17 نوفمبر، 2024 10:46 م
Search
Close this search box.

تظاهرات الانبار.. وغياب الدور الاميركي.. والمخاطر المحتملة!!

تظاهرات الانبار.. وغياب الدور الاميركي.. والمخاطر المحتملة!!

غياب الموقف الاميركي من مجريات تظاهرات الانبار وباقي محافظات العراق يطرح أكثر من علامة إستفهام بشأن الصمت الاميركي عن أخطر أزمة تواجه البلد، في وقت تلزم الحكومة نفسها الصمت، عما يطرحه المتظاهرون من مطالب مشروعة، وسط اجراءات يتم التمهيد لاستخدامها تكاد تؤدي الى  إشعال أزمات طاحنة لايعرف الا الله مصيرها، وما ستؤول اليه من خراب ودمار للبلد ، نتيجة عدم وجود إرادة حقيقية للاستماع الى مطالب المتظاهرين ، وتنفيذ تلك المطالب، ما يجعل الوضع العراقي الحالي في غاية الصعوبة والتعقيد،أزاء هذه اللامبالاة ، على صعيد الداخل العراقي وفي أوساط الأمم المتحدة والولايات المتحدة على وجه الخصوص.

أجل ان الغياب الاميركي المتعمد ، رغم صبغة التظاهرات السلمية وفق الاساليب الديمقراطية، ومشروعية المطالب ، الا ان الموقف الاميركي الصامت والذي يتصف باللامبالاة أزاء أسوأ أزمة تعصف بالبلد، يضع الكثير من المتابعين للشأن العراقي في وضع الحيرة والارتباك، أزاء صورة مشوهة للديمقراطية تحاول الدولة تصويرها، وكأنها عنف تخريبي، في وقت يعرف القاصي والداني ان تظاهرات كهذه ، هي سلمية وتحمل مطالب مشروعة، يتطلب وقفة جادة من الحكومة والبرلمان اتخاذ موقف سريع، الا ان ما جرى حتى الان من مواقف لايدل ان هناك رؤية للحل، بل اتجاه يميل الى التصعيد وركوب موجة العناد الأعمى وفقدان البصيرة ، ويالتالي فأن البلد يسير الى مجهول، ربما يفوق في مخاطره أزمة دول المنطقة ونيرانها المحرقة.

ان الصمت الذي تظهره الادارة الاميركية وموقف اللامبالاة يؤشر وضعا غير مسبوق في موقف دولة كبرى رهنت العراق بارادتها ، وتركته في أصعب الظروف وفي ظل أزمات طاحنة، لاتتخذ من المواقف  ما يعيد التوازن الى الحالة العراقية، ما يؤشر مثل هذا الموقف غيابا مقصودا، لايظهر أي تعاطف مع ممارسات ديمقراطية كانت تتغنى بها الادارة الاميركية ليل نهار، واذا بمن يمارسها ممن لاترضى عنهم الادارة الاميركية، وقد ادارت لهم وجهها غير عابئة بالاخطار المحتملة جراء هكذا سياسة ، أقل ما يقال عنها انها لاتعبر حتى عن المصلحة الاميركية التي لابد وان ينعكس الوضع العراقي سلبا على الولايات المتحدة نفسها، التي اذا ما انفجر فيها البارود العراقي ، وفجر أزمات المنطقة برمتها ، وهذا الموقف الامبالاة الذي تمثله ادارة اوباما ، يعكس ازدراء الادارة الاميركية أزاء مطالب العراقيين المشروعة ، وتمثل انحطاطا في القيم الاميركية ، لم يمر به التاريخ الاميركي، من هذا التجني أزاء تهديد للديمقراطية في بلد وضعت الولايات المتحدة كل امكانتها من اجل احتلال بلد والسيطرة على مقدراته ، وبعد ان انسحبت منه تركته وحيدا يلعق جراحتها وأزماته، ولا أحد من الادارة الاميركية يحرك ساكنا من اجل انقاذ العراق من محنته.

ويستغرب ابناء العراق في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى ، من موقف الادارة الاميركية هذا ويعدوه موقفا لا أخلاقيا ويتنافى والقيم الاميركية،رغم ان لاقيم حقيقية للادارة الاميركية وعرفنا ممارساتها الوحشية في العراق يوم كان جنودها يتحكمون بمصير الملايين من ابناء العراق ويذيقونهم مر الهوان، وجاء من بعدهم من يضيق على حياة العراقيين واستخدموا أساليب أسوأ مما استخدمه الاميركان ضد الشعب العراقي، حتى أذاقوه مر الهوان، وبقيت المعارك والازمات السياسية هي التي تتحكم بمقدرات الوضع العراقي ، الذي يعتاش سياسيوه على الازمات وسيلة لابقاء سيطرتهم لاطول فترة مكنة.

أما بالنسبة لموقف المنظمة الدولية فلم يتحرك الا بعد مطالبات كثيرة ، اضطر فيها كوبلر لتقديم نصائح، لكنها باردة لاتغني ولا تسمن ، ولا تنسجم وحجم المعاناة الكبيرة وشرارة الخطر المحتمل في العراق ، أزاء مطالب مشروعة ، راحت الحكومة تدير ظهرها لها، ولا تتخذ المنظمة الدولية وممثلها في العراق، ما يضغط على الحكومة العراقية لكي تحاور شعبها وتنصت لمطالبه المشروعة وتستجيب لها، بالسرعة المكنة، قبل ان تخرج الاوضاع عن السيطرة ويحدث ما لايحمد عقباه.

والأتعس من ذلك كله موقف الجامعة العربية من ألازمة العراقية وسكوتها غير المبرر عما يجري في العراق، وقد تحولت الجامعة العربية الى اداة بيد أميركا تستخدمها حيث تشاء، والافضل لو سميت بـ ” الجامعة الاميركية ” لانها لاتمثل ارادة الشعوب العربية ولا تدافع عن حقها المشروع في الحياة، وهي الان تتفرج على أخر أزمة يعيشها العراق منذ احتلاله من قبل الاميركان ، وحتى الان، ويسجل العراقيون على الجامعة العربية غيابها الكامل وموقفها غير المشرف مما يجري في العراق، ولا ادري لماذا بقي هذا الهيكل الخرب، ينخر في الجسد العربي لايحل أزمة ولا يساعد في إطفاء حرائق العرب، أو يضع حدا لبلاوي حكامهم وطغيانهم على شعوبهم، وتحولت الجامعة العربية للأسف الى “ناد ليلي” لمن يريد ان يتلهى بمآسي العرب ولياليهم، ويشرب كؤوس الخمر مع بائعات الهوى، في وقت يتجرع العراقيون، مرارة الألم ومصير بلد لايعرف الا الله ماذا تخبيء لهم الاقدار من ويلات وكوارث، كان الله في عون العراقيين على بلواهم، لكن الخيرين منهم سيكتبون في سفر التاريخ العراقي، مايسر الخاطر ويعيد التوازن الى المعادلة العراقية المختلة، وكان أهل الانبار وهم أحفاد كل هذا التاريخ المشرف القريب والبعيد، هم الذين سيكتبون مفخرة العرب، في انهم هم الرجال الاوفياء الميامين الذي لايخشون في الله لومة لائم، وهم رجالها الصيد عندما تدلهم بهم الدنيا، وكانوا حقا أهلوها الابرار الذين تشرفت بهم كل الدنيا ، على انهم الرجال البررة الصادقي العهد،  فكانوا وما زالوا عنوان الشرف العربي، مايرفع رؤوس كل العرب، بعون الله، ومعهم كل أخيار العراق الطيبين في محافظات العراق في الموصل وصلاح الدين وديالى وكركوك ، وفي مدن الجنوب ، التي لديها رجال أوفياء وهم عرب أقحاح، وقد وجدوا في وقفة أهل الانبار ما يرفع رأس العراقيين وكل أرجاء المعمورة المدافعة عن المثل العليا والقيم الرفيعة، وهم أهلوها على كل حال.

أحدث المقالات