قيل في الأثر أن شبيه الشيء منجذب اليه، تلك الكلمات دهمت مخيلتي اثناء مشاهدتي مقطع فيديو لبعض مرشحي تحالف القرار الانتخابي، وهم يتجولون في منطقة تقع وسط العاصمة بغداد، لطالما عانت بسبب الافكار التي نشرها العديد من قادته تحت عنوان “المظلومية”، مستخدمين أساليب رخيصة “لكسب” تعاطف المواطنين، وهم اليوم يعودون عن طريق شخصيات ساهمت بخلق الفتنة خلال السنوات الماضية، وهددت اكثر من مرة باستهداف مناطق ذات “طائفة” معينة لدعمها الحشد الشعبي، ليبلغنا احدهم ذات مرة بان “الأحزمة الناسفة والمفخخات لن تتوقف مادامت منابر تكفير أهل السنة عامرة”.
مقطع الفيديو اثار العديد من ردود الأفعال وحظي “بسخرية كبيرة” على مواقع التواصل الاجتماعي لكون قادة التحالف “المشكوك” بقدرته على الحفاظ على تماسك مكوناته بعد الانتخابات يَرَوْن في هؤلاء فرصة للتغيير كما يقولون، ويسعون “لتلميع” صورهم امام “عُبَّاد الله”، لتحقيق مصالح شخصية وكسب مادي يمنحهم “الحصانة” لارتكاب المزيد من “الحماقات”، لكن الفرحة لم تستمر طويلا حتى ظهر المرشح ذو الرقم واحد في تحالف القرار عن محافظة بغداد خميس الخنجر، وهو يعلن انسحابه من السباق الانتخابي مبررا “كعادته” بالزهد وتفضيل مصلحة الوطن والمواطن كما يدعي.
الخنجر اخبرنا في بيان مطول قائلا “انني لم افكر مطلقا بدخول الانتخابات لأني اعتقد أن وجودي خارج صندوق العملية السياسية يمنحني قدرة أكبر على التحرك للدفاع عن أهلي وفي العمل على تصحيح مسار العملية السياسية، ولكن لرغبة اخواني في قادة التحالف ورأي جمهورنا في المشروع العربي؛ دخلت لدعم القائمة في بغداد، واليوم ارى نفسي اقرب للبقاء مدافعا عن قضية العراق العادلة في المحافل الدولية والعربية، واقرب الى خدمة الناس”.
بيان الخنجر لم ينته عند هذه الكلمات، وإنما زاد عليها وهو يتفاخر “بقدرته” على تشخيص الفاسدين وكيف يقتلعهم من جذورهم، لكونهم يفزعون من كلامه، قد يضحك بعضكم من هذه الكلمات حتى يسقط “مغشيا عليه” حينما يتحدث احد المتهمين بدعم الاٍرهاب عن الفساد وكيفية محاربته وتناسى كيف كان يروج لداعش من على منابر الاعلام العربي تحت مسمى “الثوار”، وكيف خرج مبتسما “ليلة” سقوط مدينة الموصل وهو يبشر بقرب دخول بغداد، جميع تلك الأحداث مازالت حاضرة في ذاكرتنا، ولا يمكن تجاهلها، على الرغم من محاولات الخنجر ورفاقه ادعاء الوطنية والنزاهة.
انسحاب المرشح الاول في تحالف القرار يفتح العديد من التساؤلات عن الاسباب الحقيقية التي لم تعلن، وخاصة بعد انجازه للمهمة وايصال “لسان” تنظيم (داعش) وماكيناتها الدعائية الى التنافس الانتخابي لضمان تمرير مشاريعه “الطائفية” من دون الحاجة لوجوده تحت قبة البرلمان المقبل، او قد يكون الخنجر استمع لنصيحة صديق مقرب “لحفظ ماء وجهه” قبل صدور قرار قضائي معنون باسم هيئة المساءلة والعدالة لاستبعاده عن الانتخابات، لكنه استبق جميع تلك الاجراءات وغادر “بحيلة” سياسية قد تفتح الباب لتفكك تحالف القرار، خاصة وان هناك صراعا يدور بين ظافر العاني واحمد المساري لشغل التسلسل الاول في قائمة المرشحين.
الخلاصة.. إن جميع تحركات القوى السنية على الساحة أثبتت هشاشة تحالفاتها الانتخابية لاسباب عديدة، ابرزها استمرار صراع القيادات وعدم الاستفادة من “درس” (داعش) في اعادة صياغة خطابها وجعله وطنيا بدلا من اعتماد “المناطقية”، لكون المرحلة المقبلة بحاجة لشخصيات لم “تعزف” على منصات ساحات الاعتصام او “تنفث سمومها” عبر وسائل الاعلام، اخيرا، السؤال الذي يبحث عن إجابة نحتاجها جميعنا، كيف سمحت مفوضية الانتخابات بوصول متهمين بالترويج للارهاب، والتحريض على قتل المواطنين، الى قوائم المرشحين؟