تورطت السيدة ماري انطوانيت ملكة فرنسا وزوجة لويس السادس عشر عندما خرجت لمتظاهري بلادها متساءلة عن مطالب المتظاهرين المشروعة.. تلك المطالب التي تلخصت بجملة واحدة “نريد خبزا” .. متظاهرو فرنسا تساهلوا كثيرا لم يطالبوا الغاء الفقرة 4 ارهاب ولا المساءلة والعدالة ولا التهميش والاقصاء واطلاق سراح المعتقلات البريئات .. ماجدات فرنسا وحرائرها.. طلبوا خبزا فقط. وحين تساءلت “المسعدة” انطوانيت التي “بيتها على الشط ومن اين مامالتي غرفتي” عن السبب الكامن خلف عدم اعطاء المتظاهرين خبزا لم يكن جواب الحكومة ان برلمان فرنسا لم يوافق على قانون البنية التحتية بل قالوا فقط .. “ماكو خبز”.. عندها قالت “اعطوهم بسكويت”. ضحك المسؤولون عليها وفيما بعد ضحك عليها التاريخ ومازلنا نضحك عليها حتى وجدنا انفسنا اليوم متلبسين بجريمة “الضحك من غير سبب من قلة الادب”. ففي فرنسا القرن الثامن عشر لم يكن فقراء فرنسا يبحثون عن شئ سوى الخبز المفقود الا في بلاط صاحبة الجلالة ماري انطوانيت.
ومع ان اقتراح انطوانيت بالقضية ظل التعامل معه من باب السخرية المرة فان من الانصاف القول انها كانت ملكة مصونة غير مسؤولة, تملك ولا تحكم. تملك خبز وصمون وبسكويت وربما حتى بقصم ولم تقل لاحد يوما انها كانت من معارضي النظام السابق. ولم ترفع شعارات وطنية “تكسر الظهر” كلما يقترب موعد الانتخابات. لم تطرح اي برنامج لا وطني ولا غير وطني. لم “تثرم” بصل يوما برؤوس الفقراء.
طبقتنا السياسية هي التي “هنبلت” قرعت راس الشعب بمن فيهم الصلعان اشترت لهم “سشوارات” تشوبها رائحة الفساد مع انها تعرف انهم صلعانا يحتاجون “باروكات” او حتى لو “كلاوات” وطنية.انطوانيت لم تقل عن تلك التظاهرات مقدما انها مسيسة او ان المتظاهرين رفعوا صور جد اردوغان الحادي عشر “لان اردوغان ذاك الوقت ما موجود” وانهم عملاء للجيش النمساوي الحر وانهم يريدون عودة العملية السياسية في فرنسا الى المربع الاول. طبقتنا السياسية تركت ازمة الشارع تتفاعل و”التهت بدردها” كل طرف يريد اسقاط الطرف الاخر. نصف الحكومة تريد تحل نصف البرلمان وثلاثة ارباع البرلمان يريد يحل ربع الحكومة وهكذا. الحكومة تقول ان مطاليب الشعب من ميراندا وبيبسي وحفاظات دلال بيد البرلمان. والبرلمان يقول ان الحكومة بيدها “الصاية والصرامية” وتستطيع ان تسعد الشعب وتقدم له حتى “المن والسلوى” لو ارادت لكنها لاتريد. لا احد يعرف لماذا لاتريد الحكومة من وجهة نظر البرلمان ولا يريد البرلمان من وجهة نظر الحكومة. الحكومة تريد الايحاء للشعب بان البرلمان ضدها والبرلمان يريد من جهته الايحاء للشعب بان الحكومة ضده. اما الشعب الذي مل الوعود تقدم درجات على صعيد الوعي باهمية ما يعمل حين سحب البساط من تحت اقدام راكبي الموجات من السياسيين ليقول للجميع برلمانا وحكومة ان مثلنا الاعلى هو ماري انطوانيت واننا نريد بسكويت فعلا. فشعب ميزانيته 138 مليار دولار متى ياكل .. بسكويت اذن؟