أصبح اعلان نتائج الانتخابات يمثل قلقاً لدى الناخب والكيان والمرشح منذ أن جرت أول انتخابات في العراق عام 2005. لن أرجع الى تلك الانتخابات التي كانت تُدار في جزءٍ كبيرٍ منها بمساعدة الفرق الدولية للانتخابات لكون اجراء عملية انتخابية ضمن معايير دولية لم يكن يعرفها أو شهدها العراق منذ تأسيس الدولة العراقية. ولكنني أبدأ بانتخابات مجالس المحافظات 2009 التي أُعلنت نتائجها وبنسبة 90% بعد أربعة أيام فقط من يوم الاقتراع ، وكانت مقبولة وحازت على رضا الاحزاب والمرشحين المشاركين وعموم الناخبين لأنها أفصحت عن الفائزين وعدد المقاعد للاحزاب بشكلٍ تقريبي وبنسبة كبيرة.
أما انتخابات 2010 التي كانت تُعلن نتائجها بشكلٍ جزئي وبنسب بدأت من (20% ثم 40% ثم 70% … وهكذا) الى أن أُعلنت نتائجها النهائية بعد 19 يوماً من انتهاء عملية الاقتراع . وقد وُجهت في حينه العديد من الانتقادات الى هذه الآلية وأُتهمت المفوضية والاحزاب بتعمد التأخير، إذ ذهبت بعض الجهات الى إعتبارها مدة للصفقات والتفاهمات السياسية.
ولغرض تقليص مدة اعلان نتائج الانتخابات ، نظمت دائرة العمليات في مفوضية الانتخابات يومي 24- 26/7/2011 ورشة عمل للإسراع بإعلانها وقد تكفلت بتنظيمها المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية (آيفس) ولمدة ثلاثة أيام في أربيل بحضور عددٍ من المدراء العامين وموظفين آخرين في المفوضية وخبراء دوليين.
درست الورشة أهم أسباب تاخير النتائج وتوصلت الى تقليص المدد ليكون إعلان النتائج الأولية بعد 3 إلى 4 أيام من إنتهاء الانتخابات وبنسبة تصل الى 09% على مستوى الكيانات فقط ، وذلك لطمأنة الكيانات السياسية والناخبين بأن أغلب الأصوات قد أُعلنت . أما إعلان النتائج النهائية فسيكون بين 8-10 أيام من يوم الاقتراع بدلاً من 18- 20 يوماً وهو مشروط بتطبيق التوصيات التي خرجت بها الورشة وأبرزها تقليص مدد اجراءات الشكاوى والطعون الانتخابية وإجراءات تدقيق مراكز العد والفرز.
للأسف ، لم يدعم مجلس المفوضين في حينه الورشة لا في التنظيم ولا في الأخذ بتوصياتها أو حتى دراسة توصياتها ومناقشتها ، وأهمل التقرير المقدم اليه رغم التأكيد عليه بأكثر من كتاب رسمي. وبقيت هذه التوصيات – التي كان من أهمها هو تقليص مدة اعلان النتائج الى النصف – في أدراج مكاتب المفوضية حتى اليوم ، ولا نعلم سبب ذلك !!
أما في ما يتعلق بنتائج انتخابات مجلس النواب 2014 فقد كانت اكثرها إثارةً للشكوك بعد أن أُعلنت بعد 20 يوماً من يوم الاقتراع وهي المدة الأطول بين مدد اعلان النتائج في الانتخابات العراقية منذ 2005.
وفي حالة انتخابات مجلس النواب المقبلة التي ستجري 12 مايو 2018 ستختلف مدة إعلان النتائج نظراً لاستخدام أجهزة العد والفرز ، أو كما سُميت ( أجهزة تسريع نتائج الانتخابات) . وأعلنت المفوضية في تصريحات سابقة بأن الاعلان سيكون خلال بضع دقائق فقط ، بعذاك استمعنا الى تصريحات تقول أنها ستظهر خلال بضع ساعات فقط ، ولكن بدون تحديد أي نوع من التصويتات هي المقصودة ؟ وهل هي على مستوى الأحزاب أم المرشحين ؟ ونحن نقول بأن الاعلان سوف يكون على مستوى القوائم الانتخابية وليس المرشحين وللتصويت العام فقط وبنسبة عالية من مجموع أصوات الناخبين.
أما النتائج النهائية فلن تُعلن قبل 15 يوماً بسبب خضوع قسم من المحطات الانتخابية الى تحقيقات وتدقيقات – بسبب الشكاوى أو المخالفات التي قد تُثار بشأنها – والتي تنظر فيها الهيئة القضائية للانتخابات التي تتألف من ثلاثة قضاة غير متفرغين للنظر في الطعون المحالة إليها من مجلس المفوضين أو المقدمة من قبل المتضررين من قرارات المجلس مباشرة إليها ، تعقبها مصادقة المحكمة الاتحادية ضمن مدة عشرة أيام في حالة اذا لم تأخذ الهيئة القضائية بطعون قد تُقرر إعادة التصويت لجميع او لجزء من المحطات الانتخابية ، كما حدث في انتخابات مجلس النواب 2010 عندما قررت إعادة العد والفرز اليدوي لجميع محطات الدائرة الانتخابية (بغداد) والتي قاربت 12000 محطة أو صندوق اقتراع مما أخرَّ مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات الى يوم الأول من حزيران/ يونيو 2010 ، بعد أن كانت قد جرت الانتخابات في السابع من آذار/مارس من نفس العام.
ولعل اسباب التأخير يعود الى القانون الانتخابي والانظمة الصادرة عن المفوضية حول الشكاوى والطعون أو الاجراءات الخاصة بالتدقيق في مراكز التدقيق في المحافظات أو لدى استخدام التصويتات الخاصة ومنها التصويت المشروط. فبالنسبة الى اجراءات الشكاوى والطعون فانها قد تؤخر اعلان النتائج لمدة تصل الى 15 يوما وكما في موضح في أدناه :
تقدم الشكوى في محطات الاقتراع او مكاتب المحافظات ومراكز العد والفرز والمكتب الوطني خلال (2) يومين تبدأمن ساعة بدء الاقتراع وتنتهي في نهاية الدوام الرسمي لليوم التالي.
لم يحدد نظام الشكاوى أو اجراءات الشكاوى الصادرة عن المفوضية المدة التي ينظر فيها مجلس المفوضين الشكوى، مع ذلك فهي ينبغي ان لا تزيد عن (3) ثلاثة أيام.
تنشر قرارات مجلس المفوضية في (3) صحف يومية لمدة (3) ثلاثة أيام على الأقل وفي الموقع الالكتروني الرسمي للمفوضية لمدة ثلاثة ايام أيضاً ، ويجب ان تتضمن القرارات المنشورة إشعاراً للاطراف المتضررة بحقها في الاستئناف امام محكمة الموضوع خلال مدة (3) ثلاثة ايام تبدأ من اليوم التالي لآخر نشر.
تفصل الهيئة القضائية للانتخابات في الاستئناف خلال مدة لا تتجاوز العشرة أيام من تاريخ إحالة الطعن من قبل مجلس المفوضين .
هذه المدد تكشف بوضوح أسباب تأخير اعلان نتائج الانتخابات النهائية في الانتخابات العراقية على مستوى الأحزاب والافراد الى مدة قد تزيد عن 15 يوماً ، تعقبها مصادقة المحكمة الاتحادية ضمن مدة عشرة أيام – كما سبقت الاشارة اليه –
من كل ما تقدم نجد ما يثسر الغرابة والدهشة أنّ أحداً من المعنيين ، لا يقبل بأية اجرءات تعمل على تقليص هذه المدد الى النصف تقريباً كخطوة أولى كما في حالة توصيات ورشة تسريع نتائج الانتخابات آنفة الذكر!!