17 نوفمبر، 2024 7:32 م
Search
Close this search box.

هواء في شبك

في إنتظار الموقف النهائي للرئيس الامريکي من الاتفاق النووي، والذي صار هاجسا يشغل العالم کله لکنه صار مصدر خوف و رعب بل وحتى بمثابة کابوس على نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، فإن القادة و المسٶولين الايرانيين و جريا على عادتهم، فإنهم صاروا يکثرون من تهديداتهم للولايات المتحدة الامريکية في حال إلغائها للإتفاق بل وإنهم بالغوا عندما هولوا من تهديداتهم بصورة توحي بأنهم سيقدمون على إجراءات غير متوقعة، لکن و بحسب رأي معظم المراقبين السياسيين فإن طهران ليست لديها القدرات و الامکانيات الکافية التي تسمح لها بأن تکون في مستوى تلك التهديدات النارية وانما هي تعاني من أوضاع بالغة الصعوبة وقد ينقلب الانسحاب الامريکي وبالا عليها بحيث يمکن أن يصبح عاملا و دافعا لإنطلاق الانتفاضة ضدها من جديد.
إيران قوية بما فيه الکفاية وهي ند لأمريکا و تشکل صداعا و کابوسا للمنطقة، هذا الکلام أو بالاحرى هذا الرأي، هو وجهة نظر و قناعة المأخوذين و المنبهرين بل و حتى المٶمنين بطروحاتها و أفکارها، إذ إن إيران لو تم وضعها تحت المجهر و تمت مراجعة النقاط أعلاه واحدة تلو الاخرى، فسوف نرى إننا نقف أمام رأي آخر لايتماشى أو يتفق مع الرأي المشار إليه إطلاقا خصوصا بعد الذي أن فقد الريال الايراني جزءا کبيرا من قيمته و تصاعدت و تتصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الى الحد الذي يمکن أن يعتبر تهديدا مباشرا لأمن النظام.
هل إيران قوية مافيه الکفاية؟ هل هي تمتلك کل أسباب القوة التي تجعل منها بحق ندا لأمريکا؟ لابد لنا أن نقر بأن إيران تمتلك قوة عسکرية و تسليحية غير عادية ولکن مقارنة مع دول المنطقة و بلدان العالم الثالث وليس مع القوى الکبرى و خصوصا أمريکا، ثم إن إيران التي تمتلك قوة عسکرية و تسليحية کبيرة لکنها لاتمتلك إقتصادا قويا بل ولا حتى متماسکا بل و حتى آيل للإنهيار، فهو يکاد أن يعتمد على تصدير البترول، ويکفي أن نستشهد بهبوط أسعار البترول و ماجرى للأوضاع المعيشية و الاقتصادية داخل إيران کي نستشهد به کدليل حي و عملي على مانرمي إليه، ثم إننا لو قارننا القدرات العسکرية و التسليحية لإيران و قارناها مع أمريکا، فإننا سنجد الفرق شاسعا من نواح کثيرة جدا، على سبيل المثال لا الحصر أمريکا تقوم بصناعة و إنتاج کافة الاسلحة التي تمتلکها أما إيران فإنها ليست کذلك أبدا، ولو قارنا بين الاقتصادين، فإننا نکون قد ظلمنا الاقتصاد الايراني الکسيح عندما نضعه في هکذا موقف!
إيران بعد 4 عقود من عمر نظامها الحالي، صارت تمتلك جيشا جرارا من الفقراء و الجياع بإعتراف المسٶولين الايرانيين أنفسهم، وإن مشاهد من قبيل مهاجمة الجياع لشاحنات تنقل مواد غذائية نافذة الصلاحية و تستولي عليها، أو السکن في المقابر أو المبيت في بيوت من الورق المقوى أو بيع أعضاء الجسد بل وحتى بيع الاطفال الرضع بسعر 30 دولار، وغيره من الاخبار المأساوية المفجعة، تعطي للمتابع ثمة إنطباع واضح عن إيران کما هي من دون رتوش.
الحديث عن الکابوس الذي صارت تشکله إيران أو بالاحرى النظام السياسي ـ الفکري في إيران للمنطقة، کان ولايزال من إعتماده على الورقة الطائفية و اللعب بها لصالح أهدافها و مراميها بل وحتى لخدمة مشروعها الخاص، ولاريب کان بإمکان دول المنطقة”لو أرادت” أن تلعب نفس الورقة مع إيران خصوصا وإن هناك مکون سني کبير في إيران يتوزع بين البلوتش و الاکراد و الترکمان و غيرهم، وهم محرومون من کثير من الامتيازات و طبقا لما يقوله المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، فإنهم محرومون من الکثير من الامور و يخضعون لإضطهادين، لکن المشکلة إن دول المنطقة لاتعرف والاحرى لاتريد المتاجرة و المزايدة بالقيم الدينية و الطائفية، إذ تحترمها و تقدرها و تعتبرها أسمى من أن يتم إستغلالها لهکذا مأرب، بيد إننا يجب أن نشير الى إن الشعب الايراني برمته بما فيها هذه الاعراق تغلي سخطا ضد طهران وإن أية لحظا مناسبة تکون أشبه بالشرارة التي تشعل النار في الاوراق الصفراء المتيبسة.
وفي کل الاحوال ومع الاخذ بنظر الاعتبار ماقد أوردناه آنفا، فإن التهديدات الاخيرة الصادرة من طهران لاتدل على القوة و الاقتدار کما يسعى القادة و المسٶولون الايرانيون إظهار ذلك بل هو وکما تٶکد المقاومة الايرانية يعبر عن ضعف و خوف النظام و ليس في النتيجة إلا هواءا في شبك!

أحدث المقالات