الشيعة منذ نشأتهم يشعرون بالظلم، فكما قال النائب الأستاذ بهاء الاعرجي قبل سنوات قليلة: الشيعة ظُلموا من عهد أبي بكر حتى عهد احمد حسن البكر!! ففجّر الأعرجي فتيل الطائفية حينها، والآن أصبح نابذاً للطائفية ومناصراً لمطالب أهله في الأنبار!! وكأنّ “أبو درع” لم يكن يأتمر بأوامر أخيه الأكبر حازم؟!
إن أكثر المواقف حزنا للشيعة هو مقتل الحسين بن علي “ع” ومنذ ذلك العهد لم يكف الشيعي عن البكاء والحزن، ربما لم يشهد التاريخ الشيعي انتصاراً يذكر إلا انتصار إسلاميي الشيعة في إيران ووصولهم إلى دكة الحكم ١٩٧٩، بقى الحزن والشعور بالظلم مخيّماً على الشيعة حتى سئمت إيران كلمة “الشيعي المظلوم” وقرّرت أن ترسّخ الانتصار للشيعة في أذهان الناس ومن دون الخروج عن دائرة المظلومية، فبثت عبر قنواتها مسلسل المختار الثقفي الذي يأخذ بثأر الحسين “ع”.. لقد أعاد المسلسل ثقة الانتصار والانتقام في الجسد الشيعي وأصبح بكاؤه على الحسين بكاء المنتصر المنكسر، إنّ المظلومية تبرّر الانتقام في الأذهان، ولتقريب المبنى: في أفلام هوليوود حينما يقتل المجرمون عائلة بطل الفلم ويحرقون أجسادهم وهم نائمون في أسرّتهم، فبطل الفلم مهما فعل بعد هذا الحادث من قتل وتدمير وحرق فإنّ المشاهد سوف يبرّر له الانتقام لأنّه ظُلم في بادئ الأمر!!
لقد زاد مسلسل المختار من اعتقاد الشيعي بمذهبه ومثّل كل منتقم له بمختار يأخذ بثأره، فصار المالكي مختار عصره في العراق! انتقم ممن ظلم الشيعة وأوّلهم صدام وأعوانه، الذين وافق على إعدامهم الواحد تلو الآخر وملاحقته للبعثيين “ربّما السنة منهم”.
إنّ للثأر حدود فلربما يذهب الثأر الثقفي بعيداً فيخرج من دائرة المختار ويلتحق بدائرة الحجاج الثقفي الذي كان ثأره انتقاماً وتشفياً لنفسه الأمّارة بالسوء ووقاية من الثورات والانقلابات.
إخوان سنة وشيعة هذا الوطن منبيعه، كذب صاحب هذه الأرجوزة في هذه الظروف، فمن ناحية الشيعة والسنة، ربما كانوا إخواناً فيما سبق قبل ظهور التيارين المتعصبين في العالم الإسلامي التيار السلفي والتيار الشيرازي، اللّذين يتراهنان على العواطف ويتصيدان في الماء العكر كما يُقال، ويعرفان من أين تؤكل الكتف، ويسقّطان من يكون معتدلاً ومتوازناً ومقرباً وموحدا، سلعتهم الرابحة هي الطائفية، الفتنة سلاحهم الفتاك الذي يذهب ضحيته من لا ناقة ولا جمل بتفاهاتهم.
وكذلك كذب صاحب الأرجوزة في الشقّ الثاني وهو أن الوطن لا يبيعه أبناؤه، نبدأ من الشمال: الأكراد باعوا وطنهم ويريدون الاستقلال وإعلان دولة، العرب السُنّة طالبوا مراراً وتكراراً بالإقليم والفيدرالية، والعرب الشيعة كذلك من أكبر أمانيهم أن تُعلن المحافظات الجنوبية إقليماً ليتمتعوا بثرواتهم الهائلة لوحدهم، الثروات الطبيعية والسياحية وغيرها..
أصبحت المسألة في العراق طائفية شئنا أم أبينا، السني إن لم يكن يريد إسقاط المالكي فإنه يتعاطف مع من يطالب بإسقاطه، والشيعي وان لم يكن يريد بقاء المالكي فسيكون متعاطف مع من يريد نصرته وبقائه، والبقاء لله وحده.