في احدى كلماته الفكرية في توضيح ما تعرضت له الملحمة الحسينية من تشويه يقول العالم الشهيد مرتضى مطهري ( استشهد الامام الحسين ثلاث مرات : الأولى على يد اليزيديين بفقدانه لجسده، والثانية على يد أعدائه الذين شوّهوا سمعته وأساءوا لمقامه،
أما الثالثة فعندما استشهدت أهدافه على يد أهل المنبر الحسيني،وكان هذا هو الاستشهاد الأعظم)
لا تزال المواقف وردود الافعال تجاه دعوة المرجع اليعقوبي وتوجيهه للنساء المؤمنات بعدم المسير مشيا الى كربلاء من المحافظات البعيدة تلقى صدى واسع في الاوساط الاجتماعية والدينية في داخل العراق وخارجه ، وتراوحت الردود بين التأييد والرفض والملفت للنظر ان التأييد كان بالدرجة الاولى من المجتمع المدني حيث انبرى العديد من الكتاب والمثقفين لمباركة هذه الخطوة التي تشوه مسيرة الاربعين المليونية نتيجة المخالفات الشرعية التي ينتج عنها الاختلاط في المسير ومحطات الاستراحة .
ورغم ان التوجيه كان واضحا وان المخاطب به بالدرجة الاولى النساء المؤمنات اللاتي يردن الاقتداء والتاسي بسيرة السيدة فاطمة الزهراء (ع) وابنتها الحوراء العقيلة زينب (ع) الا ان بعض المتفيقهين اعتبروا ذلك فرصة لتصفية الحساب وتأليب الرأي العام على صاحب التوجيه خصوصا ان الموضوع يتعلق بالنساء اللواتي يتميزن بالعاطفة المفرطة تجاه كل ما يتصل بالشعائر الحسينية .
ولذلك كان اول مظاهر التحريف والتسقيط هو التعميم بان اليعقوبي أصدر منع للنساء من اداء الزيارة واخرون ارادوا ان تتوسع المسألة لتتوسع الهجمة فقالوا بان اليعقوبي منع المشي مطلقا ؟ ولهذا جاءت استفتاءات بعض الشخصيات الدينية لتؤكد هذا التحليل من خلال تحريك الماكنة الاعلامية لهم بتقديم استفتاء لضرب الشيخ اليعقوبي واتهامه بالخروج عن التشيع ومعاداة الامام الحسين (ع) ومحاربة شعائر الله تعالى ؟!
وعندما تتوسع الحرب ضد المرجع اليعقوبي بهذا المستوى الخطير من الانتهاك والتحريض فإن حملة القتل المعنوي قد بلغت أوجها بالنسبة لهؤلاء المتصيدين والمناوئين للاصلاح والتجديد للقضاء على مرجعية اليعقوبي التي تهدد كيانهم المتهرئ والأيل للسقوط نتيجة الهزات التي احدثتها ثلة الاصلاح العلمائية ابتداء من السيدين الجليلين والعلمين المرجعين السيد ابو الحسن الاصفهاني ومحسن الامين العاملي مرورا بكاشف الغطاء والصدرين الشهيدين والسيد الخميني والشيخ المطهري والمفكر محمد حسين فضل الله والعالم الجليل ناصر مكارم الشيرازي وعميد المنبر الحسيني الشيخ الوائلي وغيرهم وانتهاء بذروة المصلحين وحامل راية الاصلاح الشيخ محمد اليعقوبي .
ان يتبارى سماسرة الشعائر وعلماء السوء لممارسة هذا الضرب الداخلي والقتل المعنوي بهذه الوقاحة والوضوح فذلك دليل على ان المسالة اصبحت تشكل خطرا يهدد كيان الحوزة العاملة عموما ومقام المرجعية الشريفة النائبة ذات المنهج الحركي خصوصا ولا زالت ضربات الحرب على فضل الله يتناثر غبارها رغم رحيل هذا العالم المصلح منذ ثلاث سنين ولا تزال مجاميع المتهتكين والمتلفعين بعمامة المذهب الشيعي تنزا على المنابر والفضائيات لتنهش رفات فضل الله لمواقفه وارائه الجريئة الى اليوم ؟!
وربما ما اثار علماء السوء والمتقمصين زورا ثوب القيادة للشيعة وتياراتهم الدينية هو كلمة في ثنايا ذلك التوجيه يبدوا انها فضحت مخططاتهم الدنيئة وهدمت احلامهم المريضة بفصل المجتمع الشيعي عن قيادته الشرعية وربط المجتمع فتوائيا بأذنابهم وبعض المأجورين المتنعمين بهباتهم المادية وهو ما عبر عنه المرجع اليعقوبي بكلامه الدقيق والخطير بنفس الوقت بقوله ( اصبح البعض يمارس قضية الحسين (عليه السلام) كإرهاب فكري لجبر الناس على قرارات لا يرضون بها ) واوضح كذلك في اتصال مع الشيخ حسن الصفار (اننا نخشى أن يتحول ديننا إلى دين عوام يحتوي على تشريعات ما أنزل الله بها من سلطان يفتي بأحكامه منشدو المراثي الحسينية) .
الحملات المنظمة انطلقت عبر فضائيات متعددة لبيت العائلة الفلانية التي تنتهج نظام الوراثة في مرجعيتها ولتنطلق بعد ذلك عبر منابر الخطباء الريزوخونين ورودايدهم ومكاتب مراجع الحيض والنفاس كما عبر عنهم السيد الشهيد الصدر الثاني (قد) ولتنتهي في منابر الجمعة للتيار الخارج على وصية السيد الصدر الثاني (قد) والتي اشارت بالنص للشيخ اليعقوبي لتبوء منصب القيادة المرشحة لشغر منصب قيادة التيار الصدري بعد الشهيد الصدر (قد) وهكذا يمكن ملاحظة حجم تلك الهجمة واتساع نطاقها لتشمل مواقع التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك وتويتر) وغيره ولينبري الجهلاء من كل حدب وصوب لا لرفض الفتوى او مناقشتها وإنما لرفض وجود المرجع اليعقوبي وتسيقطه وضرب مرجعيته بكل الوسائل المتاحة والتي تفتقد الى الجانب الديني والاخلاقي معا .
ان حجم الحملة المسعورة من المؤسسة الدينية المناوئة للاصلاح والمهادنة للوسط الاجتماعي الشيعي والاخطاء التي يحفل بها دلالة على حجم الثقل الاجتماعي للمرجع اليعقوبي في الاوساط الاجتماعية العراقية بالاضافة الى عجز اولئك الفاشلين عن مجاراة نسق الشيخ اليعقوبي في العمل الاسلامي وعجزهم ايضا عن ايجاد الحلول الكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة السلبية وغيرها من الظواهر الدخيلة على الدين والشعائر هو دليل افلاسهم وعدم تقبلهم للفتوى اولا ومبرراتها الواقعية ثانيا لأن اولئك المتفيهقين لا زالوا يعيشون في سجونهم الاختيارية وسيبقون يعيشون بعيدا عن المجتع وقضاياه ويكتفون بالنقل والواسطة من الاخرين لبناء احكامهم الشرعية وفتاواهم الدينية .
في الاخير لا يصح الا الصحيح لأن الله تعالى قال في محكم كتابه العزيز ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) وسينتصر ولو بعد حين من يمثل جبهة الاصلاح وراية الاصلاح التي كانت شعار انطلاقة ثورة ابي الاحرار الحسين الشهيد (عليه السلام) على جبهة التخلف والجهل والانحراف .