خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في أول تعهد علني بالولاء له، منذ إنهيار الخلافة في سوريا والعراق العام الماضي، جدد مقاتلو تنظيم (داعش)، في بيان نشروه على مواقع للتواصل الاجتماعي، البيعة لزعيم (داعش) الإرهابي، “أبو بكر البغدادي”.
وقالت “سرية أشهاد”، في بيان مقتضب لها – بحسب وسائل إعلام التنظيم -: “إغاظة للكفار وإرهابًا لهم؛ نُجدد بيعتنا لأمير المؤمنين وخليفة المسلمين الشيخ المجاهد أبي بكر البغدادي الحسيني القرشي على السمع والطاعة”.
وأضاف البيان: “نوصي جنود وأنصار دولة الإسلام بما أوصى به الشيخ المجاهد أبو حمزة المهاجر، حيث قال: «يا جنود دولة الإسلام وإياكم أن يضركم خذلان المرجفين ولا تراجع المنهزمين، فإن الله والله ناصركم»”.
أول بيعة علنية منذ سقوط التنظيم..
تعتبر هذه أول بيعة علنية بالولاء لـ”البغدادي” منذ سقوط أبرز معاقله في سوريا والعراق، وعلى رأسها “الموصل” و”الرقة”، وعلى خلفية الإنهيارات التي شهدها التنظيم مؤخرًا.
ويعد مصير خليفة التنظيم مجهولًا، منذ عام 2014؛ إذ أكد مسؤول استخباراتي عراقي سابقًا، أن “البغدادي” لا يزال على قيد الحياة، ويتلقى العلاج في مستشفى للتنظيم بالمنطقة الصحراوية شمال شرقي سوريا.
لكنّ الجيش الروسي أعلن، في منتصف كانون ثان/يناير 2017، أنه يحاول إثبات إن كان “البغدادي” قُتل في غارة جوية روسية بسوريا، في آيار/مايو، من العام نفسه، دون تأكيد ذلك في وقتٍ لاحق.
وكان “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، تحدث هو الآخر عن معلومات حول تأكيدات بعض قيادات في، (داعش)، على مقتل زعيمهم “البغدادي”، وطالما ترددت إشاعات بأن “البغدادي” أصيب؛ بل وربما قتل خلال هجمات، ولكن تأكد فيما بعد خطأ هذه الأنباء.
“البغدادي” توجه للعراق..
فيما رجَح الجيش الروسي، الخميس 5 نيسان/أبريل الحالي، أن زعيم ما يعرف بتنظيم (داعش) الإرهابي، “أبو بكر البغدادي”، لم يعد موجوداً في سوريا، وأنه موجود في “العراق”.
وقال نائب رئيس قسم الإستطلاع التابع لرئاسة أركان الجيش الروسي، “إيغور كوستيوكوف”: “البغدادي موجود على الأرجح في العراق”.
غير أن المسؤول العسكري الروسي أكد أيضاً، في تصريح نقلته وكالة أنباء (إنترفاكس) الروسية، على أن “مكان البغدادي غير معروف على وجه الدقة”.
إجراء تتخذه الجماعات الراديكالية..
الخبير العراقي المتخصص في الجماعات الإسلامية، “هشام الهاشمي”، الذي يقدم المشورة لعدد من الحكومات؛ بما في ذلك “حكومة بغداد” بشأن (داعش) المتشدد، يقول إنها أول مبايعة معلنة بالولاء لـ”البغدادي”؛ منذ إستعادة القوات العراقية السيطرة على “الموصل” في تموز/يوليو الماضي.
ويعتقد “الهاشمي” أن “البغدادي” يختبيء في الصحراء الشاسعة على الحدود العراقية السورية.
وأوضح أن (داعش)، بعد هزائمها في “العراق وسوريا وليبيا”، تفرض تجديد البيعة على أنصارها والمؤمنين بها في جميع فروعها الـ 35، وهذا إجراء تتخذه الجماعات الراديكالية بعد سلسلة من التغيرات في سلم القيادات العليا، لافتًا إلى أنه بالتوازي مع إعلان تجديد البيعة لدولة الظل، أعلنت (داعش) قيادات جديدة عن “غزوة الذئب المنفرد” في جنوب غرب أوروبا .
وكانت ضربات أميركية سابقة قد أفضت إلى مقتل معظم مساعدي “البغدادي”، ومنهم (وزير الحرب)؛ “أبو عمر الشيشاني”، و(حاكم المنطقة العراقية)؛ “أبو مسلم التركماني”، و(المتحدث باسم داعش)؛ “أبو محمد العدناني”، و(حاكم سوريا)؛ “أبو علي الأنبا”.
حرية التواصل ستستعيد “داعش” من جديد..
أشار “د. ملهم الخن”، الكاتب والمحلل السياسي، إلى أن “نشأة (داعش) ودعمهم؛ لم يكن أمر ذاتي، بل كان من قوى خارجية”، لافتًا إلى أن عودة (داعش) مرهونة بمراقبة حركة تمويله، ومحاولة إبعاده عن المشهد من خلال دراسة جميع مصادره.
وقال: “إذا تم ترك حرية الحركة والتواصل لتنظيم (داعش)؛ فإنه يستطيع العودة وبلورة عناصره بشكل أو بآخر من خلال بعض الفصائل”.
حالة إرتداد ساهمت في إرباكه..
قال المتخصص في الحركات الإسلامية، “مصطفى زهران”، أنه لاشك وأن تنظيم الدولة؛ ومنذ سقوط عواصمه الدولاتية في “الرقة” و”الموصل” يعاني من حالة إرتداد ساهمت في إرباك أنصاره والموالين له، وفي أوقات الصراعات والإنهزامات تتراجع التعبئة والتجييش وتنظر الأفراد إلى تلك التنيظمات نظرة أخرى لا ترقى لتلك النظرة القديمة؛ من حيث الإنبهار والشغف بالإنضمام، باعتبارات يوتبية تتمثل في كونها الخلافة الراشدة؛ على سبيل المثال أو الحصن القوي لجموع المسلمين وما شابه، وحين تتراجع هذه الصورة وتتبخر، تؤثر سلبًا على الأطراف والأفراد في تبيعتهم للمركز بما تمثله من قيادة عامة وخاصة تتحكم في هذا الجمع من الراديكاليين والمتعاطفين معهم”.
وأضاف؛ أنه في موازاة ذلك لابد من الوعي بحقيقة هامة ترتبط بتنظيم الدولة على وجه الخصوص، وأن تجربة الإقدام والإحجام والتقدم والتراجع ليست وليد التجربة الأخيرة، إذ أن لها تاريخ سابق وقت “أبو عمر البغدادي” و”أبو حمزه المهاجر”، وزير الحرب في الدولة الإسلامية بالعراق، حسب وصفهم، إذ تراجع التنظيم أمام ضربات القبائل العراقية في 2010؛ كما تصفهم أدبيات التنظيم بـ”الصحوات”؛ ثم تقدمت مع “أبو بكر البغدادى”، في 2014، لذا في خلال فترات الصعود والهبوط حوى التنيظم أدبيات لأقوال زعمائهم ومنظريهم تجمع بين النقيضين.
للتأكيد على التبعية للدولة..
أشار “زهران” إلى أنه تعتبر هذه البيعة، التي تعد البيعة الأولى العلنية لـ”أبو بكر البغدادي”، تأتي في هذا السياق وهو التأكيد على التبعية للدولة ومواصلة الجهاد وأن لم يتخلف أحد، ومن المتوقع أن تتوالى البيعات قادمًا، خاصة وأن التنيظم مؤخرًا بات يعيد تموضعه في أماكن متفرقة في ذات الأماكن التي خرج منها، فضلًا عن بسط سيطرته في ولايتين، هما الأهم والأكبر، “ولاية خراسان” و”ولاية غرب إفريقية”.
لذا يمككنا تفهم هذه البيعة للتأكيد على وحدة الدولة وشرعية خلافتها والقتال من أجل خليفتها المنضوون تحت ولايته وحكمه، الذى يرونه بمثابة الدولة الإسلامية الراشدة؛ وإن تراجعت فستعود مره أخرى.
والبيعة من الناحية الشرعية؛ جزء أصيل لدى الدولاب التراثي الإسلامي، وتوظفها التيارات الجهادية الراديكالية لإسباغ الشرعية عبر استعادتها على كياناتها الناشئة ممثلة في تنظيم الدولة أو (داعش).