قال وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي في مقابلة اليوم إن العراق يعتزم اتخاذ اجراءات قوية ضد اقليم كردستان وشركات النفط الأجنبية العاملة هناك لوقف صادرات الخام “غير القانونية” وذلك في تصعيد للمواجهة مع الإقليم شبه المستقل.
وصادرات النفط وعقوده محور صراع أوسع نطاقا بشأن الأراضي وحقول النفط والاستقلال السياسي بين حكومة بغداد التي يقودها العرب واقليم كردستان.
وقال لعيبي إن بغداد تعتزم مقاضاة جينل انرجي أول شركة تصدر النفط الخام مباشرة من كردستان وربما تخفض مخصصات كردستان في الميزانية العراقية ما لم يتوقف الاقليم عما وصفه بالتهريب.
وأضاف لعيبي في مقابلة بمكتبه بوزارة النفط في بغداد إن “الوقت قد حان” لأن تتوقف حكومة كردستان الاقليمية عن “هذا السلوك شديد الخطورة”.
وكشف لعيبي أيضا عن اتفاق مبدئي مع شركة بي.بي النفطية لتحديث حقل كركوك النفطي شمال البلاد وهو حقل ضخم لكنه متقادم يعاني من تراجع كبير في الانتاج. ويدور حول هذا الحقل نزاع بين بغداد وكردستان. وقال إن ذلك قد يدفع الحكومة المركزية لخفض نسبة 17 بالمئة التي تخصصها بالميزانية الاتحادية لاقليم كردستان مقابل حصتها من انتاج النفط الوطني ما لم تستأنف كردستان الصادرات عبر خط الأنابيب الاتحادي. وأضاف أن حكومة كردستان تهرب كميات كبيرة من النفط من خلال تركيا وإيران واصفا ذلك بأنه “سلوك شديد الخطورة” يخالف نصوص الدستور.
ومضى يقول إن بغداد مستمرة في دفع حصة الاقليم من الميزانية برغم استمرار ذلك السلوك.
ودفعت صفقات وقعتها كردستان مع شركات مثل اكسون الحكومة المركزية لتحذير الشركات من أنها قد تفقد أصولها في جنوب البلاد.
وتصر الحكومة العراقية على أنها وحدها لها حق تصدير النفط الخام وتوقيع الصفقات بينما تقول كردستان إن الدستور يتيح لها توقيع عقود النفط وتصديره بمنأى عن بغداد. وأغضبت كردستان بغداد بتوقيع صفقات بشكل مباشر مع شركات نفطية كبيرة مثل اكسون موبيل وشيفرون حيث طرحت عقود تقاسم انتاج مربحة بشروط تشغيل أفضل مما تعرضه بغداد.
وسمحت الحكومة الكردية لجينل الأسبوع الماضي بتصدير الخام بالشاحنات من حقل طق طق الكردي مباشرة إلى تركيا بدون استخدام خط الأنابيب الاتحادي الذي يربط كركوك بميناء جيهان التركي على البحر المتوسط. والصفقة صغيرة لكن لها دلالاتها.
وجاء رد بغداد سريعا حيث أصدرت شركة تسويق النفط العراقية (سومو) بيانا تقول فيه إنها تحتفظ بحق اتخاذ اجراء قانوني ضد الشركات التي تصدر الخام بشكل مستقل عن الحكومة المركزية.
وقال لعيبي إن بغداد ستمضي قدما في الاجراءات القضائية ضد جينل وكل الشركات الأخرى التي تتعامل في نفط “مهرب” مضيفا أن من حق بغداد أن تمنع مثل هذه المعاملات.
وأضاف أن الوزارة ممثلة في سومو أرسلت خطابا لجينل وهي شركة تنقيب انجليزية تركية بتفاصيل موقفها. وأحجمت جينل عن التعليق.
وجاء نقل الخام بالشاحنات مباشرة إلى تركيا بعدما تم تعليق الصادرات الكردية عبر خط الأنابيب الذي تسيطر عليه بغداد بين العراق وتركيا نتيجة خلاف بسبب مدفوعات الحكومة المركزية لشركات النفط العاملة في كردستان.
وسددت بغداد دفعة واحدة في 2012 للشركات لكن مسؤولين عراقيين قالوا الشهر الماضي إنهم لن يسددوا دفعة ثانية لشركات النفط لأن كردستان لم تصل لمستوى الانتاج المتفق عليه في سبتمبر أيلول.
وخيرت بغداد اكسون العام الماضي بين العمل في كردستان أو الاستمرار في الحقول الجنوبية فاختارت الشركة الأمريكية بيع حصتها البالغة 60 بالمئة في حقل غرب القرنة-1 بجنوب البلاد وشركة النفط الوطنية الصينية هي المرشح الأقرب لشرائها.
وقال لعيبي إن اكسون لم تبلغ وزارة النفط بعد إن كانت قد عثرت على مشتر. وأضاف أن الوزارة لن تتراجع عن موقفها الواضح وهو أنه سيسرها أن تستمر اكسون في حقل غرب القرنة-1 شريطة أن تلغي جميع عقودها مع كردستان. ومضى يقول إن نمو الانتاج من حقل غرب القرنة-1 استمر بالرغم من التوتر. ورويال داتش شل شريك بنسبة صغيرة في الحقل.
وقال الوزير إن العقد يمضي بسلاسة وهناك تقدما جيدا حيث يبلغ الانتاج نحو 400 ألف برميل يوميا.
وأضاف أنه يتوقع مزيدا من الاضطرابات في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وكردستان حيث توجد بعض حقول اكسون. وتابع إن اكسون ستواجه معارضة حقيقية من سكان تلك المناطق وإنه أبلغ الشركة بذلك. واشار الى إن العمل في كردستان سيضر بسمعة اكسون على الأقل لأن المنطقة تسوق خامها من خلال “التهريب” عبر تركيا وإيران.
ومن المتوقع أن تسهم كردستان بنحو 250 ألف برميل يوميا في الصادرات التي يستهدف العراق أن تبلغ 2.9 مليون برميل يوميا في 2013. وقال لعيبي إن صادرات العراق وانتاجه سيتراجعان بدون الخام الكردي.
وأضاف الوزير أنه كان من المقرر أن تسهم كردستان بنحو 175 ألف برميل يوميا في الميزانية الاتحادية في 2012 لكنها سلمت متوسطا قدره 61 ألف برميل يوميا مما أدى لخسارة قدرها 4.5 مليار دولار.
وقال الوزير إن العراق أسرع مصدري النفط نموا في العالم مازال يتوقع مكاسب كبيرة هذا العام إذ من المقرر أن يبدأ الانتاج في حقلي مجنون الذي تديره شل وغراف الذي تديره بتروناس الماليزية في جنوب البلاد.
وبعدما عانى قطاع النفط العراقي بسبب عقود من الحرب والعقوبات بدأ انتاج النفط يرتفع بشدة في 2010 بعدما وقعت بغداد عقود خدمات مع شركات مثل بي.بي وايني واكسون وشل.
وبلغ متوسط الانتاج 2.9 مليون برميل يوميا العام الماضي والصادرات 2.4 مليون برميل يوميا بزيادة 600 ألف برميل منذ التوسع.
وخفض لعيبي وفريق من الوزارة معدلات الانتاج المستهدفة من الحقول الجنوبية الرئيسية تمشيا مع هدف انتاج اجمالي أقل يبلغ تسعة ملايين برميل يوميا مقارنة مع هدف سابق قدره 12 مليونا.
وقال لعيبي إن المستوى المستهدف لحقل غرب القرنة-2 الذي تتولى تشغيله لوك أويل تم خفضه إلى 1.2 مليون برميل يوميا من 1.8 مليون برميل يوميا في السابق. وسيتم توقيع العقد المعدل الذي تم مد أجله إلى 25 عاما غدا الخميس. واضاف إنه تم أيضا الاتفاق على خفض مستويات الانتاج المستهدفة لحقلي مجنون والزبير اللذين تديرهما ايني الايطالية مضيفا أنه سيجري توقيع العقود خلال أسابيع.
وتريد لوك أويل أن تحل شركة صينية ربما تكون سي.إن.بي.سي محل شتات أويل النرويجية كشريك لها في غرب القرنة-2 وقال لعيبي إن الوزارة لا تمانع.
ويتم التفاوض حاليا بشأن مستوى الانتاج المستهدف لحقل الرميلة وهو أكبر حقل في جنوب العراق وتتولى بي.بي تشغيله.