أقوى القادمين الجدد لساحة العملية السياسية في إطارها الدستوري والقانوني هو الشيخ خميس الخنجر الأمين العام لحزب المشروع العربي في العراق ، الذي أخذ صفته القانونية مؤخراً من مفوضية الإنتخابات.
من ميزات القادم الجديد على ساحة الصراع السياسي الانتخابي في البلاد ، هو إن مشروعه انبثق من بين الجمهور المكتوي بعذابات مرحلة سياسية بالغة التعقيد والقسوة ، على عكس التكوينات السياسية الاخرى التي تنبثق ثم تنخرط مع الجمهور ، أي ان الأول شعبياً والثاني نخبوياً ، ويا للفرق بين الاثنين !
وكاريزما قيادته إنه شكّل على الدوام ، مساحة للجدل في أوساط الطبقة السياسية في البلاد ، وتبددت نهائياً والقمت حجراً تلك الأصوات التي كانت تعادي وجوده في الساحة السياسية التي انخرط فيها كقائد من الطراز الأول في قائمة “تحالف القرار العراقي ” وكرقم واحد على رأس القائمة في بغداد .
ولايطرح الخنجر مشروعه كبديل عن القوى السياسية السنية التي ستخوض الانتخابات القادمة ، إلا أنه يقدم نفسه كزعيم سنّي مميز يمتلك الكاريزما التي تؤهله للخوض في هذا التحدي وسط فوضى المشهد السياسي السني وتعقيداته وما آل اليه بسبب سياسات انتهازية ومصلحية وفئوية.
ومن موصفات هذا النمط من القيادات الاستثنائية ، هو أنه رفض كل المناصب الرسمية التي عرضت عليه علنا وتلميحا وسراً من أطراف متنفذة في قيادة البلاد ، لكن الرجل كان يرفض تلك العروض ، ذلك إن وجوده كقائد سياسي يلتف حوله جمهوراً واسعاً ، ليس من المكون السني فقط بل من المكونات الاخرى ، التي ترى في مشروعه مشروعاً وطنيا ، هو خياره السياسي، وإن حاولت أجهزة إعلامها تصويره كمشروع ضيق الافق يخص المكون السني فقط ، كان الخنجر يرى إن هذا الإلتفات هو هويته ومبرر وجوده السياسي ووجود مشروعه كمشروع واعد انطلق من معاناة الجماهير.
ومن هذا المنطلقات النبيلة الأهداف ، كان الخنجر رقم واحد في “تحالف القرار العراقي ” في بغداد ، ليس رغبة في المشاركة بلعبة الأرقام ، فالرجل أكبر منها بما لايقاس محلياً وعربياً وعالمياً ، وإنما لإخراس الأصوات النشاز التي كانت تعزف باسطوانة مشروخة ، ملفقة الأكاذيب ،فوقع قبوله الترشيح والمشاركة في الانتخابات ، بضغط شعبي وسياسي من جمهوره ، كالصاعقة على رؤوس أولئك الذين كانوا يمنّون النفس أن يروا مثل هذا القائد خارج الحسابات السياسية الانتخابية على الأقل!!
وللأمانة التأريخية فإن الشيخ الخنجر لم يكن يفكر مطلقا الاشتراك في الانتخابات كأسم بامكانه ان يحصد أعدادا لاحصر لها من الناخبين من مختلف شرائح الشعب العراقي ، لكنه باحتراف سياسي ، بعد أن ترك لاعدائه وأعداء مشروعه مساحة ضيقة في الافتراءات وواسعة من الغم والهم الذي يعانون منه اليوم ، يعلن إنسحابه من الترشيح للإنتخابات من قائمة تحالف القرار العراقي التي فيها مشروعه العربي كأكبر أعمدتها ، لانه يعتقد بل على يقين ، أن وجوده خارج الدائرة الضيقة للعملية السياسية سيمنحه قدرا أكبر ومساحة أوسع للتحرك مدافعاً عن أهله ، وقوة أشد تأثيراً لتصحيح مسار العملية السياسية ، كما يؤكد للآخرين إن شخصية مثله لاتطمح ولاتطمع بأي منصب رسمي هو في متناول يده متى أراد ذلك .
ولنقطع الطريق على من زال بعض همهم وقرأوا الإنسحاب على هواهم كعادتهم ، نستطيع أن نؤكد ، إن الشيخ الخنجر سيبقى راعياً لمشروعه العربي في العراق ولكل مرشحيه في الانتخابات وداعماً قويا لقائمة تحالف القرار العراقي ، وسيمضي مع هذا التحالف إستراتيجياً حتى تحقيق الأهداف التي رسمها ..
ويخوض الشيخ الخنجر اليوم الإنتخابات النيابية عبر مشروعه العربي في إطار “تحالف القرار العراقي ” كقائمة مشروعها وطني يتجاوز المساحة المحددة للمكون السني ، ذاهبة الى تبنيات الدولة المدنية وحقوق الإنسان وإعادة النازحين وإعمار المدن المهدمة نتيجة الإرهاب وما نتج عنه من حروب قادت الى كوارث أصابت على وجه التحديد المناطق السنّية وحولت بعضها الى ركام ، ومحاربة الفساد والمفسدين .
والمرجح إن الخنجر بقيادته لـ “القرار العراقي ” بإمكانه أن يكون شريكاً قوياً ، مع تحالفات مابعد الإنتخابات ، في رسم سياسة البلاد من خلال حكومة “الشركاء” الحقيقيين ، مع تراجع شعارات الأغلبيات السياسية والوطنية والتسويات التأريخية ، وسقوطها في أزمة التحالفات الضيقة وعدم قدرتها على الخروج من عنق الزجاجة الطائفية.
أمام الشيخ خميس الخنجر تحديات من طراز خاص ، في حال نجاحه في تجاوزها ، أيكون مرشحا قوياً لزعامة وطنية خارج المساحات السنيّة ، خصوصاً مع مقبوليته من أطراف شيعية وسنية بل وحتى كردية فاعلة ، كشخصية وكمشروع ، فضلاً عن علاقاته المميزة بالمحيطين العربي والدولي .
قد لايبدو المشهد وردياً هكذا ، وهو أمر منطقي ، بوجود استحكامات طائفية ضيقة ، وجدران عالية ليس من السهولة إجتيازها ، وفيتوات تتلاعب بمواقفها قوى أقليمية دائما ما كانت ترسم الحدود للآخرين.
للسياسة أيضا رومانسياتها الوردية الخاصة وأحلامها التي عادة ماتكون عصيّة على الواقع ، لكن وجود مشروع حقيقي وطني وقيادة تستبصر وتستشرف وتعاند التحديات ، قد تحوّل تلك الرومانسيات الى حقائق على الأرض ..تلك الحقائق التي ستكون للخنجر بصمته الواضحة فيها.
اولا. شرح اسباب دخول اسمه في قائمة القرار العراقي ولا نتحدث عن الخلافات بل ان الأمر كان لدعم القائمة
ثانيا. انه لم يكن يفكر مطلقا بدخول الانتخابات لأنه يعتقد أن وجوده خارج صندوق العملية السياسية يعطيه قدرة أكبر على التحرك للدفاع عن أهله وفي العمل على تصحيح مسار العملية السياسية. وانه غير طامع باي منصب رسمي.
رابعا. وان من النتائج العرضية لوجود اسمه في قائمة المرشحين المصادقة على ترشيحه بما يخرس جميع الأصوات التي كانت تروج معلومات كاذبة وملفقة بشأنه.
ثالثا. دعمه لقائمة القرار ومرشحي المشروع العربي فيها.
كتابة على الحيطان
هل يكون المشروع العربي الطائر الأبيض القادم ؟
من الجدد القادمين لصناديق الإقتراع ، وهم قلّة ، المشروع العربي في العراق ، الذي يراهن عليه الكثير من السنّة كمكوّن ، من أرضية وحلم الباحث عن منقذ ، وسط ركام المشاريع التي إستهلكتها فوضى العملية السياسية في البلاد منذ إنطلاقتها عام 2003.
ورغم إن المشروع العربي في العراق الذي يرعاه الشيخ خميس الخنجر لم يطرح برنامجه السياسي والانتخابي بعد ، إلا إن الكثير من خطب وتغريدات أمينه العام الخنجر توضح مبادىء إستراتيجية في توجهات المشروع .
فقد ركز الخنجر في أكثر من مناسبة على سعي المشروع باتجاه الدولة المدنية المناهضة للدولة الطائفية والمحاصصاتية بأشكالها السياسية والطائفية والمناطقية ،وقال في لقاء صحفي “أنا خصم للسياسات الطائفية التي تدمر العراق وتدمر اللحمة بين مكونات الشعب العراقي” ، وطبيعياً فان دولة الطوائف هي دولة للظلم المتعمد فيقول الخنجر في اللقاء ذاته ” أنا خصم للظلم الذي يقع على أي مجموعة من مجموعات ومكونات ومجتمعات الشعب العراقي “، رابطا إياه بتغذيته للتطرف فيقول ” أكبر مغذي للإرهاب هو الظلم والتمييز بين مكونات الشعب العراقي ..واليوم يجب ان يعاد رسم هذه السياسات “.
وبذلك يرتقي بخطابه الى فضاءات وطنية متجردة تماما من إنزوائية النظرة الاحادية للظلم ، فالظلم الذي وقع على جماهير السنّة وقع أيضا على جماهير الشيعة ، والدليل هو الاحتجاجات التي شهدتها وتشهدها المحافظات الشيعية رافضة الظلم والتهميش وانعدام الخدمات والخروقات الفاضحة لحقوق الانسان ، وهي المشتركات التي وقع تحت طائلها الجمهور السني !
ولآن الفساد عام وشامل والوجه الآخر للإرهاب ، فان نظرة الخنجر له بالقول ” أنا خصم للفساد المستشري في كل أجهزة الدولة العراقية ” وهي دولة نخرها الفساد المالي والإداري حتى غرقت به حتى قمة الرأس !
وكلها مجتمعة ينبغي أن تعالج برؤية واقعية فيقول الخنجر ” لدينا رؤية لبناء الدولة العراقية ، دولة المؤسسات لادولة الطوائف ، لذلك نسعى بكل ما أوتينا من قوة الى تشخيص الخلل الموجود ” ، وهي رؤية في إطار العملية السياسية ، التي سيشارك فيها المشروع في إطار “تحالف القرار العراقي ” الذي يضم قوى سياسية أخرى من المكوّن السني ، ولولا استحكامات العملية السياسية وآلية إشتغالها ، لكان للمشروع رؤية أكثر سعة للمكونات الآخرى في عملية إنتخابية تحكمها للأسف استحكامات من هذا النوع !
في إطار هذه الرؤية العابرة لمسميات المكون، الى حد مان فان المشروع سيخوض تحديات من نوع خاص في إنتخابات شاب توقيتها وقانونها الكثير من الجدل بين الرافضين والقابلين والزاحفين والمتلونين والباحثين عن المناصب على أكوام الخراب وشلال الدم !
تحديات قوية وشرسة ومتنفذة من داخل المكوّن السني نفسه أيضاً أمام الطائر الأبيض وسط مراهنات قوية لأنواع مختلفة من مرتدي عباءات الطائفية والمال والسلطة لتجييرها في أصوات صناديق الإقتراع !
فهل سينجح الطائر الأبيض الجديد في التحليق في فضاء الوطن ويتميز عن الغربان التي ستخيّم على صناديق الإقتراع ؟
سؤال مطروح للإجابة !!!