18 نوفمبر، 2024 2:37 ص
Search
Close this search box.

هل تطيقون سنة أخرى مع المالكي؟

هل تطيقون سنة أخرى مع المالكي؟

استلم المالكي رئاسة الوزراء قبل ست سنوات، ليس لكفاءته في إدارة الدولة أو تحصيله المهني بل لأن الأكراد زعلوا على ابراهيم الأشيقر الذي كان يعد ولا يفعل الا ما هيج العنف الطائفي. وفي سنواته الأربع الأولى كان المالكي يتحجج بوجود المليشيات والقاعدة والجيش الأمريكي، حتى إنقلبت الأنبار وديالى وصلاح الدين والموصل والمناطق الأخرى على القاعدة وانقلب هو على مليشيات الصدر بدعم أمريكي بسلاح الجو والبر فتحسن الوضع الأمني نوعاً ما. ثم انتهت الأربع سنوات وفـُرض نوري المالكي على العراق من جديد في ولايته الثانية بمساعدة إيران والأمريكان ومنذ ذلك الحين ونحن في أزمة تلد أخرى.

قبل عام وفي نفس يوم الأنسحاب الأمريكي أنقلب المالكي على أحد شركاءه نائب رئيس الجمهورية وزج بحمايته في السجن وعرض اعترافاتهم المفبركة ودفع بالقضاء للتدخل منذ اللحظة الأولى لسد جميع منافذ الحل وأمكانية معالجة الموضوع وتحجج بأن القضية من إختصاص القضاء وليس له أي دخل فيها ولكن القول شيء والفعل شيء آخر. كما إنقلب المالكي على رجال الصحوات بعد أن وعدهم بالمكافئة وتوظيفهم وإعادة بناء مدنهم، فقـُتل من قتل من قادة الصحوات بظروف غامضة. ووعد المالكي المواطنين الذين خرجوا في تظاهرات في عموم العراق يطالبون بإصلاح إدارة الدولة والبنى التحتية ومكافحة الفساد وتوفير فرص العمل، وعدهم بتحقيق ذلك خلال مائة يوم ولم يفعل فقال أحتاج الى مائة يوم أخرى وهكذا، ولكن كما يقول المثل أوعدك بالوعد واسقيك يا كمون. ثم انقلب المالكي على حلفاءه في الأئتلاف الوطني ولكنه ترك شعرة وحيدة لم يقطعها معهم هو ضغط إيران لنصرة المذهب. بعد خروج الجيش الأمريكي لم يفعل المالكي ما وعد به، فقد صرف مليارات الدولارات على البنى التحتية والمشاريع الوهمية والمجاري ولكن هطول الأمطار قبل أسبوع فضح وعوده الزائفة فغرقت بغداد وبقية المحافظات. ولم يخجلوا من القول أنهم لم يتوقعوا هطول هذه الكمية من الأمطار، ثم يزور المالكي ومحافظ بغداد ورئيس مجلسها الأحياء والشوارع التي فاضت وهم بأحسن البدلات وبأجمل القيافة بدلا من النزول مع العمال بالجزم وبدلات العمل، أعملوها على الأقل عرضاً مسرحياً للكاميرات لكي  يقول المواطن أنكم تهتمون بأمره. في مثل هذه الأحوال في البلدان التي تحترم مواطنيها يستقيل المحافظ ورئيس الوزراء لعدم الأيفاء بالتزاماتهم الوظيفية ويقدموا للعدالة.

افتعل المالكي أزمة مع الكرد وهو الذي وقع على أتفاقية أربيل التي على أساسها تم تشكيل حكومته وبعد المماطلة والتحجج قال ان في الأتفاقية خرق للدستور وأرسل قواته لمحاربة الكرد. وأفتعل أزمات مع المحافظات الغربية كما أفتعل أزمات مع الأحزاب الأخرى حتى صارت أزماته في كل يوم. أما في قضايا الفساد التي يقوم بها مكتب المالكي ومقربون منه ومستشاروه ومنها على سبيل المثال صفقة السلاح الروسي والبطاقة التموينية والمشاريع الفاشلة، ففي كل مرة يظهر المالكي أو أحد مستشاريه ليزف الينا خبر تشكيل لجان تحقيقية تلو الأخرى، وما اللجان الا للتسويف ومن إعتاد على الكذب كيف له أن يفي بالوعد. وفي كل مرة تحصل تفجيرات يذهب ضحيتها المواطن البريء يعدنا المالكي بتشكيل لجنة أمنية للقبض على الجناة وإنزال القصاص فيهم. ولكن بدل التحقيق الكفوء والمهني تقوم قوات المالكي بمداهمات عشوائية في مناطق بعينها لأعتقال أي رجل يصادفونه أمامهم ليوضع تحت طائلة قانون مكافحة الأرهاب الذي أصبح داء للوطن وليس دواء، وإذا دخل جنوده بيتاً ولم يجدوا صاحب البيت اعتقلوا النساء وزجوهن بالسجون وعذبوهن ليعترفن على أزواجهن وأبنائهن وإخوانهن من شدة وقساوة التعذيب الذي يعتبره  جندرمة المالكي رجولة كما تباهى به أحد أعمدة مخابراته بأنه يستطيع جعل كائن من يكون أن يعترف خلال ربع ساعة بقتل الحسين عليه السلام. فلو تحقق وأن أعتقل المالكي وعذبه هذا الضابط بنفس الأسلوب فبالتأكيد انه سوف يعترف على أقرب الناس اليه بل سيعترف المالكي بأنه هو من قتل الحسين ليتجنب التعذيب ويخلص نفسه. ولكن هذا هو كرسي الحكم كل من يمتطيه يعتقد أنه مخلد فيه ولا يناله ما كان يذيق به معارضيه. والغريب أن المالكي ووزارة داخليته وما يسمى بوزارة العدل أنكروا بشدة وجود التعذيب واستنكروا الدعوات التي تصاعدت في البرلمان لأطلاق صراح الأبرياء والسجينات اللائي أخذن رهائن بدل ازواجهن ومن هؤلاء المستنكرين نساء في البرلمان فبدل أن يكن عوناً للنساء أصبحن يحرضن على التعذيب.

المعروف ان صاحب الأزمات لا يعيش بدون أزمة، ففي الأيام القليلة الماضية أرسل المالكي عصابتة الى وزارة المالية وتم إعتقال حماية وزير المالية رافع العيساوي بتهمة الأرهاب والقتل الا أن المالكي يريدنا أن نصدق انه لا علم له بما حدث. العيساوي كان نائبا للمالكي لأربع سنوات وله حماية رسمية ويسكن المنطقة الخضراء ثم أصبح وزيراً للمالية وها هو بعد سنتين يتهم بالأرهاب ويتكرر نفس سيناريو أعتقال حماية الهاشمي وأحكام الأعدام. لا نعرف العيساوي لا من قريب ولا من بعيد ولكن رب سائل يسأل ماذا عمل العيساوي ليستحق كل هذا؟ لفك طلاسم هذه الأعتقالات نقول لحد الآن لم يسلم المالكي حسابات السنوات الماضية من ميزانية الدولة الى البرلمان بحجج واهية ومماطلات، فهل أن العيساوي لم يسعفه بتزوير الحسابات الماضية كما كان يفعل صولاغ لكي تظهر صرفيات الحكومة بأحسن حال. ثم ان العام القادم هو عام انتخابات والمالكي يريد صرف المكافئات والرشاوي للعشائر والسياسيين والجيش والشرطة والقضاة ليمهدوا له بالفوز في الأنتخابات بالأغلبية الساحقة ويشكل الحكومة لوحده دون الحاجة الى أصوات رفاقه من التحالف الوطني. فربما العيساوي أصبح حجر عثر أمامه فأراد التخلص منه وتعيين وكيل وزير يحقق له ما يريد بعد ان تخلص من رئيس البنك المركزي وفتحت له خزائن العراق دون رقيب. والغريب أن قوات المالكي تقول أن إعتقال حماية العيساوي جاءت على خلفية أعترافات حماية الهاشمي. كلام لا يصدقه حتى المجنون فلماذا لم تعترف حماية الهاشمي على حماية العيساوي قبل سنة من الآن عندما اعتقلوهم ومن اول جلدة وسوط ورفسة وصعق كهربائي؟ ثم أن حماية الهاشمي حوكموا وانتهت محاكمتهم بالأعدام قبل أشهر عديدة وتم التنفيذ فكيف يأتي الميت ليعترف على غيره الا في حكومة المالكي التي صارت حكومة كذب ونفاق بامتياز؟ لا نقول ارحموا عقولنا لأننا لا نصدق من كذب علينا عشرات المرات ولكن نقول ارحموا عقولكم على أقل تقدير. وكما فعل مع الهاشمي دفع المالكي بالقضاء للتدخل في نفس اليوم والتصريح بأن حماية العيساوي أعترفوا بارتكاب جرائم قتل تمهيداً لأتهام العيساوي نفسه وسداً لكل محاولة تهدئة. وعلى خلفية هذه الأعتقالات خرج مواطنو الأنبار الذين أنتخبوا العيساوي ليكون نائباً عنهم في البرلمان الى الشوارع للأعتراض على هذه الحملة المفبركة على نائبهم، ونفس الشيء سيحدث لو أعتقلت حماية أي من النواب والوزراء، اليس إعتقال الحمايات هو مقدمة لأعتقال أي وزير أو نائب لأن اللعبة أصبحت مكشوفة ومكررة؟ لقد طالب المتظاهرون ورفعوا لافتات بمطالبهم من إطلاق المعتقلين والمعتقلات الأبرياء وعدم كيل التهم جزافاً بحجة قانون الأرهاب وعدم التهميش وتوفير الخدمات التي وعد بها المالكي قبل سنتين. وكعادته الغريبة قال المالكي إن على المتظاهرين تقديم طلباتهم مكتوبة الى مكتب رئيس الوزراء لدراستها حسب القانون وكأنه لم يسمع بمطالبهم وحاجاتهم وهي التي تتكرر على ألسنة الناس في كل المحافظات وفي كل يوم ومنذ سنوات من عدم توفير الخدمات والكهرباء والماء والبطاقة التموينية وترميم المدارس والطرق وتوفير فرص العمل، فأي مطالب جديدة التي يريد أن يعرفها المالكي؟ وعندما تخرج مظاهرات شباب التغيير يوم 25 كانون ثاني سيطلب منهم أيضاً تقديم طلباتهم مكتوبة ويرسل اليهم قواته للتنكيل بهم.

والمضحك أنه بعد استمرار مظاهرات الرمادي أمر المالكي بتشكيل لجنة سماها ” لجنة العقلاء ” لزيارة السجون والأطلاع على أحوال السجينات بعد عدم هدوء مظاهرات الرمادي بل لحقتها مظاهرات أخرى في محافظات أخرى. يبدو ان كل اللجان التي شكلها المالكي سابقاً كانت لجان المجانين. نسأل المالكي الم يُطرح موضوع السجينات رسمياً في البرلمان ونفيته جملة وتفصيلاً، فلماذا لم تشكل مثل هذه اللجنة؟ تشكلت هذه اللجنة من أتباع المالكي وقامت  بزيارة وزارة اللاعدل فقال لهم الوزير أن عدد السجينات لا يزيد عن 980 سجينة معظمهن ارتكبن جرائم قتل أو تهريب للسلاح وهن محكومات حسب قانون الأرهاب وحسب الدستور وحسب العدالة المالكية أما البريئات فقال المالكي ان عددهن لا يتعدى أصابع اليد وانه سوف يطلق سراحهن – ها مو تقول القضاء مستقل – ولكن بالمشمش. ثم ماذا عن بقية السجون السرية في المنطقة الخضراء والغبراء التابعة الى الداخلية والدفاع والمخابرات والأمن الخاص وقوات التدخل وقوات بغداد ومكتب المالكي و و و… بالتأكيد نزلاء هذه السجون سوف لا يرون بركات لجنة العقلاء. وحتى في سجون وزارة اللاعدل فهل سيعرض السجناء والسجينات معاناتهم بكل حرية أمام تلك اللجنة أم أنه وبعد ان تخرج اللجنة تبدأ السياط تنهال على أجساد المعتقلين إن هم اشتكوا وتحرق أشرطة التصوير لزيارة اللجنة؟ مسئولي هذه الوزارة أخذوا هذه اللجنة الى بعض السجون بعد أن هـُددت السجينات بعدم البوح بأي تعذيب تعرضن له، بل الغريب أن التلفزيون الحكومي عرض إحدى السجينات التي ادعت أن معاملتهن جيدة جداً وطعامهن طيب جيداً ويعملن بالحرف اليدوية والخياطة في السجن وعندهن من يعلمهن القراءة والكتابة ويعاملن معاملة حسنة ولا ينقصهن شيء. يقال أن أحد البخلاء أختطف إبنه من قبل إحدى المليشيات فاتصلوا به وقالوا أن ابنك معنا إدفع لنا خمسين مليون لأطلاق سراحه. سألهم هل يأكل بشكل طبيعي قالوا نعم، هل تدعونه ينام قالوا بلا، هل تدعونه يستحم قالوا نعم، فقال لهم طيب تعالوا خذوني معه. وكأن حال هؤلاء السجينات يقول أنهن في نعيم ويطالبن بجلب أقاربهن للألتحاق معهن في السجن ففيه كما يبدو عيشة راضية هانئة مريحة يحسدها عليهن المواطن خارج السجن.

من يريد أن يعرف شخصاً فلينظر الى ماضيه والى أقواله وأفعاله، فما هو ماضي المالكي القريب وماذا حقق للشعب. يقول المالكي في مقابلة تلفزيونية بمناسبة انتهاء العام الماضي أنه حقق خلال سنة 2012 علاقات جيدة مع الدول العربية والأجنبية لأنهم فتحوا سفاراتهم في بغداد وقد غادرت القوات الأمريكية وتحققت السيادة والكل يعرف ان العراق أصبح تحت السيادة الأيرانية. لم يذكر لنا المالكي في مقابلته علاقته مع الشعب والأحزاب العراقية وعلاقته بالأكراد وعلاقته بشركاء المذهب والدين وانجازاته في المجال الأقتصادي والأداري والتعليمي والصحي وأعماله الخدمية وكم فرصة عمل وفر بدون رشوات ومحسوبية ولكنه يرمي الأخفاقات كلها على وزراءه وكأنه مثل الأطرش بالزفة. إذا سألنا المالكي كم هو عادل وكم هو صادق بالتأكيد سيقول عشرة من عشرة ولكننا نعرف ان المالكي إذا قال كذب وإذا وعد أخلف، فكل ما يعدنا به هو تشكيل لجان توضع على الرفوف ثم تـُنسى، وأخيراً نقول أنه حتى المثل القائل ” أسمع كلامك أصدقك أشوف أفعالك اتعجب ” لا ينطبق على المالكي وزمرته لأن حتى كلامهم كذب فكيف بأفعالهم؟ فلم تعد تنطلي على المواطن الأكاذيب، والشعب يدعو من أجل الخلاص من هذه الزمرة التي فرضت عليه ونرجو أن لا تدوم سنة أخرى معهم.

أحدث المقالات