وسط اجراءات أمنية مشدة وتحت شعار “لا للتقسيم .. لا للطائفية” شهدت مدن عراقية عدة اليوم الجمعة صلوات شيعية سنية موحدة وتظاهرات اجتجاج في “جمعة لاتخادع” حيث دعا ائمة المساجد السنية في محافظات بغداد والانبار والموصل وديالى وكركوك وصلاح الدين العراقيين الى الوحدة وعدم التنازع ونبذ الخلافات واكدوا ان الوفود الحكومة التي زارت مدنهم امس لم تقدم سوى وعودا ولم توقع اي وثيقة بالتنفيذ مهددين بالتصعيد مشيرين الى انهم ليسوا ضد الشيعة وانم ضد الحكومة الظالمة.
ووسط اجراءات امنية مشددة وقطع طرق وشوارع رئيسية فقد شهدت العشرات من المدن العراقية في ست محافظات غربية وشمالية اضافة الى العاصمة بغداد اعتصامات وتظاهرات اليوم تحت شعار ”جمعة لاتخادع” شارك فيها الالاف من المواطنين واقيمت خلالها صلوات جماعة مشتركة سنية شيعية رفعت شعارات “لا للتقسيم .. لا للطائفية”.
وتحدث ائمة المساجد في خطبة الجمعة في هذ المدن عما اسموه بالمظالم التي لحقت بالمكون السني وانتهكت حقوقه مؤكدين بالقول “نحن أمة وليست طائفة”. وفي مدينة سامراء (125 كم شمال غرب بغداد) القى امام مسجد الرزاق الشيخ محمد حمدون طه خطبة الجمعة في حوالي مائة الف من المصلين مؤكدا استمرار التظاهرات والاعتصامات حتى تفيذ مطالب المحتجين محذرين من تصعيد سقف المطالب.
وشدد على ان الوفود الحكومية التي زارت الانبار وسامراء امس (في اشارة الى زيارة نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء الى سامراء ووزيري الدفاع وكالة سعدون الدليمي ومحمد شياع السوداني وزير حقوق الانسان الى الرمادي) والتقت ممثلي الاحتجاجات تسلمت مطالبهم لكنها لم تقدم غير الوعود. واضاف ان المعتقلات تئن بالظلم ويجب العمل على تحرير المعتقلين ونصرهم ودعا المحتجين الى الصبر قائلا “ان نصر الله قريب”.
واشار الى ان منتسبي المكون السني بدأوا يتوارون خوفا من الظلم والاعتقال ورعبهم كبير من الايام القادمة “فالجرائم كثرت ولكن لايمكن لهذا البلاء ان يدوم” كما قال. وشدد بالقول ان “التظاهرات ليست ضد الشيعة بل ضد الحكومة الظالمة”.
ووجه خطيب سامراء نداء الى العراقيين لنبذ الخلافات وعدم التنازع والوحدة ووقوف صفا واحدا ضد الظلم والاضطهاد. وقال ان الحكومة ارسلت مبعوثين الى المدن المحتجة التي ابلغتهم مطالبها لكن مسؤولي هذه الوفود لم يقدموا غير وعود ولم يكتبوا اي وثيقة او يوقعوا على بند تنفيذ لمطلب واحد واكتفوا بالقول ان المطالب مشروعة وانهم سيعملون على تنفيذها. وشدد بالقول ان المحتجين لن يصدقوا هذه الوعود مالم يتم تنفيذها لان هناك ازمة ثقة بينهم وبين الحكومة التي كانت وعدت بالمائة يوم واتبعتها بمائة يوم اخرى للاصلاح لكنها لم تحقق هذا الاصلاح لحد الان “ولذلك فان على رئيس الوزراء نوري المالكي الاسراع بتنفيذ مطالب المعتصمين والمتظاهرين سريعا قل ان يصعدوا من فاعلياتهم ويرفعوا سقف مطالبهم”. وقال “اننا اخترنا جمعة لاتخادع للاعتصامات الموحدة في المحافظات للتعبير عن وحدتها وانها اذا تواصلت فأنها ستستمر في جميع المحافظات واذا انفضت ستنفض في جميعها ولن نعود الى بيوتنا ونتنازل لمجرد الوعود التي سمعناها من وفود الحكم وسنبقى في ساحات الاعتصام حتى يتم التنفيذ على ارض الواقع”.
ودعا خطيب الجمعة المالكي الى عقد اجتماع طارئ لحكومته للاسراع بتنفيذ مطالب المتظاهرين وطالب مجلس النواب لعقد جلسة استثنائية لتشريع قانون العفو العام وتعديل قانوني الارهاب والمساءلة والعدالة لاجتثاث البعث والغاء قانون المخبر السري. واكد على الحكومة ضرورة الكف عن حملات الاعتقال ورفع الظلم عن المكون السني مؤكدا ان المتظاهرين خط احمر “نحذر من التجاوز او الاعتداء عليهم”.
وقالت اللجان الشعبية المشرفة على التظاهرات التي تشهدها محافظات الانبار ونينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى “ان الاحتجاجات تدخل اسبوعها الثالث بكل عزم وثبات باتجاه تحقيق اهدافها التي رسمتها هتافات حشود مئات الالاف في ساحات العزة والشرف المنتشرة في مدن العراق حيث تجاوز المتظاهرون كل انواع التهديد والوعيد تارة وإرسال الوفود للتفاوض على تحقيق جزء من الطلبات تارة اخرى” . واضافت في بيان انه بعد ان ارسل رئيس الوزراء نوري المالكي لوفود ”يرأسها قوم من المخادعين مثله وبعد ان وصفنا بالفقاعة وأصحاب الشعارات النتنة وبعد الاتفاق مع شريحة كبيرة من القوى المشاركة في تنظيم المظاهرات وفي اكثر من محافظة فقد تقرر اطلاق تسمية (لا تخادع) لجمعتنا المقبلة لتكون موجهة لشخص من وصفنا بالفقاعة ومن تجاوز على ابناء شعبه”.
وكان مجلس الوزراء العراقي قرر في الثامن من الشهر الحالي تشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني وعضوية وزراء العدل والدفاع وحقوق الإنسان والبلديات والأشغال العامة والموارد المائية والدولة لشؤون مجلس النواب والأمين العام لمجلس الوزراء ووكيل وزارة الداخلية، تتولى تسلم الطلبات المشروعة من المتظاهرين مباشرة من خلال وفود تمثلهم حيث التقوا في سامراء والانبار امس ممثلين عن المحتجين وناقشوا مطالبهم من اجل رفعها إلى مجلس الوزراء.
وتشهد محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك منذ 21 من الشهر الماضي تظاهرات يشارك فيها عشرات الآلاف جاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات وإطلاق سراحهم وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب وتشريع قانون العفو العام وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.