحاول ولو مجرد ” تعديل” على بعض القوانين مثل المسائلة والعدالة او المادة 4 ارهاب او اطلاق العفو العام والمرفوضة أصلا من دولة القانون ان لم نقل من قبل التحالف الوطني بأجمعه ، هذا يعني ان مطالب الجماهيرستسوف سياسيا  خاصة بعد تشكيل اللجنة الوزارية  واحالة المطالب حسب ” الاختصاص” في ظل استمرار سياسة التهديد بفتح ملفات من قبل المالكي ضد من يخالفه في العملية السياسية وهي تهديدات غير قانونية  وأحد اسباب  الازمات المستمرة التي تعصف في البلد ,لقد أثبتت عملية المحاصصة الطائفية والاثنية والمناطقية فشلها ويجب استبدالها بسياسة المواطنة والديمقراطية وبناء دولة مدنية من اجل خدمة الشعب تحت ظل القانون والقضاء ، ومن  القراءة  اعلاه ابين الاتي :-

1.    رغم وجود خلاف (مصالح) بين كتلة الأحرار ودولة القانون إلا إن الاثنين سيبقيان تحت مظلة ” التحالف الوطني ”  وقد أعلن قبل أيام  تحالف المجلس الأعلى مع دولة القانون  في الانتخابات القادمة والاحتجاجات قائمة في أكثر من أربع محافظات مما يعني هناك إصرار على بقاء التحالف ” الشيعي” كما هو  وبتصميم إيراني ودعم منه .

2.    المالكي أوعز بتشكيل أكثر من 40 كيان سياسي وبأسماء عدة  لضمان دخولها انتخابات مجالس المحافظات ثم البرلمانية القادمة بغية حصوله على أكبر عدد من الأصوات لضمان بقائه دورة ثالثة في منصبه الحالي

3.    تفكك الكتلة العراقية ولوجود مؤشرات على بعض قياداتها ( إصبع مع العراقية والجسم مع دولة القانون) سيسهم في خلق تحالف  بين جبهة المطلك و دولة القانون وهذا ما أكد عليه الناطق الرسمي لجبهة الحوار حيدر الملا حول امكانية هذا التحالف في أكثر من لقاء متلفز0

4.    الأزمة الحالية ستسهم في انطلاق ائتلافات جديدة ( عناوين ) ولكن محسوبة لذات الأوساط في العملية السياسية.

5.    كل الكتل تنظر لمصالحها ووفق هذا المعيار لن يحدث أي تطور منشود يشعر به المواطن العراقي مقابل تمسك هذه الكتل بصلاحيات وامتيازات السلطة  .

6.    بقاء العلاقات بين الكتل السياسية في قلق بقدر تعثر المصالح او ( التوافق)  فيما بينها .

7.    ستبقى عناوين الكتل الرئيسية كما هي بعد أضافه بعض “المكونات” الوهمية لائتلافاتها لغرض كسب الاصوات .

8.    التحالف الكردي سيتحالف من يقدم له افضل العروض.

9.    حسب القراءة الميدانية ان العراقية سوف لن تحصل على نفس الأصوات  التي حصلت عليها في الدورة الحالية بسبب ضعف مواقفها وعدم ثبوتها مع رغبات الشارع العراقي بل انتكست في مواقف سياسية عدة رغم تصريحات قادتهم النارية.

10. دولة القانون ستقدم بعض التنازلات  لبعض مكونات التحالف الوطني  في حالة فوزها مجددا .

11. هناك إشكالية فيما يتعلق  بنزاهة الانتخابات لاسيما ان الهيئة العليا لمفوضية الانتخابات ارتبطت رسميا بمجلس الوزراء مما يعطي مؤشرا بعدم وجود نوايا حسنة بهذا الاتجاه .

12. رغم توجيه المرجعية الدينية مؤخرا بتحديد الرئاسات الثلاث بدورتين إلا ان هذا التوجه لايعني القرار النهائي لان الدعم الإيراني والأمريكي لشخص المالكي طيلة دورته الأولى والثانية  بل صنع القرار السياسي العراقي كان  “بالتوافق”  لتكريس ما هو شاذ في العراق لصالح المصالح العليا لإيران وأمريكا  قد يساهم في تجديد ولاية ثالثة للمالكي بدعم اضافي من ( خليط سياسي واقتصادي) يمتد من واشنطن مرورا بموسكو والخليج، فهناك دوائر أميركية لهم علاقات قوية مع كبريات الشركات النفطية وشركات السلاح في الولايات المتحدة تدعم المالكي وتريد بقائه لأنه مفيد وتدعمه المافيا  التجارية التي تقود إطعام العراق من تجار عراقيون وعرب وفي الهند ، فهم يريدون استمرار المالكي في منصبه لأن هذه المافيا لها اتصالات وعلاقات قوية جدا مع بعض المقربين من المالكي وليس حبا بالمالكي ولكن بقائه يعني استمرار المظلة التي تحمي تجارتهم، وهناك لوبي اقتصادي روسي هو الأخر يريد استمرار المالكي في منصبه للاستفادة من صفاته وهي ( السرعة باتخاذ ألقرار والانقلاب على أي أتفاق  والإستماته من أجل مصالحه الشخصية والحزبية ) وبنفس الوقت المضي في  تنفيذ العقود الضخمة التي عقدها المالكي مع الحكومة الروسية، وهناك شركات خليجية نفعية لها علاقات هي الأخرى تريد بقاء المالكي لأنها نسقت مع أطراف مهمة في داخل حكومته وبهذا تضمن الاستمرار في العراق في حالة بقاء المالكي.

13. في حالة غلق الطريق أمام المالكي من قبل خصومه بما فيها تحديد مدة الرئاسات الثلاث سوف يسعى بتسليم منصب رئاسة الوزراء لحليفه ” خضير الخزاعي ” رغم محاولات كتلة الأحرار بمنح هذا المنصب إلى ” قصي السهيل”  وسعي المجلس الأعلى بإشغال هذا المنصب من قبل “عادل عبد المهدي” .

14. لعدم وجود فعل جاد وحقيقي من الكتلة العراقية والكردستانية  بسحب الثقة من المالكي وبنفس الوقت عدم حيادية المحكمة الاتحادية والآليات الدستورية كلها ستساهم في بقاء المالكي بالسلطة حتى نهاية مدتها ، وهناك من يقرأ بمنظار ” الصفقات”  قد يوافق الجميع على المالكي مع أعطاء بعض المساحات المحدودة لتحرك الآخرين.

15. اما الدكتور اياد علاوي فهو رجل مرغوب من ( العالم العربي) وهناك دوائر معتدلة في الولايات المتحدة وأوربا هي الأخرى تريد الدكتور علاوي، ولكن الدوائر اليمينية في الولايات المتحدة وإسرائيل لا تحبذ علاوي الذي يحمل صفات عروبية وقومية ورجل يميل للحوار بدلا من الصدام، ولكنه لا يمتلك لوبي قوي في داخل العراق ليضغط به ،ولكن يبقى الدكتور علاوي خط أحمر بالنسبة لإيران فهي لا تريد حتى إشراكه في الحكومة العراقية ،ولهذا هي شرعت بحرب علنية ضده من خلال جماعتها وأصدقائها في العملية السياسية والهدف منعه من الوصول الى  المراكز القيادية العليا وسيبقى بمثل ما هو عليه في الانتخابات القادمة.

16. الموت السريري للرئيس الطالباني  يتطلب ترشيح من يخلفه  سيزيد من الإرباك السياسي على ما هو عليه ألان  ولوجود اختلافات كبيرة بين الكتل بمن يصلح لهذا المنصب ونعتقد ان المنصب سيبقى شاغرا حتى الانتخابات البرلمانية القادمة.

17. الصورة المعقدة في العراق والتي سببها ضعف القرار الوطني العراقي  والتدخل العربي والإقليمي والدولي واحتمالية  دور امريكي جديد في المشهد السياسي العراقي خاصة بعد الاعتصامات التي حصلت في اكثر من اربع محافظات قد تطرد  امريكا جميع المتدخلين في الشأن العراقي وسيكون من حصتها لوحدها، وهذا محتمل خصوصا وأن بيدها أوراقا خطيرة ومنها ( الفصل السابع ، وموضوع الأمن ، وموضوع القواعد الضخمة في العراق ، والاتفاقية الأمنية) .

18. خلاصة القراءة بعد تجربة السنوات العجاف الماضية سيسعى العراقيون في الدورة البرلمانية القادمة الابتعاد عن مرشحي الكتل السياسية والذهاب لانتخاب من هو مستقل خوفا من صعود نفس الوجوه التي أضرت بالمصالح الوطنية العليا ونهب ثروات البلد وسرقة ماله العام .

أحدث المقالات

أحدث المقالات