لاشك بان موقف المرجعية الدينية في النجف الشرف وعلى مر التاريخ الحديث ؛ وقفت موقفا مشرفا في جميع المراحل والمفاصل المهمة ؛ بالضد من كل المؤامرات التي تحاك ضد هذا الشعب المستضعف ؛ فلم تفرق بين عراقي واخر على مر التاريخ ؛فكانت العباءة التي استضل بها الجميع وشعر تحتها بالأمان والكرامة والعزة فكانت مواقف ما بعدها مواقف ؛ حفظت العراق ارضا وشعبا وكرامة .
لا نذهب بعيدا بالمتلقي ؛ ونذكر له مواقف الامام الشيرازي في ثورة العشرين والامام محسن الحكيم ومواقفه من المد الشيوعي؛ ومناصرة الكورد في قضيتهم ؛ واصدار فتواه الشهيرة بعدم جواز محاربة الاكراد ؛ومناصرة الشعب العراقي في انتفاضة شعبان من قبل الامام الخوئي في عام 1991 ؛ بل سنبقى في داخل الحدث المعاصر ؛ ما بعد 2003 وكيف تصدت المرجعية وعلى هرمها الامام المفدى السيستاني دام ظله لكل محاولات الامريكان ودول الاقليم في تحطيم الارادة العراقية ؛ واعطاء الحق للشعب العراقي في كتابة دستور خاص به عن طريق جمعية منتخبة من الشعب.
لقد سعت المرجعية الدينية منذ سقوط النظام الاستبدادي السابق في ان يحلّ مكانه نظامٌ يعتمد التعددية السياسية؛ والتداول السلمي للسلطة؛ عبر الرجوع الى صناديق الاقتراع، في انتخابات دورية حرّة ونزيهة، وذلك ايماناً منها بانه لا بديل عن سلوك هذا المسار في حكم البلد إن اريد له مستقبل ينعم فيه الشعب بالحرية والكرامة ويحظى بالتقدم والازدهار، ويحافظ فيه على قيمه الاصيلة ومصالحه العليا.
ومن هنا أصرّت المرجعية الدينية على سلطة الاحتلال ومنظمة الامم المتحدة بالإسراع في اجراء الانتخابات العامة لإتاحة الفرصة امام العراقيين لتقرير مستقبلهم بأنفسهم، من خلال اختيار ممثليهم المخوَّلين بكتابة الدستور الدائم وتعيين اعضاء الحكومة العراقية.
وقفت كذلك المرجعية مع العراق ارضا وشعبا وهيبة ؛ في اكثر من واقعة اهمها ؛ تفجير قبة الإمامين العسكريين عليهما السلام ومنعت وقوع حرب اهلية كادت ان تقضي على مستقبل العراق وتحوله الى دولة من دول القرن الافريقي ؛والتأكيد على المجتمع الدولي بضرورة خروج الامريكان من العراق وفق القوانين الدولية التي تتبعها الامم المتحدة في نصرة الشعوب ؛وفتوى الجهاد الكفائي ضد داعش ودعم النازحين والمهجرين من المناطق التي احتلها داعش في عام 2014 ؛ فسجلت المرجعية العليا موقفا تاريخيا عظيما في المساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية بين ابناء الشعب العراقي .
جاء بيان المرجعية التأخير ؛ ليبلغ الجميع بخارطة الطريق والتاريخ مها ؛ فعقوبة الفاسدين والفاشلين ومن اضاع العراق وسلمه لداعش وسرق المال العام ؛امر لابد منه بعدم التصويت له من جديد ورميه في مزبلة تاريخ السيئين ؛وبالمقابل اختيار الكفوء والنزيه والنظيف فالعراق مليء بالكفاءات العملاقة ؛ كل ذلك وضعته المرجعية في معادلة كبيرة ؛ طريقه حلها البسيطة هو هذه الخطوط التي رسمها المرجع الاعلى ؛ وجعل المواطن العراقي هو من يقرر لا غيره فالأجيال القادمة امانة في اعناق الجميع ..وعلينا الاعتبار من دروس الماضي ؛ والخوف من عقوبة المستقبل التي تذوقنا طعهما سابقا عندما لم نحسن الاختيار .