لاتزال فئتان كبيرتان نسبيا لديهما موقفا سلبيا من الانتخابات النيابية التي ستجري بعد ايام مع الفارق بينهما في الدوافع والاهداف وامكانات عودة عدد منهما الى المشاركة الواعية والفاعلة في الاسهام برسم الخارطة النيابية .
الفئة الاولى اعلنت علنا انها تدعو الى المقاطعة ولا تريد المضي لصنادق الاقتراع للاسهام عن هذا السبيل في التغيير المنشود ،وهي تعتقد انه يمكن انه يمكن اسقاط الشرعية عن العملية السياسية والتعاطي معها بزيادة نسبة المقاطعين ، وفي ذلك وهم كبير ، لايدعمه اي اساس قانوني او نص دستوري ، فاي كان عدد المصوتين لا يطعن في شرعية اجراء الانتخابات . كما يتعذر خلق حراك اجتماعي يقاطع العملية السياسية ويجبر القوى الواسعة المنخرطة فيها الخضوع لارادة المقاطعين خارج الاطر الشرعية الحكومية .
ومن الواضح ايضا يتعذر فيما بقي من وقت تغيير ارائهم واحداث انعطافه في توجههم نحو المشاركة الفعالة لاسباب ذاتية وموضوعية في مقدمتها الرغبة لدى بعض الكتل النافذة وجهات اخرى ان تكون المشاركة محدودة كي تتمكن من تحقيق الارجحية بين المصوتين للملتزمين والمنتظمين والمنتفعين في صفوفها ومؤيديها وهي القادرة على حشدهم خلفها بسهولة .
اما الفئة الثانية ، وهم الاشخاص المترددون واليائسون من التغيير ، ويجري صراع حاد بشانهم ، كل كتلة تحاول استمالتهم ، وهؤلاء لم يحسموا امرهم بالمشاركة من عدمها ويلحظ عليهم من الاحتكاك بهم والحوار انهم من الساخطين على العملية السياسية ، وينبغي ان يبذل جهدا استثنائيا لاقناعهم بان عزوفهم يعني بقاء الحال الذي ينتقدونه على ما هو عليه من دون تغيير كبير ، ويقدمون خدمة للقوى المغضوب عليها بسبب الفساد وسوء الاداء وغياب البرامج الحقيقية للبناء والاعمار وتنفيذها.
والخطورة ان هؤلاء وغيرهم يتخلون طوعا عن حقهم ويكرسون واقعا مرا يعانون منه هم قبل غيرهم ولا يمتلكون حججا تصمد في النقاش ، والامر من ذلك يتبرمون ويتذمرون من الاوضاع السائدة التي يسهمون فيها ببقائهم متفرجين ويمتنعون عن التصويت .
نعم الاوضاع سيئة والقوى المتنفذة في السلطة لاتزال تمتلك الامكانات والقدرات التي تمتص التذمر وتعرقل التغيير ، مادامت نسبة غير المصوتين كبيرة ، صحيح التغيير صعب ولكنه ممكن الحدوث ، وهي ليست كلية القدرة في منعه ، ودرجة نسبته تعتمد على اسهام المؤمنين بالاصلاح الجذري وتخطي الفشل ، بالتوجه الى صناديق الاقتراع والادلاء بالاصوات للنزيه والكفوء والمستعد للعمل الجاد لتنفيذ مشروع وطني بعيد عن المحاصصة باشكالها وانواعها ، وعزل الفاسدين الذين باتت سيرهم مفضوحة .
لم نجد عذرا مقنعا يبررالامتناع عن التصويت او تكرار تولي السيء مرة اخرى ، فهذه الانتخابات تشكل فرصة ثرية في تنوع وتعدد القوائم التي تمثل الطموح في بناء دولة مدنية وتنتشل البلاد من الرزايا التي اوقعوها بها .
ان نظرة سريعة على قوائم المرشحين توضح لنا ان هناك اكثر من قائمة مدنية خالصة وبرامج واضحة واشخاص من مشارب سياسية متنوعة ولم يسبق ان تلوثوا بمفاسد الحكم
واستغلال المناصب والتحالف مع الراسمال الجشع والحرام ..هذه القوائم خليط من المدنيين والاسلاميين والليبراليين والمستقليين التكنوقراط .. اي مرشحين من اتجاهات مختلفة وزعامت نظيفة اي امكانية الاختيار واسعة في مواجهة قوائم جربها شعبنا زعامات واعضاء وعرفها عن كثب وخيبت امله في تلبية حاجته الاساسية فضلا عن طموحاته في بناء الاستقرار والامن والتنمية المستدامة ، انها لم تف بوعودها وضيعت ثروته واهدرتها .
بعد الثاني عشر من الشهر الجاري لاينفع الندم وعض الاصبع ويصبح الانتقاد والتاسي على عدم الاسهام في الانتخابات لامعنى له ، بايدينا نحقق التغيير ربما لايكون مقررا في هذه الدورة ولكنه بالتاكيد سيعطي لقوى الاصلاح دور اكبر في رسم مستقبل البلاد وقطع الطريق على القوى الفاشلة في الاستمرار باهدار الفرص وتبديد المقدرات والاهم نمكين الاصلاحين من تحسين احوال الناس المعيشية والخدمية .