بعيد سقوط الطاغية تهافت اصحاب العمائم تهافت الجراد على الدولة ، ومن لم يجد عمامة فالمحابس واللحى والجباه المسودة بالباذنجان المحروق كانت شفاعة لمن يروم نهبا وسلبا للدولة وبمأمن من حسابها ومحاكمها ، بل حتى الالفاظ استبدلت ليصبح الاستاذ حجي والمدير سيدنا والمسؤول شيخنا ناهيك عن مولانا واغاتي وهلم جرا الى جهنم…
واللطيف بالامر ان العمامة ورغم تاريخها المشرق في النزاهة والتقوى الا ان تاريخها كذلك صاحبها ثقافة شعبية ساخرة منها ، وكنا لسذاجتنا وقابليتنا على التقشمر نتقبل مايطرحه المدافعين عن العمامة وقدسيتها لنعزي السخرية الشعبية الى مؤامرة حيكت من اعدائنا لاسقاط العمامة وطهارتها ليسقط الدين من بعدها ، وكان تراثنا الشعبي يضج بامثال وقصص مضحكة عن المعمم وانغماسه في ملذات الدنيا ليستخدم العمامة كطاقية اخفاء لانغماسه هذا ، ومن الامثال البغدادية التي اوردها زلزلة في كتابه الامثال البغدادية وقصصها ” انجب ولك تمام مجابل الجبلة بس حارف راسه على صفحه ” وهذا المثل بحد ذاته يعطي الصورة الدقيقة لما نشهده من العمامة المتحركة في الساحة السياسية اليوم…
ولكن هذا لايعني ان الحكم مطلق على كل من تعمم فالشواهد التاريخية للمجاهدين من اهل العمائم تجعلك تخشع لما يمتازون به من زهد وتقوى واخلاص وتضحية في سبيل الله والمستضعفين من الناس ، نعم نستطيع ان نقول ان الصورة العامة اليوم للمعمم في الاوساط الاجتماعية هي صورة ” حارف راسه على صفحه” واما اهل الورع والتقوى فانه يندر وجودهم اجتماعيا ويعدم سياسيا…
وصل الامر بفضل عمائم السياسة ان يتوجه المواطن الى البحث عن مومس او قواد لينتخبه بدلا من اهل العمائم وابناء الاسلام السياسي معللا بحثه وانتخابه هذا بان الاساءة العظمى التي تعرض لها المجتمع العراقي تمثلت في استهداف منظومته الاخلاقية والقيمية والتي ترتكز ارتكازا وثيقا على الدين وتعاليمه ، وهذا الاستهداف جرى على يد المعمم السياسي والاحزاب والجهات الاسلاموية التي غمرت رائحة فسادهم النتنة جميع ثنايا واجواء الشعب العراقي…
بلى من المؤلم ان نجانب الصواب لنرمي الحق خلف الظهور وبشعارات حق يراد بها باطل من قبيل نصرة المذهب والدين واعلاء كلمة الله ، ومن المخزي ان نجد شعائرنا الدينية تبث من قنوات تلفيزيونية وجدت بسرقة اموال الشعب والدولة ، ومن الفضائح ان نجد هذه الاحزاب والجهات الاسلاموية تعتدي على الاملاك العامة لتجعلها مقرات لاحزابهم ونشاطاتهم الداعرة في اللعب بمقدرات الشعب المسكين والبلد المحتضر….
وعودة الى العنوان والذي ازجاه احد المسودة في عيناه الدنيا ومافيها وهو يشهد باسم الدين وباسم الحسين تنتهك الحرمات وتسرق الاموال ، ازجى هذا العنوان ليعبر عن غضبه وامتعاضه ليفضل من يمارس القوادة على من يرفع على رأسه العمامة السياسية في الانتخابات القادمة ، فاننا وطلبا للاجر والثواب نكمله بمقطع اخر ليصبح شعارنا كمواطنين نساءا ورجالا في هذا الزمن الوضيع :
الا قواد يرشح فاجتبيه … فهذا المعمم لاخير فيه
الا مومس ترشح فاجتبيها … فهذه الملاية لاخير فيها
نعم نطلب الاجر بتعرية وفضح من طلب الدنيا بالدين ونطلب الاجر بذكر ابي الاحرار سيد الشهداء لنصرخ بوجوه المتاجرين به ليجعلوه صانع قطيع بدلا من صناعته الحقيقية التي انتجت الصدرين والشهداء والصالحين…
فالسلام على الحسين والسائرين على خطاه