يقال أن في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها أكثر من (1800) مركزاً للأبحاث الإستراتيجية، لتفكيك وتحليل التحولات الجديدة بالمنطقة العربية وتأثيراتها على العالم بأكمله، وزاد على ذلك أن أمريكا خلال عهد الرئيس الأحمق دونالد ترامب، قامت بتأسيس مكاتب جديدة لجماعات الضغط السياسي وصناعة اللوبيات، بغية إشغال المنطقة بالنزاعات، وهذه المعارك لا تحتاج منها إلا معركة خطاب نارية واحدة، كفيلة بإشعال وسائل الإعلام وجعله ينبض بالقضايا الساخنة.
أمريكا دائما ما ترسل لحلفائها من حكام الدول العربية وتحديداً الخليجية رسائل واضحة، بأنها الحليف المناصر والعادل في الوقت نفسه، فهي تدافع عن حقوق المتطرفين، من جيش الإسلام في منطقة دوما السورية، وتحاول بشتى الطرق نشر الحجج والإنتهاكات ضد الحكومة السورية، وإيهام العالم بعدم صلاحيتها لقيادة الشعب، لأنها كما تدعي تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد جماهيرها، وهذا ما دفع روسيا لإستخدام حق الفيتو ضدها، لتبني قرار أممي ضد سوريا، وفشلها يعد هزيمة جديدة لسياسة أمريكا الخارجية.
بعد التصعيد الخطير في أراضي الغوطة الشرقية السورية، إثر تحريرها بمساعدة القوات الروسية، وإستشهاد (7) مستشارين إيرانيين لن تسكت الجمهورية الإسلامية في إيران، عن هذا الفعل الخطير الذي تسانده بريطانيا، التي بدورها تريد إستعادة دورها في المنطقة، فباتت الذنب المحرك لأمريكا، لينتج مزيجاً أكثر عدائية في الشرق الأوسط، والذي تقف ضده روسيا بقوة لإستعادة المعادلة الدولية، وشطب نظرية القطب الأحادي المسؤول عن حماية دول المنطقة.
يتوهم المتمنطقون بأن أمريكا هي الأخ الأكبر ذي العضلات والنفوذ اللامتناهي، تضع أصابعها لمعادلة كفتي الميزان، وتقدير الربح والخسارة فيما يخص مصالحها الإقتصادية المتأتية من حروبها بالنيابة، خاصة بعد تصاعد وتيرة صفقات التسليح، مع الدول الخليجية على هامش مؤتمر الرياض، والذي يفخر ترامب بتحقيقها في مجال العلاقات الخارجية، مع الإشارة الى التطورات التي أحدثها ترامب في حكومته، والإستعانة بفريق الصقور لخلق حالة من التشاحن والتضارب مع روسيا، والجمهورية الإسلامية في إيران بشأن إنتقاده للإتفاق النووي.
تستلم الولايات المتحدة الأمريكية اليوم للإغراء القديم، بشن حروب كاسحة ضد بلدان، تعتقد أنها الأضعف في موازين القوى الدولية، لردع الأقوى من الأنداد( إيران وروسيا)، وكبح مسار الإنحدار الأميركي والعجز في إقتصادها، لذا يعد خلق حالة التأزيم السياسي في المنطقة العربية، أحد زواياها القذرة لزعزعة إستقرار الدول العربية، التي تعارض سياساتها الإستنزافية وكسر الأذرع، متخذة من الحكومات المتخاذلة أدوات رخيصة، لإستمرار مسلسلها التآمري على المنطقة.
مثلث الصقور الجدد: (مايك بومبيو وزير الخارجية، وبولتون مستشار الأمن القومي، ونيكي هايلي مندوبة أمريكا لدى الأمم المتحدة)، وهم مشهورون بعدائهم للعرب والإسلام، يمثلون اليوم البنزين الفكري الذي يحتاج له ترامب، لإشعال حروبه على عدد من الجهات العالمية، والتي قد تكون عسكرية أو تجارية، وما تشهده الأيام المقبلة يصب بهذا الاتجاه، فيا ترى ما الهدف من توجيه ضربة عسكرية لسوريا؟ سوى أنه دفاع واضح وصريح عن المجموعات الإرهابية، التي يتبنون حمايتها لإستمرار إرهابها في المنطقة.
مع كل إنتصار عسكري يتحقق بجهود الجيش السوري والقوات المتحالفة معه، تتعالى أصوات من هنا وهناك، لتغيير مجرى الأحداث وتعويض خسائر أمريكا الميدانية في دعم الجماعات المتطرفة، لكنني أعلن مقصدي هنا بقول الحاج رضوان: (عندما يكبر الحديث عن الحرب فإنها بعيدة لأن الحرب مفاجآت)، وإن كان لا بد من الحرب، فالشرفاء يعرفون الطريق من الدموع الى الدروع، نعم إنه إيمان بالأرض، والعرض، والمقدسات، وبلا حدود.