الصحافة الورقية التي احببتها،واحببت ورق الجرائد، الذي رائحته أفضل من العطور الباريسية، فهو ورد شذاه الثقافة والادب،وعطره الكلمات الجميلة الراقية، عطر ساحر يبعث في النفس الراحةو السرور،كانت الصحافة تصدر في مدينتي منذ الصباح الباكر ، الأطفال يحملون الصحف وهم يصيحون (جرائد ومجلات اليوم )، ويتنقلون في المقاهي والأماكن العامة، الجلوس في المقاهي لقراءة الجريدة مشهد يحمل معاني كثيرة منها أن الثقافة بخير، وأن المقاهي هي أماكن للثقافة، وعندما تجلس في المقهى، تقرأ الجريدة وانت تتناول الشاي اوالقهوة،وتسمع احدى الاغاني المفضلة لأم كلثوم او فريد الأطرش او عبد الجليم حافظ، في جو هاديء ينقلك إلى عالم الثقافة والادب ،او تقرأ الجريدة وانت تتنقل في الحافلة بين أحياء المدينة، الصحف والمجلات كانت لها ميزانية من الراتب، ميزانية الثقافة،كانت اخبار الصحف رسمية وصادقة، الجميع كانوا يطالعون الصحف،وبمختلف المستويات (العامل والطالب والفلاح والموظف)، و كانت أسعار الصحف والمجلات زهيدة ، وهناك مجلات وصحف متخصصة،والجريدة كالغذاء اليومي، لكنه غذاء ثقافي،دسمه الأخبار الجديدة والمثيرة (خالي من الكولسترول)لايرفع الضغط ،ولايسبب تصلب الشرايين، غذاء روحي، فيه المفيد والنافع ،هذه المشاهد اختفت من المدينة، وحتى المقاهي فقدت طابعها التراثي الذي يذكرنا بأشياء كثيرة،اليوم وبعد التطور العلمي ، ودخول الناس عالم الانترنت، توقفت الكثير من الصحف الورقية، وحلت محلها الصحف الالكترونية، وتحولت المكتبات إلى محلات لبيع المواد ومطاعم وغيرها، لكن تبقى المشاهد التراثية محفوظة في الذاكرة،وتبقى الصحف الورقية الأقرب إلى قلوب وعقول القراء الذين يحبون رائحة الورق الزكية.