تزامنا مع الاستعدادات الجارية للإنتخابات العراقية المزمع إجراءها في أواسط أيار القادم، فإن هناك تصريحات مختلفة تطلق من جانب قادة و مسؤولين عراقيين عن إحتمال عودة تنظيم داعش للعراق، والذي يزيد المخاوف و التوجسات هو إن هذه التحذيرات رافقتها و ترافقها نشاطات و تحرکات للتنظيم المتطرف الارهابي في مناطق مختلفة من العراق بما يضفي على هذه التحذيرات شيئا من المصداقية.
حقبة بروز داعش التي بدأت في حزيران عام 2014، هي واحدة من أکثر الحقب وخامة و سلبية ويحمل الشعب العراقي الکثير من الذکريات السوداء عنها، ويبدو أن الشعب العراقي لم يلتقط أنفاسه بعد ليعود مرة أخرى لمرحلة جديدة من سطوة هذا التنظيم الاجرامي في العراق، ولکن، الذي يلفت الانظار أکثر من اللازم هو لماذا عاد موضوع داعش تزامنا مع قرب الانتخابات العراقية القادمة؟
السؤال الذي علينا طرحه قبل الاجابة على السؤال السابق هو: من الذي کان المستفيد الى أبعد من ظهور و بروز تنظيم داعش الارهابي في حزيران عام 2014، و إستيلائه على أراض عراقية شاسعة؟ من دون شك فإن هناك إجماع على إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية کان هو المستفيد الاکبر من وراء ذلك، بل وإننا يجب أن لانتجاهل هنا ماسبق وأن تم إثارته بشأن توقيت ظهور و بروز داعش في عام أيلول/سبتمبر 2013، والذي لعبت فيه المخابرات الايرانية و السورية و حکومة نوري المالکي وقتئذ دورا مهما في تهيأة الاجواء المناسبة لذلك، وذلك لرفع الضغط عن النظام السوري وقتئذ بسبب إتهامات له بقصف غوطة دمشق بالاسلحة الکيمياوية، ولاريب من إن کل ذلك کان موثقا بالارقام و الادلة، وإن التحذيرات المتکررة من داعش و عودته للعراق، هي مسرحية جديدة تم إعدادها في أقبية المخابرات الايرانية و الحرس الثوري، من أجل ضمان هيمنة أذرعه و أتباعه في العراق على نتائج الانتخابات، خصوصا بعد أن صار هناك مايمکن وصفه بمسعى وطني عراقي و عربي و دولي من أجل الحد من النفوذ الايراني على العراق.
الدور و النفوذ الايراني في العراق والذي هو أساس و مصدر أغلب المشاکل المستفحلة التي يعاني من العراق و شعبه، وإن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي يعيش واحدا من أسوأ المراحل التي مر بها منذ تأسيسه و إحتمال أن يواجه إندلاع إنتفاضة جديدة عارمة تقودها منظمة مجاهدي خلق خصم طهران اللدود، يريد بمختلف الطرق أن يوحي للشعب الايراني من إنه مازال يمسك بزمام الامور في المنطقة وإنه ليس مرفوضا و مکروها لدى شعوب و بلدان المنطقة کما تؤکد منظمة مجاهدي خلق، ولکن، هل سيستطيع النظام الايراني إستغلال ورقة داعش للمرة الثالثة وسط الاوضاع المتوترة التي تعيشها المنطقة و في خضم إنفضاح الدور الايراني فيها؟