ان الاختلاف في وجهات النظر امر صحي ويكاد يكون هو القاعدة وما خالفه استثناء ، ذلك لان لكل انسان رأي يختلف عن غيره ، فهو كبصمة الاصابع لا يمكن ان تتطابق بين اثنين على كوكب الارض ، ولان الدستور العراقي يكفل للانسان العراقي حرية التعبير وفق ضوابط احترام اراء الاخرين وعدم المس بهم والتهجم عليهم و و والخ.. مما هو متعارف عليه في بلادنا وباقي بلاد خلق الله ، ولان العراق بلد ديمقراطي ومن حق مواطنيه التعبير عن ارائهم ، خرج ابناء محافظة الانبار في تظاهرات حاشدة قطعوا فيها الطريق الدولي منتفضين على حكومة الرئيس المالكي التي يشغلون فيها عدة وزارات ، مطالبين اولا باطلاق سراح المعتقلات ، حدث هذا على خلفية القاء القبض على حماية وزير المالية رافع العيساوي ، ومن ثم تطوت المظاهرات وزادت رقعتها لتشمل محافظات اخرى و طلبات اخرى ، وليتوافد اهل السياسة الراغبين بنيل حصة دسمة من اصوات الناخبين على مقر المظاهرات الذي تحول الى اعتصام وقد ضمن اغلب هؤلاء الساسة تلك الحصة عدى السيد المطلك الذي خرج بخفين ولم استطع ان اتاكد انهما لحنين او غيره ممن حضروا التظاهرة على ان الشهادة تقال انه يتمتع بلياقة عالية هو وافراد حمايته ومن رافقه .
ان اشد ما نفتقد في بلدنا والبلاد التي بمستوانا هو ثقافة الاختلاف الذي قد يصل الى حد العراك بالايدي والارجل بين الاخوين لقضية سياسية تتعلق بالسودان مثلا، وقد يؤدي خلاف على (دعابل) بين اطفال الى تحول الزقاق وربما المحلة الى ساحة معركة و(يا ويله اللي سيارته طابكه بالشارع) وقد يصل العراك بـ(النعل ) بين اختين او صديقتين على خلاف بسيط قد يتعلق بوصفة لطبخة معينه ، ولا يطبق القول: ان الاختلاف لا يفسد للود قضية الا على شاشاتنا الفضائية العراقية وبرامجها السياسية الباهته التي تظهر الكل مبتسمين ومتحابين ومتفقين وان خللا فنيا اصاب القمر الصناعي عطل سات هو الذي سبب فقدان الرؤيا الواضحة لدى المشاهد وان الحياة لونها بمبي بمبي بمبي .
ولو وضعنا مظاهرات الرمادي في كفة الميزان ووضعنا في كفة اخرى الضوابط والمعايير القياسية للمظاهرة في أي بلد من بلدان الكوكب حتى وان كان متخلفا لوجدنا عدة حقائق لا تحتاج الى حاسبة او ورقة وقلم بل كما يقال : حساب عرب ، ومن هذه الحقائق ان المظاهرات قد خرقت مبدأ احترام حرية الاخرين فالشعارات التي رفعت كانت بقمة العنصرية ، كما ان رفع اعلام النظام السابق ورفع صور (جريذي العوجة ) ورفع صور اردوغان وميماتي باش ، واعلام تركيا وموزمبيق وشرق استان واعلام الجيش السوري الحر واعلام دهن العرب الحر، قد افقدت المظاهرة موضوعيتها وشرعيتها ناهيك عن الهتافات الطائفية والتصريحات العنصرية ، ليخرج بعد ذلك الفريق اول الركن الرفيق عزت ابو الثلج ليتحفنا بخطابه الرنان ولتزاح الستارة عن الممثلين وتسقط كل الكواليس .
ايها الاحبة لست طائفيا ولكن لي مذهب احبه والتزم بتعليماته ، كما اني لا اطلب من الاخرين ان يتركوا اديانهم ومعتقداتهم وينضموا الي او ان يقاطعوا بني قوميتهم و(يذبون جرش ويانا) لكن اوجه خطابي الى الجميع وخاصة الاغلبية الشيعية العراقية لقد قال الاخوة في الانبار ونينوى وصلاح الدين كلمتهم وعبروا عن كل ما يجول بخاطرهم ولم يبقوا لنا عذرا اذ ادلوا بدلوهم وها هو واردهم يلقي على مسامعنا ويرينا ما استقر عليه امرهم ، ودعونا من مساعي السيد مقتدى الصدر التي لا اجد لها طائلا ومواقفه التي يتخذها بالضد من الرئيس المالكي ، ومحاولاته للتقرب والتقارب التي لم نستفد منها الا الظاهر ، اقول: متى سوف نقول كلمتنا الفصل.. والله من وراء القصد.