خاص : ترجمة – محمد بناية :
تسعى “بنغلاديش” في قضية كوميدية للحصول على استثمار سعودي بقيمة مليار دولار في بناء مئات المساجد والمراكز الدينية؛ بدعوى مواجهة التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي تعود جذورها خلال العقود الماضية إلى حملة سعودية بمليارات الدولارات.
ومشروع “بنغلاديش” هو أول مسعى من دولة مسلمة يهدف إلى جذب المملكة؛ التي سبق وأن وعد ولي عهدها، “محمد بن سلمان”، بعودة السعودية إلى الإسلام المعتدل.
100 مليار دولار لدعم المساجد والجماعات الأصولية..
يسعى الطرح البنغلاديشي، كما يقول “جیمز إم دورسي”؛ في مقاله على موقع (الدبلوماسية الإيرانية)، إلى تقليل تبعات الاستثمار السعودي العالمي، والذي بلغ 100 مليار دولار خلال السنوات الأربعون الماضية تحت مسمى دعم وتطوير المساجد والمراكز الثقافية والجماعات الأصولية.
تلك الاستثمارات التي وجهت بثورة الإيرانيين عام 1979. وقد حظيت الحملة السعودية بدعم وتأييد الحكومات الإنتهازية التي أدخلت الدين في ألعابها السياسية. وقرار “بنغلاديش” يثير الأسئلة حول طبيعة التغيير في السعودية؛ وهل هو بالقدر الذي يتيح للسعودية إدعاء تجاوزها جذور العنف والأصولية ؟.. ربما تكون الإجابة سلبية.
فالمسلمون السنة الأصوليون المتشددون والمثيرون للصراعات، يستفيدون بالنظر إلى إشتراك جذورهم مع المملكة العربية السعودية في الفكر المذهبي، من الأيادي المالية السعودية المفتوحة، وقد شكلوا لأنفسهم حياة مستقلة ولم تعد لهم حاجة إلى توجيه ودعم المملكة.
البصمات السعودية على دول آسيا..
تبعات الحملة السعودية ملموسة في آسيا، بحسب موقع (الدبلوماسية الإيرانية)؛ نقلاً عن (لوبلاغ). بدءً من النزاع والعنف في “بنغلاديش” وحتى انتشار الأفكار المتغطرسة في دول مثل “ماليزيا وأندونيسيا وباكستان”، فضلاً عن أن السبب في تقييد الحريات الأساسية بجمهورية “بنغلاديش” يعود إلى تبعات الضغوط السعودية عام 1975 لإصلاح الدستور العلماني والاعتراف بالإسلام كدين رسمي للدولة، حيث طُبقت بالنهاية هذه الإصلاحات بعد مرور أربع سنوات على استقلال “بنغلاديش”.
ففي “أندونيسيا” اتهم المتشددون الإسلاميون المدعمون من جبهة المدافعين الإسلاميين، بنت مؤسس “أندونيسيا”، بإهانة المقدسات بعد إنشادها شعراً يهاجم الإسلام.
أما “باكستان” فقد أختارات “إسلام آباد”، الشهر الماضي، لإطلاق مشروع اختبار تنظيم خطب الجمعة للحيلولة دون الخطب المثيرة للكراهية والمتشددة ضد الأديان والمجتمعات. وأعدت الحكومة قائمة تشمل عدداً من العناوين مثل: “حقوق النساء، والأسس الإسلامية التجارية، والطهارة، والسلامة، وأهمية العمل والتحمل، والصدقة”، تكون محوراً أسياسياً للخطب.
والسؤال الآن: إلى أي مدى تستطيع المساجد والمراكز التي تكفلت الحكومة السعودية بإنشاءها في “بنغلاديش” تطبيق الوسطية والرؤية المعتدلة ؟.. فالسعوديون يوجبون القتل بحق كل من لا يعتقدون في الله، وولى العهد “محمد بن سلمان”؛ لم يعمد حتى الآن إلى تغيير القوانيين. فقد اختار في البداية طريقه لتعديل الإسلام السعودي، ومن ثم عليه توضيح رؤيته للإصلاح بالتفصيل.
في كانون أول/ديسمبر الماضي؛ أصدر الملك “سلمان” قرارًا بعزل مسؤول حكومي بعد اعتراض الأصوليين على إقامة عرض أزياء مختلط. بينما أستضافت المملكة أول الأسبوع للموضة العربية للنساء فقط، وكُلف المصممون برعاية القوانيين المشددة بشأن الملابس. والشيخ “عبدالله”؛ جد ولي العهد “محمد بن سلمان”، يعتبر نفسه بطل الحوار بين المذاهب.
مع هذا فقد مر أكثر من نصف عقد على قرار تطهير الكتب الدراسية من النصوص المعادية لسائر الفرق والمذاهب الأخرى، ورغم حدوث تطور ملحوظ، لكن ماتزال الألفاظ المسيئة تُستخدم عند الحديث عن الفرق الشيعية والصوفية، ناهيك عن التوصيات بشأن الإحجام عن التواصل مع اليهود والمسيحيين بدعوى أنهم كفرة.
وبالنسبة للأسئلة المطروحة بشأن التدخل السعودي في “بنغلاديش”؛ يجب القول: إن مراجعة مراقبي حقوق الإنسان للكتب الدينية التي نشرتها وزارة التربية السعودية خلال العام 2016 – 2017؛ أكدت أن هذه الكتب تؤسس بالدرجة الأولى لتعليم النشيء الكراهية ضد سائر المذاهب، وأن ولى العهد يلتزم الصمت حيال هذه المسألة. والسؤال القائم: هل بلغت المملكة بهذا القدر من التطور مستوى يؤهلها مساعدة دول مثل “بنغلاديش” في مكافحة جماعات الشر، قبل أن تنجح هى أولاً في معالجة مشاكلها ؟